آخر تحديث :الجمعة - 19 أبريل 2024 - 11:25 ص

كتابات واقلام


" اللجنة الإقتصادية العليا ".. فاقد الشيء لا يعطيه..

الإثنين - 08 يونيو 2020 - الساعة 03:39 م

محمد نجيب
بقلم: محمد نجيب - ارشيف الكاتب


- في يوم 14 مايو 2020م أصدر رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي قرارا بتأسيس "اللجنة الإقتصادية العليا".

وبحسب القرار فسوف تحدد اللائحة التنظيمية للجنة الاقتصادية العليا للمجلس مهام واختصاصات اللجنة وآلية عملها وعلاقتها بالجهات الأخرى".

- وتضمن قرار تكوين "اللجنة" من 27 عضوا, منهم الرئيس والنائب.

- قرار غير مكتمل في ظروفه وحيتياثه, من حيث المبدأ, وذلك للأسباب التالية :

- القرار يبين ضمنا عدم تواجد / جاهزية اللوائح التنظمية أو أنها قيد الإعداد والتحضير، في هذه الحالة سيكون من الصعب على ال 27 عضوا الشروع نحو إنجاز أهداف متعددة ومحددة مما قد يتسبب في إضاعة "الوقت" الذي هو عامل حاسم في الظروف الراهنة.

- المسمى: "اللجنة الإقتصادية العليا "، ويقصد بذلك (ربما) أعلى جهة متواجدة على الارض (الجنوب في هذا الصدد) التي لها حق إتخاذ القرارات المتعلقة بالمسائل الإقتصادية ضمن إطار وحدود "الجغرافيا الجنوبية", التي هي في الواقع (شئنا أم أبينا) لا تقع تحت "سيادة المجلس" كاملة بل هي "للشرعية" كما هو معترف به من قبل التحالف العربي والمجتمع الدولي.

- توقيت القرار كان غير موفق.

ان يأتي بعد نحو أقل من 20 يوما فقط من قرار "الإدارة الذاتية " يعتبر مشورة غير ناضجة وسوء تخطيط. كان لابد على المجلس التمهل لمدة زمنية منطقية (3-6 اشهر) حتى يتسنى تقييم وتحليل نتائج ومواقف "الإدارة الذاتية " عامة والإقتصادية منها خاصة ومن ثم إتخاذ ماهو مناسبا بهذا الخصوص.

- عضو اللجنة لابد أن يكون آهلا/كفؤا لها من خلال حيازته على سبيل المثال لا الحصر :

1- خلفيات ومؤهلات وخبرات سابقة موثقة في المجال الإقتصادي.

2- سجل مهني وحرفي حافل وناجح ومشهود له على المستوى الوطني و/او الإقليمي (نستبعد الدولي لأن ذلك محالة).

- ولحسن الاقدار فأن أعضاء اللجنة يعتبرون من خيرة ونخبة "الأكاديمين والتنفيذين والخبراء إلخ" في مجالات تخصصية مختلفة; ولكن ليست بالضرورة لديهم قواسم مشتركة تمكنهم وتسهل إنجاز العمل المتوقع بالمستوى العالي والدرجة الرفيعة المتوقعة، ليس لازما على عالم / استاذ في الاقتصاد أن يستوعب جيدا وعلى أكمل وجه متطلبات, مثلا, إدارة مرفق خدمي إلخ.. والعكس صحيح, أي أن يكون باستطاعة خبير في منشأة خدمية أن يتفهم ويدرك ما يطلبه منه عالم / أستاذ الاقتصاد .. وهلم جرا في بقية المشاريع الأمور والحقول.

- السؤال : هل لهولاء الأفراد المتميزين (او اغلبهم) سابق خبرة ومعرفة فيما هم مقبلون عليه من مهام وأعمال ووظائف إلخ تعتبر مصيرية للجنوب وشعبه?. بوضوح اكثر, هل هناك "رؤية" واحدة واضحة موحدة لدى الكل?.

- مسمى/ تعريف اللجنة الإقتصادية العليا يعني ضمنا ان مسؤولياتها ومهامها إلخ ستغطي كافة أرض الجنوب, من باب المندب إلى المهرة. ولكن وما هو معلوم ومعروف أن هناك حاليا علامات جغرافية قائمة ستمثل عوائق في طريق اللجنة وأعمالها ووظائفها ومهامها وبنتائجها وتوصياتها عامة وقرارتها بشكل خاص.

- ثم لماذا مثل هذه المسميات "المزلزلة"?!!. "عليا" حتى قبل ان تباشر اللجنة الإقتصادية "العليا" عملها ومهامها ووظائفها?!! هل هناك في المجلس دوائر ولجان إقتصادية اخرى اقل ثقلا وأهمية ? لماذا لم يطلق عليها, مثلا "اللجنة الإقتصادية الجنوبية", أو "اللجنة الإقتصادية الوطنية"?!.

