آخر تحديث :الجمعة - 19 أبريل 2024 - 10:58 م

كتابات واقلام


شرعية 1994 ، 2015 اليمنيتان كلتاهما عدو

الإثنين - 04 مايو 2020 - الساعة 02:24 م

د.سعيد الجريري
بقلم: د.سعيد الجريري - ارشيف الكاتب


لعل الاستخذاء لشرعية النهب والفساد والعبث بحاضر الوطن ومستقبله، دليل على تماهي المستخذي مع ثالوث النهب والفساد والعبث. وإن لا، فلماذا يتحفظ أو يرفض البعض "الإدارة الذاتية" بعد أن تبين أن ما يسمى بالشرعية ليس أكثر من قناع لوجوه قبيحة ناهبة فاسدة عابثة، تذله قبل أن تتمنن عليه من ماله؟

تورد حضرموت مثلاً إلى خزينة ناهبيها المليارات ثم تتسول صدقاتهم بذل ومسكنة، وتمد يدها لتلقي المساعدات والمعونات من الأشقاء، وهي واقفة على ثروات البر والبحر ، ثم لا تستطيع، بعد ذلك، تأمين أدنى الخدمات كالكهرباء والمياه والمشافي الحقيقية. هل يسمى عمل كهذا حكمة أو حنكة أو دهاء أم هل يسمى استخذاء وشرعنة لمزيد من النهب والفساد والعبث والإذلال؟

لننظر إلى وجوه المشرعنين لإبقاء حضرموت في كنف الاستنزاف، وكيف توردت وجوههم وتورمت أوداجهم وأرصدتهم، بعد أن دارت في أيديهم الأموال المغمسة بقهر الشعب وعذاباته، ومعانياته، ثم لننظر إلى وجوه الناس البسطاء الذين هم في شارع المقاومة والرفض كيف هي شاحبة شحوب الحق والحاجة والقهر ، لكن يشع من عيونهم بريق الغضب، ونفاذ الصبر على (زناقلة) السلطات المتعاقبة التي أودت بحضرموت إلى مهالك اللصوص (الشرعيين)، بدعوى أنهم يسايسون، ولا يتهورون، وحريصون على. مصلحة حضرموت، بينما هم يخفون ضعفهم وانتهازيتهم، وتماهيهم مع مصالح ضيقة، فتراهم، في موالاة أولئك اللصوص، ملكيين أكثر من الملك.

في حضرموت أغلبية مقهورة لم ترَ من شرعيتي 1994 و2015 اليمنيتين، إلا البؤس والذل والهوان والتجهيل الممنهج وهناك من ممثليها الحضارمة للأسف من كان ومازال عوناً لشرعية الاحتلال وشرعية الفنادق، رغم أن هذه الأغلبية التي ثارت وقاومت ورفضت هي التي أوصلت - بتضحيات الشهداء والجرحى والملاحقين والمغضوب عليهم - من يديرون شؤون حضرموت إلى مناصبهم المحلية والحكومية، فهم موظفون عند هذا الشعب كل بدرجته، فإن أحسنوا سياسة أموره، فهم يثبتون انتماءهم وجدارتهم، وإن قدموا رضا من أصدر قرارات تعيينهم على مصلحة شعبهم، فهم يسقطون عن أنفسهم شرعية بقائهم، لاسيما أن من عينهم لا شرعية شعبية له على الأرض.

لقد أتى على حضرموت حين من الدهر ظن فيه أتباع حاكم صنعاء أن قوتهم من قوته، وكان الشارع يغلي، ويوصف المتظاهرون بأنهم رعاع أو مخربون، ثم لم يمض وقت حتى اتسعت قاعدة الرعاع والمخربين المحترمين، لتصنع عقيدة وطنية شعبية عنوانها الحرية والكرامة.

إن مهادنة شرعية النهب والفساد والعبث اليمنية مضيعة للوقت وخذلان لشعب مقهور تواق إلى العيش بكرامة وحرية على أرضه، وأن يكون له الحق في معرفة إلى أين تذهب ثرواته وموارده، وهو يئن تحت وطأة التعذيب بالخدمات والأزمات والتآمرات والسرقات والقات.