آخر تحديث :الأربعاء - 01 مايو 2024 - 04:17 م

كتابات واقلام


عندما يغيب الرجال وتتصدر المشهد الضباع والقوارض !

الأربعاء - 21 أبريل 2021 - الساعة 07:47 م

السفير د. محمد صالح الهلالي
بقلم: السفير د. محمد صالح الهلالي - ارشيف الكاتب


الفنان العراقي المولد و الجنوبي العدني الهوى والانتماء جعفر حسن الله يرحمه ويغفرله ،عرف في عدن ونبغ فيها و حب عدن واهلها ، عاش في احضان شمسان وساحل ابين والغدير وعمل وابدع بين اهل عدن وفي كريتر وخورمكسر والمعلا والتواهي وجولدمور وغنى لعدن حلو الكلام واعذب الالحان.. غنى للصيادين والعمال والفلاحين والشباب الله يرحمه.

مات بعيدا عن عدن التي احبها وغنى لها وترعرع واشتهر وانتشر وصدح في اذاعتها وتلفزيونها وحواريها ومزارع ابين ولحج لكن الاقدار شاءت ان يموت في الغربة والشتات مثل الكثيرين بعيدا عن عدن التي اصبحت بعد سنين عجاف على غير ما عرفت به اصبحت عدن تتلوى وتتعذب وتعاني مرارة الالم عدن الجميله ليست هي عدن العاصمة المنضبطة الآمنة التي عرفها جعفر تفيض بالحب والتعايش والسلام والقانون والنظام والتراحم صارت مدينة تعج بالفوضى والحاقدين عليها والطامعين فيها تعمدوا خرابها اولا ونشروا فيها الاوبئة والامراض والخوف والفساد وطفح حقدهم قبل ان يعمدوا الى طفح المجاري وتعطيل الصرف الصحي ونشر الاوساخ والقمامات وتراكمها وتخريب الخدمات عدن اليوم تنعدم فيها الدولة والنظام والقانون والخدمات وتعج بالعشويئات وحرمت وانعدمت فيها اهم الضرورات للانسان الصحة والكهرباء والمياه عدن التي عرفت تتوارى خجلا مما عرفوا نظامها و تاريخها العريق قبل ان يرحل من احبوها وقبل رحيل جعفر حسن وغيره مما عرفوا عدن شمعة منورة واحبوا عدن وكانت في زمانهم تضج بالحياة و منارة ل الثقافة والفن والمسرح والعمل وميناء ومطار تتقاطر اليهما كل السفن والطائرات والشركات ومقر للبنوك والسفارات والهئيات. ومكاتب الطيران الدولية المتعددة عدن في غمضة عين توارت وتفسخت ولم يعد فيها شيئا من ذلك تحولت الى مدينة تسكنها الهياكل والاشباح وينتشر فيها السلاح وتتوشح بالسواد والعصابات المغيبة عن المساءلة والملاحقة تنشر الموت والخوف فقط عدن تعج بقطعان من البشر لم تالفهم ولم تعرفهم عدن مدينة السلام والشعراء مثل جعفر امان وجرادة والخالدي والفنانين المرشدي واحمد قاسم وفيصل علوي والقمندان وعوض احمد اصبحت غابة للضباع والقوارض والزواحف قوارض تقرض كل شي بدون توقف وبدون رحمة حصل وصار لعدن اكثر مما حصل وصار لبيروت ودمشق و بغداد .

مات جعفر حسن بعيدا عن موطنه العراق وبغداد المعذبة بالملالي والرؤوس السوداء الحارقة.. بغداد عصفت بها اعاصير المليشيات الحاقدة المنفلتة والمصنعة والانفجارات والعنف القادمين من وراء النهر والحدود لنشر الموت والدمار بدلا عن الحياة والعلم والشعر والادب والفن المميز لبلد الجواهري والسياب.
مات جعفر بعيدا عن اهله واصحابه مثل كثير من الذين دفعوا ضريبة حبهم للحريه والحياة والعدل والسلام ووقفوا ضد الطغيان والاستبداد والقهر وماتوا قهرا والما في الشتات وهم يروا اوطانهم تغرق وتحترق -مثلما حصل لروما من نيرون -واحلامهم تخفت وتنضوي وتتوارى مثل الاندلس وضياعه بسبب بغي وسوء تدبير من تولوا واداروا المشهد وتسيدوا وخطفوا الوطن في غفلة من الزمن وعفن عقولهم وتخلف وانعدام ضمائرهم وجهلهم وفشلهم واطماعهم وغياب الحكماء ورجال الحق والصد والمواجهة.

حفظ الله عدن ورحمها وخلصها من الاشرار والبغاة والابتلاء والقوارض ورحم الله كل المتوفين ورحم الله جعفر حسن ورحم الله عواصم النور والحياة والسلام ورفع الله الوباء والبلاء عنهم وعن العالمين والبشريه جمعاء ولله الامر من قبل ومن بعد.

20/ابريل شهر رمضان الكريم 2021M