آخر تحديث :الجمعة - 26 أبريل 2024 - 10:50 م

كتابات واقلام


إنه حزن الكبار

الإثنين - 17 فبراير 2020 - الساعة 09:57 م

سالم الفراص
بقلم: سالم الفراص - ارشيف الكاتب


لم تكن حالة الاندهاش التي تملكتني وأنا اتصفح الاصدارين الاخيرين للدكتور يحيى قاسم سهل أستاذ القانون العام المشارك في كلية الحقوق جامعة عدن والموسومين (السهل في القانون الاداري اليمني) و(السهل في التشريع الضريبي)، متعلقة أو ناتجة عن تقارب في زمن المؤلفات التي لم ينقطع عن العكوف على كتابتها والتي لم تقتصر على مجال تخصصه كأستاذ للقانون العام، وانما امتدت لتشمل مجالات اخرى فنية وأدبية وتاريخية ميزته عن كثير من حاملي الألقاب الأكاديمية، كون هذا أمراً قد عرفناه به وعنه، وانما ما ادهشني حقاً هو انه كيف وهو في غمرة أحزانه ولهفته وفجيعته كأب مكلوم بموت نجله المهندس طيار معاذ يحيى سهل قد استطاع ان يحيل مساحة الألم وحجم الصدمة التي ألمت به وبأسرته الكريمة إلى فضاء خصب للتأليف والابداع حاملاً ومغلباً هم التفكير بقراءة ومتابعة طلبته وتحديداً في تقديم مزيد من المعلومات والمعارف التي تهمهم وتصنع منهم طالبي علم أكفاء لا يعجزهم ولا يعيقهم توفر المعلومة وحاجتهم لها.
أقول ذلك لاني كُنت أحد الباحثين عنه عقب وفاة نجله لأقدم له واجب العزاء، ولكني لم أوفق فقد غاب عن الأماكن التي كان يرتادها وبالذات يوم الاثنين في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، وكل ما كُنت أحصل عليه من اخبار انه موجود في عدن ولكنه في منزله الذي لم يفارقه منذ مواراة جسد ابنه معاذ الثرى.
وكغيري من محبيه لم نملك غير الدعاء له بأن يجتاز محنته هذه سريعاً، وأن يعود إلينا كما كان ظناً منا انه واقع تحت وطأة هول صدمة فراق الولد.
وما هي إلاَّ أسابيع حتى اصبح الجميع على يقين بأن دكتورنا الأريب كان قد منح نفسه اجازة اكاديمية عكف فيها على تأليف مصنفين في مجال تخصصه ليبر بوعده لولده عند وداعه الأخير بانه لابد ان يفعل شيئاً يخلده فيه ويهديه إليه.
حدث ذلك عندما فاجأنا بطلته البشوشة وابتسامته الودودة يوم الاثنين من الأسبوع المنصرم وقد تأبط رزمتين من الكتب في مقر اتحاد الأدباء والكتاب بخورمكسر، ووسط فرحتنا به وترحيبنا بمقدمه راح يصافحنا كل على حدة سائلاً عن أحوالنا وموزعاً بيننا جديدَهُ في التأليف.
وتحول قلقنا عليه إلى عتاب عن سبب انقطاعه عنا وعزوفه عن الظهور في وسائط التواصل الاجتماعي، وبتواضعه المعهود أخذ يرد على ظاهر وباطن عتابنا بالاعتذار لكونه كان منشغلاً في إكمال ما بأيدينا من صفحات وعناوين.. قائلاً:
ما كُنت لاستطيع ان اغادر غرفتي الخاصة بمنزلي قبل أن انجز بعض ما وعدت فقيدي الغالي به، ولولا شوقي لكم واستعجال الوقت لالتقيكم لما غادرت خلوتي التي مازال ينتظرني فيها العديد من الأوراق والقصاصات والمسودات يتعلق بعضها بعمل فنانين وشعراء وبعضها بسيَر عن المبدعين منهم الأستاذ حامد جامع.
ومن جلسة عزاء ومواساة إلى جلسة ذكريات وإبداع وخلق وإلهام لم يستطع ان يجعلها كذلك إلاَّ قلة قليلة، منهم الدكتور الأستاذ والمحامي يحيى سهل أستاذ القانون المشارك في كلية الحقوق جامعة عدن.