آخر تحديث :الأربعاء - 24 أبريل 2024 - 03:18 ص

كتابات واقلام


الولاء للجنوب يقتضي تجنب العيوب ونظافة الجيوب !

الإثنين - 10 فبراير 2020 - الساعة 11:37 م

د. عبده يحي الدباني
بقلم: د. عبده يحي الدباني - ارشيف الكاتب


ياجماعة الخير ماهذا الذي يحدث؟
دوخت بنا هذا الحرب؛ ولا عرفنا لها طرفا ولا اطرافا بشكل واضح وملموس، ولا وجدنا لها ثوابت ومسلمات، ولا استطعنا أن نتصور لها مخرجات، لأن مدخلاتها اصلا غير واضحة. ولا تعرف من معك ومن ضدك حق المعرفة، وغيرها من غرائب هذه الحرب المشبوهة.

تحصل هذه الفوضى حتى في الأمور البديهية والتقليدية في النظام العسكري؛ فقد يخطئ القائد خطأ فادحا ولا نجد أحدا يحاسبه ولا حتى يسائله كأننا في وضع او في مرحلة: من يحاسب من؟ ومن يسائل من ؟ فالجميع قادة؛ وليس هناك احد أحسن من احد؟
أين التراتبية العسكرية؟
وهل هناك قيادة عسكرية واحدة
موحدة تتسلم توجهياتها من القيادة السياسة الجنوبية؛ ثم تعمم ذلك على جميع الوحدات العكسرية؟
اين الريموت كنترول (غرفة السيطرة) العكسرية؟
واذا وجدت هل قادة الواحدات او المعسكرات او مجاميع المقاومة جميعهم ياتمرون بأمرها وينتهون بنواهيها؟
وهل مايقوم به هؤلاء القادة عمل مخطط ومرتب ومسموح به من قبل القيادة العليا للقوات الجنوبية أم ان الأمر يخضع للاجتهادات والأمزجة والمصالح وغير ذلك.؟
ما أعجب هذه الحرب!!
وما اعجب هذا الزمن !!

في منتصف الثمانينات كنت مجنداً في معسكر يتبع القوى البحرية؛ الدفاع الساحلي ، وكنت ذات يوم حارساً في باب المعسكر ؛ فأقبل يمشي رجل مدني نحو الباب فخطابته على بعد أمتار قبل أن يصل إلي: من انت وماذا تريد ؟ فقال انا ضابط من لواء ٢٢ وهذه بطاقتي واريد فلان ابن فلان ابن عمي لزيارته . فقلت له قف مكانك حتى أبلغ قائد الحرس وهو بدوره سيبلغ ضابط الواجب وننظر ماذا يقولون؛ فعندنا تعليمات بأنه يمنع دخول اي احد إلى المعسكر حتى وان كان عسكريا ،الا بموافقة ضابط الواجب.
ومباشرة يظهر أمامنا الضابط المطلوب زيارته ، فقال يا حارس دعه يدخل . هذا ابن عمي وهو عسكري. فسمحت له بالدخول ولم يمر من الوقت سوى عشر دقائق حتى جاء حارس آخر يستلم مكاني؛ ويزج بي في السجن من غير اي نقاش وبعد قليل الحقوا بي قائد الحرس.
وبعد بقائنا ساعة في ذلك السجن المظلم الوسخ ، تم إخراجنا إلى محاكمة عسكرية فورية امام قائد الكتيبة. واحداً بعد واحد ،وحين قلت للقائد إن الضابط فلان طلب مني أن أدخل صاحبه فنفذت امره. فقال لي القائد مزمجراً غاضبا وهل قال لك إنه امر عسكري؟ قلت لا؛ ولكن اعتبرت كلامه أمرا .
لم يعول القائد على كلامي وحكم علي خمسة وعشرين يوما إضافة فوق خدمتي العسكرية وحلاقة صفر لرأسي المنكوش الأشعث . وحكم على صاحبي قائد الحراسة عشرين يوما إضافة وصلعة صفر .
وفي اليوم الثاني كان الضابط الذي طلب مني ان ادخل قريبة أمام قائد القوى البحرية في محاكمة انتهت بتاخير رتبته العسكرية المستحقة لمدة عام.
وهكذا أصبح رأسي ورأس صاحبي يلمعان تحت شمس عدن المتوهجة
كأنهما من زجاج.

أما قادة اليوم فقد خلقوا قادةً وروادا ومقدمين وعقداء، ولم يمروا بوضع الجندي ثم وضع الجندي الأول ثم الرقيب ثم مساعد أول ثم ملازم مرشح ثم ملازم ثان ثم ملازم أول وهكذا حتى يضحوا قادة بحق وحقيق ، وأصحاب خبرة متراكمة ومهنية.
نحن لا شك نحب هؤلاء الشباب القادة، ونفخر بهم ونقدر لهم ما صنعوا من بطولات في طرد الغزو الشمالي وفي مكافحة الإرهاب؛
لكن هذا لا يعفيهم من معرفة
واجباتهم وطرق التعامل مع رؤسائهم
ومرؤوسيهم ولن يشفع لهم هذا في حال وقوعهم في أخطاء جسيمة تضر بأمن الجنوب ومصالحه المختلفة.
ومن هنا فإننا نناشد قيادتنا السياسية
في أعلى هرمها الرئيس القائد عيدروس الزبيدي بتشكيل مجلس عسكري جنوبي يقود كل القوات المسلحة الجنوبية، ويشرف على تأهيلها وتدريبها وتنظيمها وتسليحها
وتثقيفها ويجب في هذه الحالة الاستفادة القصوى من كوادر وقيادات
الجيش الجنوبي السابق في هذه العملية الوطنية المنشودة.

فأي قائد او عسكري جنوبي
لا يستلم التوجيهات من قيادته
المباشرة حسب التراتبية المهنية
المعروفة يجب أن يردع وينذر
فإذا كررها يطرد من الخدمة فالجنوب في غنى عنه.
فالولاء للوطن يستوجب الالتزام بالنظام العسكري الصارم، لاسيما إننا
في أتون حرب وتربص شمالي واقليمي ودولي بالجنوب ، وفي ظل
تواطؤ وتآمر وتورط عدد من الجنوبيين عسكريين وسياسيين، أبوا إلا أن يكونوا خناجر مسمومة في جسد الوطن الجنوبي الجريح وقضيته العادلة ومسيرته التحررية. والله المستعان...

د عبده يحيى الدباني.