آخر تحديث :الخميس - 18 أبريل 2024 - 08:36 م

كتابات واقلام


الدولة التي لا تدين لنا بشيء

الخميس - 28 نوفمبر 2019 - الساعة 01:18 م

د. مروان هائل عبدالمولى
بقلم: د. مروان هائل عبدالمولى - ارشيف الكاتب


عدد كبير من دول العالم المتحضر تنتهج استراتيجية الدولة التي محورها الإنسان "الدولة من أجل المواطن" وفي بعض الدول العكس "الإنسان من أجل الدولة"، وإذا صادف وكانت دولتك من دول العكس، إي استبدادية وأنت مواطن عادي فيها، فعليك أن تفهم بأن هذه الدولة يمكن أن تضحي بك وبمصالحك الخاصة والعامة في أي وقت ولصالح فئة معينة داخل البلاد أو خارجها، وهذه الحالة تظهر وتختفي في عدة ة دول أجنبية وعربية، والجمهورية اليمنية واحدة منها، وعلى الرغم من أن اسم اليمن خارجياً باهت وركيك، بسبب الحروب والتخلف والإرهاب والدبلوماسية الفاشلة، لكنها تظل دولة معترف بها عالمياً، أما داخلياً فأمر دولة اليمن غريب جداً، فهي عندما تحتاج المواطن للزج به في الصراعات الداخلية للدفاع عنها أو فرض ضرائب جديدة أو رفع أسعار البترول والغاز فهي موجودة وحاضرة بقوة، ولكن عندما يحتاج المواطن إلى شيء من الدولة اليمنية ومن صميم واجباتها، مثل وقف انتهاكات حقوق الانسان وأولهم الطفل والمرأة، وصرف الرواتب "المدنيين ومنتسبي الداخلية والجيش" ومحاربة الفساد، فهذه الدولة بقدرة قادر تختفي.



الدولة التي تجبر المواطن على العيش كما تريد هي لا كما يريد المواطن بحاجة إلى إصلاحات جذرية واليمن الموحد دولة تعيش في قطيعة مع الشعب وليس لديها برامج وأهداف وخطط ذات أولوية ولا تستطيع توجيه المجتمع للبدء في التطور أو النهوض مع أن التنمية الطبيعية للدولة كمؤسسة ناجحة اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً وقانونياً وعسكرياً، بكل بساطة يبدأ من ضرورة اعتراف الدولة بحقوق الفرد أو على الأقل تعلن احترام مصالحه فيها ولا تشغله بالحروب والجري وراء الرواتب المستحقة، بينما الكثير من مسؤوليها الفاشلين والفاسدين لديهم حسابات بنكية ضخمة داخل وخارج البلاد يرددون شعار "مصلحة الدولة"، كما لو كانت الدولة اليمنية مكتملة الأركان ومازالت تقف على قدميها وتعمل على إنفاذ القانون وتحافظ على الأمن وتبني المدارس والجامعات والمستشفيات والطرق وتقدم العديد من الخدمات العامة الضرورية، وهي في الأساس دولة بالاسم فقط، تضع نفسها محل الشعب لتمثل مصالح مجموعة معينة (المجموعات الموجودة في السلطة) الأكثر أهمية من مواطني الدولة وحقوقهم، وهناك وبالفعل في تاريخ اليمن الموحد شواهد واضحة عندما تم التضحية بالمواطن بسهولة من أجل مصلحة فئات معينة باسم الدولة، والسؤال: إذن ما هو أكثر أهمية في اليمن المواطن أم الدولة؟ ومن يدين لمن ؟ وحقوق من التي تحميها الدولة عندما تحمي نفسها ؟.



الدولة بنية فوقية على المجتمع، والمهمة الوحيدة لها هي خدمة الناس، ولهذا يجب أن تتزامن مصالحها مع مصالح المواطن، ولكن للأسف تغيب هذه القاعدة عن إدراك الكثير من مسؤولي الدولة في الجمهورية اليمنية، الذين يحبون ويقدسون المال وعيشة الفنادق والفلل المكيفة، والدولة كذلك تحب مسؤوليها وتغفر لهم الكثير جداً من الخطايا الجسيمة وتسامح وتتغاضى عن فسادهم، لأنهم من يشكلها ويديرها بالوراثة ولديهم تحسس شديد من حقوق المواطن وخدمته مع أن الامر الطبيعي لأي دولة ومسؤوليها هو أن يضمنوا العيش لجميع السكان بكرامة ويهتموا بالفقير والغني، وإلا لماذا وجود هذه الدولة ومسؤوليها على الإطلاق؟.



قادة الدولة.. افهموا المواطن اليمني بعد 1994 أن " الشيخ والشخصية أعلى من العامة ومن الدولة" وهذه هي أسوأ كذبة تم تسويقها إلى العامة من الجهلة والبسطاء وهم الأكثرية في اليمن ومن تنظر إليهم الدولة ونخبتها السياسية والدينية والقبلية منذ 1994 على أنهم أشخاص مجهولو الهوية يمكن استخدامهم في غاياتها السوداء، ولهذا يجب على كل شخص في اليمن الاعتناء بنفسه، فالدولة نست شيء اسمه المواطن وخدمته رغم وجود الآلاف من المسؤولين في مؤسساتها الحكومية والبرلمان، الذين لا فائدة منهم ولا يخدمون إلا أنفسهم، بينما المواطن اليمني لا يحلم بمؤسسات حكومية طُوباويةٌ خالية من العيوب، لكنه يريد من الدولة اليمنية أن تدرك بأنه وفي بعض الحالات من الممكن أن يتصالح مع انتهاكات حقوقية ضرورية لمصلحة الدولة، لكن يجب عليها أن لا تنسى أن مفهوم حقوق الإنسان والحريات هي أعلى قيمة، وبالتالي فإن احترام هذه الحقوق والحريات هو أعلى واجبات الدولة، التي اتعبت المواطن بتجاهل التواصل الثنائي الاتجاه " المواطن والدولة ".