آخر تحديث :الجمعة - 19 أبريل 2024 - 03:54 م

كتابات واقلام


الوحدة اليمنية .. النوايا الحسنة التي تحولت الى جحيم

الخميس - 04 يونيو 2020 - الساعة 10:45 م

د. مروان هائل عبدالمولى
بقلم: د. مروان هائل عبدالمولى - ارشيف الكاتب


الوحدة بين الدول هي قيمة تخلقها الشعوب ، لا نها صاحبة السلطة ومصدر قوة البلاد وتماسكها ، وقبل ثلاثين عامًا وقع حدث سعيد كان من المفترض أن يبقى في تاريخ العالم حالة استثنائية ، تمثل في وحدة الجنوب والشمال ، ولكن بعد فترة قصيرة حول عفاش والاصلاح ولاحقا الحوثي النوايا السياسية الحسنة للوحدة إلى جحيم ، احترقت وذابت معه مشاريع التكامل واحلام وآمال الشعبين في صنعاء وعدن بشكل لا رجعة فيه.

كلمة "الوحدة اليمنية " كانت لها دلالات إيجابية حصرية في القاموس السياسي الجنوبي والشمالي ، كما أن فكرة الوحدة كانت جزء لا يتجزأ من الحزمة الإيديولوجية للشطرين ، التي كانت لا تستطيع صنعاء وعدن اخفائها ، وكان ذلك جليا في اهدف الثورة في الشمال و شعار الحزب في الجنوب ، ولهذا كان توحيد البلاد للشطرين مهمة وطنية و سياسية ، لكن ليس بتلك السرعة الكبيرة .

لا ثبات حسن النوايا سلم الجنوبين في 22 مايو1990 السلطة والارض للشمال ، وعند اكتشافهم فخ الوحدة ذهبوا الى الاردن مره اخرى لا ثبات حسن النوايا و وقعوا وثيقة العهد والاتفاق ، وحتى بعد الاجتياح العسكري الشمالي الاول في 1994 لأرضهم منح الجنوبيين الوحدة فرصة ثانية ، لكنهم حصلوا بالمقابل على تهميش واقصاء وظلم وحرب عفاش- الحوثي 2015 واليوم حرب من الاخوان " الاصلاح" .

حرب صيف 1994 كانت بداية احتلال مكتمل الاركان للجنوب ، اخفى دولة كانت إحدى معالم الاستقرار و الامن الدوليين ، وعلى انقاضها قام عفاش والاصلاح اولا بحذف صورة الشريك في رفع علم الوحدة الرئيس البيض من قنوات التلفزيون ومن ثم قاموا بخصخصة الدولة الجنوبية كاملة بثرواتها ومصانعها وشوارعها ومدارسها ومساجدها ومؤسساتها لهم ولعائلاتهم ، وتحول يمن الوحدة الى ملكية خاصة بيد قبائل تنهبها من داخل البلاد وخارجها .

غالبية المتعلقين بالوحدة هم فقط من المستفيدين منها بشكل او بأخر ، والغريب ان اغلب من يطالب ببقائها هم خارج يمن الوحدة ، وهناك قلة مثقفة في الهضبة وخارجها تتلون وهي تخاطب الجنوبيين عن حقوقهم ، لكن هذا الخطاب يفقد توازنه وعدالته ويسقط النضج عنه عندما تمس الامور فك الارتباط مع الشمال ، فهذه القلة رغم قناعتها بان الوحدة قد انتهت ، إلا انها لا تستطيع التخلص من وجدانها المريض الذي تكون في الطفولة ، بأن الجنوب ليس فرع وليس فيد ، و الى يومنا هذا وبوعي ( او بدون وعي ) لا تملك هذه القلة الجراءة او الضمير على إدانة حرب واحدة لصنعاء على الجنوب ودماره ، رغم إدانتها لحروب الشمال جميعها بما فيها حروب صعدة السته و حتى حادثة الثور الذي نطح المواطنة الروسية في صنعاء .