آخر تحديث :الخميس - 18 أبريل 2024 - 09:01 ص

كتابات واقلام


العرب والمشاريع المضادة

الأربعاء - 10 يونيو 2020 - الساعة 04:38 م

قاسم عبدالرب عفيف
بقلم: قاسم عبدالرب عفيف - ارشيف الكاتب


المنطقة العربية من المحيط الى الخليج كانت ولا زالت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية منطقة صراع، ودخلت بعد ذلك مرحلة الاستقطاب وتوزعت بين الشرق والغرب في حرب باردة أحياناً وساخنة احيانا اخرى، ونشأت دول وطبقات وجيوش ومصالح وكل منهم تمترس في خندقه الخاص به، ولم يدر ببالهم بانه سياتي يوم تتنمر عليهم قوميات جاره لهم، وتصبح لها أنيابها في أوساطهم تنهش في اجسادهم وتستلذ بطعم لحومهم وتهشم عظامهم مثلهم مثل الدول العظمى التي كانت تستخدم بلدان العرب كقواعد عسكرية او لنهب شركاتهم او ميدان حر لتصريف تجارتهم، فالجار الأقرب اعدّ ما لديه من قوة وسلاح وكان الأخطر كونه أخذ جزء من من شعوب الأمة العربية، ولم يكتفي بمساندتهم ولكن أراد ان يسيّد ذلك الجزء عليهم لتصبح الأمة جزء من ممتلكاتهم

انتهت الحرب الباردة ولم يتعظ العرب من خطورة نتائجها، بل ذهب البعض يرقص طربا لانه سيتخلص من شقاوة اخوة له .. ولا يدري انه يقوض جزء من قوته، وينقص جزء من أمنه القومي .. لصالح المجهول وبدل ان يفتش العرب عن قواسم مشتركة فيما بينهم لرأب الصدع، ذهب كل منهم يبحث عن حليف خارجي ليستقوي به ضد أخيه، بينما الجيران المتربصين ذهبوا ليستقطبوا علماء ونوابغ الدولة السوفيتية المنهارة والدول الاشتراكية الاخرى ليستثمروها بأرخص الاثمان لكي يطوروا تقنياتهم بخبراتهم العلمية في مجالات هم بحاجة لها وذلك في مجال التسلح النووي والصاروخي وغير ذلك استعدادا لليوم القادم.

لم تكن ايران تخفي مطامعها فقد كانت واضحة بانها تريد ان تنشر الثورة الإسلامية على طريقتها ومفهومها وعلى اكتاف الطائفة الشيعية ذات الأصل العربي، وعملت بكل الوسائل الظاهرة والخفية على مرئى ومسمع من الجميع، ولم يخطر ببال احد من العرب بان يوم سياتي وقد استولت على اربع عواصم عربية

تركيا استقطبت حركة الاخوان المسلمين العالمية وتحولت الى مركز قيادتها العالمي وكانت تعمل بكل ما أوتيت من قوة في التجهيز لخوض معركة السيطرة على البلدان العربية عبر بوابة هذا الحزب الشيطاني الذي تدثر بالإسلام والذي يعلن على الملأ عدم اعترافه بالسيادة الوطنية للدول العربية ولديه مشروع خاص فيه ويعمل ليل نهار من اجل تحقيقه وهو اعادة الخلافة الإسلامية وياريت كانت خلافة إسلامية عربية، ولكنها ذهبت لخدمة الخلافة العثمانية والتي تلاقت اهداف هذا الحزب مع تطلعات تركيا وقامت بضربتها الاولى في مصر، ولولا تلاحم الجيش والشعب المصري لكانت تركيا قد استولت على اكبر واهم عاصمة عربية

السؤال اين العرب حكامهم وشعوبهم من ذلك اين رواد القومية العربية الذي يعتبرون انفسهم مناهضين لمشروعي تركيا وإيران الجارتين المسلمتين، ماذا فعلوا وما هي الإجراءات التي اتخذوها لحماية أمنهم القومي وهم يشاهدون المياة تجري من تحت ارجلهم، وهل يعقل انهم لم يشعروا بالخطر وخاصة وقلاع عربية كثيرة تتهاوى من بين أيديهم، ويشاهدوا البديل المعادي يستولي عليها !

بالامس ايران تنمرت واعلنت انها استولت على عواصم كل من بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء، واليوم تركيا وبكل بجاحة تعلن انها تسقط قلعة اخرى وهي ليبيا وادخلت عناصر مرتزقة اغلبها عربية تتبع تنظيمات إسلامية، وعلى رأسها حزب الاخوان المسلمين العالمي بعناصرهم الارهابية من قاعدة ودواعش وغير ذلك، ونقلتهم وزودتهم بالسلاح ضدا على قرار مجلس الأمن بمنع تزويد ليبيا بالسلاح في تحد صارخ، وماضية في برنامجها بالاستيلاء الفج على النفط والغاز الليبي بالبر والبحر.

السعودية ودول الخليج محاصرة بهلال شيعي من الشمال والجنوب واليوم مصر تحاصر من غربها بهلال اخواني اضافة الى مشاكلها في سيناء مع الإرهاب الذي يستمد قدرته من تنظيمات الاٍرهاب التابع لحزب الاخوان المسلمين المتعدد الاسماء وكذا مشكلتها مع سد النهضة الإثيوبي
مع الاسف يضاف الى الهلال الشيعي بالنسبة للسعودية الهلال الاخواني الذي يسيطر على الشرعية اليمنية والذي سلم مواقعه في الجبهات للهلال الشيعي الإيراني ويذهب جنوباً لاستكمال السيطرة على الجنوب لكي يسلمه للخليفة العثماني وهناك أصوات تجاهر علنا بهذا التوجه لاستدعاء التدخل التركي من بين قيادات الاخوان المسلمين

لن تستطيع الدول العربية متفرقة مجابهة المشاريع المعادية من جيران العرب ولكن تستطيع هذه الدول ان تجابه هذه المشاريع المجاورة المعادية وتتصدى لأطماعها واطماع غيرها فقط عندما تتحد كل عناصر القوة العربية وتحدد الهدف ماذا تريد بالضبط وتضع الأولويات في المجابهة وتعيد الاعتبار لشعوبها العربية بمشروع نهضوي شامل تستقطب فيه علماء الأمة المهاجرين في شتى اصقاع الأرض لخدمة النهضة العربية في كافة المجالات، لتصبح الأمة العربية سيدة قراراها وحامية ديارها وتقف ندّاً لكل الامم على قدم المساواة لاداء دورها الإنساني وخدمةً للسلم والأمن العالمي.

ان لم يستفق البعض ويدرك بان النيران حواليه سيجد نفسه وسط النيران تلتهم عقر داره لان معالم اللعبة أصبحت مكشوفة ولان العالم مشغول بالجائحة وغير مبالي بما يجري في ارض العرب وهناك حرائق تلتهم امريكا لا احد يستطيع التنبؤ بما ستؤل اليه الأوضاع مستقبلا، ولا سبيل للعرب الا ان يعيدوا تقليب دفاترهم وسيجدون الحل امام اعينهم وفقط محتاجين الى إرادة تتخذ القرارات الصعبة لحفظ أمنهم ووجودهم على ارضهم.