- عدد الأعضاء البالغ 27 عضوا يعتبر كبيرا ويجلعها اقرب الى كونها "جمعية" من لجنة. وللمصادفة السعيدة فإن عدد أعضاء اللجنة هو نفس عدد أعضاء مجلس رئاسة المجلس الإنتقالي الجنوبي !.

- بحكم التجربة Rule of thumb في عمل اللجان في اين كان مجالات وتخصصات وحقول "ثبتت" انه كلما كان عدد أعضاء "لجنة ما" مقبولا, من حيث العدد, كان "الاداء" وكذا "النتائج" أسرع وأفضل.

- ربما "المحاصصة" المناطقية كانت السبب خلف تعيين هذا العدد الغير صغير المكون لأعضاء اللجنة.

- من ناحية أخرى, فأن التكلفة المادية المباشرة والغير مباشرة ل"27" عضوا في اللجنة ستكون كبيرة وباهظة. وحتما سوف تزداد وتتضخم مع توسع وإخراج اللجنة في المهام والوظائف ومع مرور الوقت والزمان.

- لجنة بهذا الحجم وبالمسؤوليات والمهام والوظائف المناطة وفي بلد يعتبر بحسب تصنيف الأمم المتحدة من بين أكثر دول العالم فقرأ والأقل نموا (مستوى فقر مدقع, عدم استقرار إجتماعي/ سياسي / حروب/ قوى بشرية غير مؤهلة) حتما لابد أن تتوفر لها بيئة عمل/ انتاج مساعدة ومناسبة والتي لابد أن تأتي أساسا بصورة "دعم معنوي ومادي" فعلي وملموس وثابت ومستدام من النخبة المسيطرة على زمام الامور على الأرض. فهل لدى المجلس هذه المقومات,المادية منها تحديدا?.

- ذلك لأن اللجنة (الجمعية) وبموجب مسؤولياتها الجسام وعدد اعضائها المتوزعين جغرافيا على كل ارض الجنوب, يجب أن يوفر ويؤمن لها موارد غير متواضعة بكافة أشكالها (مالية, بشرية, لوجوستيكية إلخ) خاصة خلال المرحلة التأسيسية (الانطلاق) حتى تستهل عملها بكل مسؤولية ووتيرة تلقائية وسريعة وبدون توقفات مفاجئة (شرغات عمل) تؤدي لا سمح الله, إلى تباطؤ وتيرة وزخم العمل والنتائج. أن استحضار مثل هذه المتطلبات المتعددة يجب أن يتم بكل عناية وتفحيص ومراجعة ثاقبة واضحة ترقى إلى مستوى "اهمية" هذه "اللجنة" وأسباب تأسيسها, ما لم سوف تكون هناك رحلات مكوكية مكلفة ومهدرة للجهود والمادة والوقت وضعف التوصيات والمنتج والنتائج.

- اللجنة الإقتصادية العليا وبحجمها المعلن سوف تحتاج إلى "مكتب دعم خلفي - Back Support Office" مركزي , في العاصمة عدن, أو مكاتب دعم خلفية متفرقة في كل منطقة يستحضر فيها أعضاء بجفرافيات مختلفة. لانه استحالة ان يتمكن اي "عضو اللجنة" اداء كل المتطلبات الميدانية والبحثية والانتاجية وتحضير التقارير ... إلخ بمفرده. لهذا فسوف يكون هناك الحاجة الحتمية ل "العمالة الداعم Support Staff" التي ستكون تحت إشراف مباشر وتوجيه وتدريب كل عضو لجنة على حدة. أما حجم هذه "العمالة الداعمة" ومن واقع تجارب سابقة, فإنه من الممكن أن يصل عددها (تحفظا) بنسبة 1:4 , أي ان كل عضو في اللجنة الإقتصادية العليا سوف يحتاج اقلا, الى نحو عدد 4 من القوي البشرية لمساعدته في تيسير عمله/ عملها وظيفته/ وظيفتها وتسهيل الوصول لأي مهمة أو مشروع مطلوب انفاذه. وسوف تزيد هذه النسبة والمتعلقة برئيس اللجنة ونائبه ولأسباب اعتيادية وروتينية الى 1:6.وفي هذه الاحتمالية, فعدد وظائف الدعم ستصل إلى نحو 100-110 فردا.

