آخر تحديث :الأحد - 05 مايو 2024 - 03:39 م

كتابات واقلام


الحروب تسود عندما يعجز دعاة السلام عن التصرف

الثلاثاء - 30 مارس 2021 - الساعة 12:52 م

وديع منصور
بقلم: وديع منصور - ارشيف الكاتب


لا أحد يعرف بعد كيف ستنتهي الحرب في اليمن ومتى ؟ وعلى الارجح لا احد يستطيع أن يؤكد ما إذا كان اليمن سيعود دولة وأحدة ام لا .
وهل إيقاف الحرب سيعني بالضرورة إنتهاء أزمات هذا البلد الكثيرة ؟
من السذاجة الإعتقاد بان إيقاف الحرب في اليمن يمكن ان يتم بمعزل عن التسوية مع إيران .. والحال كذلك يتعلق بالإعتقاد بأن التدخلات الخارجية المعطلة يمكن ان تتوقف فقط لان واشنطن قررت ايقاف حرب اليمن .
على أية حال هناك من بدأ يتحدث عن مؤشرات إيجابية على نجاح المبعوثين الاممي والامريكي في تقريب وجهات النظر بين الأطراف اليمنية لوقف إطلاق النار، والذهاب نحو محادثات سلام شاملة .
لكن هذه المواقف الايجابية قد تنهار لاحقا مع الحوثيين ببساطة ، مثلما حصل في السابق حين كانت طهران تقرر ذلك . فقد تم تجريب كل ألاساليب مع حكام صنعاء الجدد وداعمهم المذهبي خلال السنوات الماضية ، لكن كل تلك الاساليب لم تفلح كما كان يؤمل منها . ما الذي سيجعل جماعة الحوثي هذه المرة تستجيب للسلام ؟ وماهي خيارات المملكة العربية السعودية المتاحة بعد مبادرتها الأخيرة التي رفضها الحوثيون عمليا ، على الاقل حتى الان ؟ . وإلى أي حد يمكن ان تذهب إدارة بايدن من أجل فرض إيقاف الحرب في اليمن .
رئيس وزراء بريطانيا ، قال قبل ايام ، إن بلاده مستعدة لإرسال جنودها الى اليمن لو طلب منها ! ماذا يعني ذلك ؟ هل هذه إشارة لإمكانية تدخل عسكري دولي قادم في اليمن ؟
هل لدى إدارة بايدن خطة في الأساس لوقف الحرب في اليمن ، ام أن الامر لا يعدو اكثر من التعويل على الوساطات ؟
من الواضح أن أيا من الاطراف المتقاتلة المختلفة لا تتمتع بالقوة الكافية لفرض إرادتها على بقية البلاد ..
ومايزيد الامر سوءا هو انه كلما استمر القتال، زاد احتمال ظهور المزيد من الجماعات المسلحة
بعد 6 سنوات من الحرب، ومئات الآلاف من القتلى والجرحى والنازحين ، وأسوأ أزمة إنسانية في العالم، انقسم اليمن إلى درجة أنه من غير المرجح أن يعود دولة واحدة .
هذا التوقع تضمنه تقرير لمعهد بروكنغز الامريكي ، وعلى الرغم من ان كاتب التقرير يستبعد عودة البمن دولة واحدة الا انه قال بان اليمن لن يعود إلى التقسيم بين الشمال والجنوب قبل عام 1990، وبدلا من يمن واحد أو اثنين، ستصبح هناك دويلات صغيرة ومناطق يسيطر عليها عدد متزايد من الجماعات المسلحة، وكل منها لها أهداف ومسارات مختلفة .

الحروب لا تتوقف ، بمجرد إعلان النوايا الصادقة أو من خلال الترحيب بمبادرات ، او عبر زيارات مكوكية لمبعوثين نشطين .. او لقاءات مكثفة لمسؤولين مهمين في عواصم مختلفة .. فمع تزايد إنعدام الثقة بين أطراف الصراع ، تكون اي محاولة جادة لبناء ثقة الاطراف المتقاتلة امرا شاقا، وقد يتطلب الامر سنوات ليست قليلة .
الأزمة الانسانية في اليمن وهي الاسوأ على مستوى العالم ، والأكبر منذ الحرب العالمية الثانية لم تشفع حتى بتثبيت هدنة .. ناهيك عن وقف الحرب . لكن هذه الازمة الانسانية ذاتها يمكن حسب رأي البعض ان تشكل مدخلا دوليل مناسبا لفرض وقف القتال بالقوة ، وليس بالتفاوض فقط . هل يمكن ان يحدث ذلك ؟ ربما .
الاكيد أنه لن ينسحب أي طرف من اطراف الصراع لان هناك طفل يموت في اليمن كل عشر دقائق . ولن يضع اليمنيون السلاح جانبا لان بلدهم في طريقه قريبا لان يصبح أفقر دولة في العالم . إنه صراع يتعلق بالسلطة والثروة والنفوذ وتغييب عقول أعداد غير قليلة من أبناء هذا البلد الممزق ، وهو صراع ليس بجديد على اليمنيين ، لكنه هذه المرة يحمل ما يكفي من أحقاد الماضي ، لتغذيته لزمن اطول .
إيقاف الحرب في اليمن أصبحت ضرورة أخلاقية عاجلة للمجتمع الدولي . لكن كيف سيتم إيقافها ؟ وما هي الخيارات الواقعية المتاحة لاصحاب النوايا الحسنة ؟ وفي ضل أن العالم أصبح أكثر مديونية وإفلاسا ، والوباء مستمر في إنهاكه ، من سيتحمل تبعات التدخل في واحدة من أعقد الصراعات وأكثرها عبثية ؟