- كما أن التكلفة "المالية" الإجمالية على وجه الخصوص, المباشرة والغير مباشرة ل 120-130 فردا هم أعضاء اللجنة (27) وعمالة الدعم -Support staff(100110) ستكون كبيرة ومرهقة وقد تزداد وتتضخم مع زيادة المهام والوظائف ومع مرور الوقت والزمان. والشروع في تأسيس البنية الأساسية للجنة بكل متطلباته من مقرات (مقر مركزي, مقارات فرعية) واجهزة مختلفة (كمبيوترات, طابعات, لابتوبات, إتصالات, مكيفات إلخ إلخ ) واثاث (لكافة الاستخدامات ووو.......فهل أخذت كل هذه الالتزامات والاعباء, المباشرة والغير مباشرة هذا بعين الإعتبار ? حتى لو إننا افترضنا (بعيد عن الواقع) أن كل أعضاء اللجنة الإقتصادية العليا والعمالة الداعمة قرروا العمل "تطوعا" أي بدون مقابل مالي, فإن الأعباء المالية الاخرى لن تكون متواضعة.

- بكل تواضع أوجه نصيحة لكل فرد من اعضاء اللجنة الإقتصادية العليا بأن يقوم "بتقييم" نفسه ذاتيا فيما يخص مقدرته المهنية والعملية على القيام بواجبه في "اللجنة" ومدى استعداده الذهني والنفسي لصالح "الجنوب" تطوعا ومن دون إنتظار أي مردود مادي عن ذلك. وهل هو/ هي لديه/ لديها إقتناع غير قابل للشك واستيعاب كامل كونه/ كونها "عضوا" في اللجنة?.

☆ الجولة الاولى ل"لجنة الإقتصادية العليا".

- في الثالث من الشهر الجاري يونيو وفي اول اجتماع للجنة, وضع اللواء أحمد سعيد بن بريك وفي اول إجتماع مع اعضاء اللجنة ماهو مطلوب العمل عليه الآن وفورا.
..نقتبس:

"مجابهة المشكلات ومساعدة المؤسسات الإقتصادية والخدماتية في أداء مهامها وبما يخدم العاصمة عدن ومحافظات الجنوب الأخرى". انتهى..

- هي مشكلات ومعضلات متجذرة وصعبة ومتشابكة; وهو ما كان يشير إليه اللواء بن بريك.

- وبعد الإجتماع لم يكن هناك أي تعليق أو تصريح إعلامي من أي من أعضاء اللجنة الإقتصادية العليا بسبب ربما "الصدمة" من هول وحجم ما طلب منهم اللواء بن بريك عمله وتنفيذه على الفور. بالمقابل لم يتطرق اللواء بن بريك إلى سبل الدعم التي بإمكان المجلس تقديمها للجنة الإقتصادية العليا لتباشر على الفور في البدء والعمل على "مطلبه" المذكور أعلاه... "فاقد الشئ لا يعطيه". 

- ولكن انصافا لل"لجنة" وإذا نحن اعترفنا بصدق وامانة إن هذه المعضلات والمشاكل الإقتصادية الكبيرة المتجذرة وتدهور قطاعات الخدمات خلال نحو 3 عقود مضت أمام "اللجنة الإقتصادية العليا "على أن "اللجنة" سوف تقوم, لا محالة, بالعمل عليها وتقديم الحلول والمخارج لكل هذه الأوضاع, فإن ذلك يعتبر استنتاج غير ناضج وحكم غير عادل ويفتقد إلى المصداقية.

- نقول انه لا يمكن ضمان أو نجاح اي فريق أو لجنة أو جمعية او استاذ دكتور/ بروفيسور أكاديمي/ عالم متخصص أن يضع حلول ناجعة وكفيلة بحل مسائل ومشاكل (خاصة إقتصادية/ مالية) عالقة (لمدد زمنية متوسطة/ طويلة) والمعضلات المرتبطة والمتجذرة بها.

- ولعل اقوى البراهين على الإستنتاج هذا هو الأزمة المالية العالمية (2008-2009م) والتي فشل وعجز جبابرة الإقتصاد والحائزين منهم على جوائز نوبل في الإقتصاد، في التنبؤ بها وحصل ما حصل. ومازالت تداعيات هذه الأزمة المالية العالمية حاضرة إلى الوقت الحالي.

- والان نختبر ونعيش الآثار الاقتصادية المدمرة لوباء "الكورونا" لتقف أكبر اقتصاديات العالم من خلال برامجها الانقاذية وبنوكها المركزية وعلماء الاقتصاد لديها, عاجزة أو مشلولة ضد هذا التسونامي الإقتصادي الذي لم يشهد له مثيل في التاريخ المعاصر.

- وبناء على ما تقدم من إيضاحات ومسببات وخلافه, فإن اللجنة الإقتصادية العليا سوف "لن تكون" في موقف يؤهلها على إختراق المشاكل الإقتصادية والخدماتية القائمة بالمستوى المتوقع. وحتى وإن استطاعت ذلك وبمستوى "يقل عن المتوقع" فهذا سيأخذ حقه من الوقت والإطار الزمني الذي لن يقل عن 12-18 شهرا شرط توافر المقومات وتضافر الجهود من الجميع.

☆خطوة ال"لجنة الإقتصادية العليا " التالية.

يتبع