آخر تحديث :الجمعة - 17 مايو 2024 - 11:57 م

كتابات واقلام


وداعاً الاديب الكبير ميفع عبدالرحمن

الخميس - 13 مايو 2021 - الساعة 12:17 ص

د. وليد عبدالباري قاسم
بقلم: د. وليد عبدالباري قاسم - ارشيف الكاتب


يصادف اليوم 13 مايو 2021 مرور أربعين يوماً على وفاة الأديب الكبير ميفع عبدالرحمن، وفي ذكرى التأبين هذه والتي للأسف تأتي في ظل حالة غيبوبة مجتمعية كبيرة بدأً من الغياب الرسمي الحكومي وحتى المجتمع المدني المطحون والمتشظي بتأثير الحرب، فانه من الجلي بمكان حالة الانصراف والغفلة المنتشرة في كل مقومات الحياة المدنية والانشغال عن قضايا الابداع والفكر والعلم والثقافة والمشتغلين بها. مع كل ذلك يظل عشمنا في مستقبلِ قادم أجمل، وإضاءة شمعة خير من لعنِ الظلام ألف مرة كما قال الشاعر ناظم حكمت، وفي هذا السياق فإننا نجد أنه حقاً علينا في هذه المناسبة من تخليد ذكرى رموز الفكر والثقافة من أبناء مدينة عدن الباسلة، تأكيدا بانها حبلى بأجيال متواصلة ومتجددة العطاء في الابداع والفن متعدد المشارب والقناعات والرؤى كما هو حال سكانها منذ عشرات السنين ورغم كل تقلبات الزمن.
ولد أديبنا الكبير ميفع عبدالرحمن أحمد في يوم السبت الموافق ٨ سبتمبر عام 1951 في مدينة كريتر (بمركز الولادة أنذاك والذي أطلق عليه لاحقا بعد الاستقلال مستشفى الشعب)بمحافظة عدن جنوب اليمن (الجنوب العربي آنذاك). درس الإبتدائية في مدرسة ردفان (حالياً) والإعدادية في المدرسة الشرقية حتى العام 1968، عاش ميفع تحت كنف والده رجل الدين والذي تعلم منه الفقه وعلوم الدين ووتدرج حتى أصبح خطيب مسجد العيدروس.
شهدت مدينة عدن في ستينات القرن المنصرم تغيرات جذرية وزخماً ثورياً ضمن المد القومي لحركات التحرر العربية المناهضة للإستعمار، حيث تشبع الفقيد بالفكر الثوري العربي وامتلك موهبة الكتابة الأدبية، ونظراً لوفاة والده في العام 1967 فقد أعتمد أديبنا الكبير على ذاته مبكراً، حيث عمل مصححاً لغوياً في الفترة المسائية بصحيفة 14 اكتوبر منذ تأسيسها- على يد الاستاذ الشهيد عبدالباري قاسم - خلال الفترة من يناير 1968 حتى يناير 1970.
التحق بمعهد ناصر للعلوم الزراعية حيث أكمل الثانوية التقنية الزراعية في العام 1973، ثم عمل مساعداً فنياً في مركز الأبحاث الزراعية بالكود بمحافظة أبين، وبعدها ضابطاً زراعياً في المحطة الزراعية بالضالع خلال الفترة من أغسطس1973 وحتى نوفمبر 1975.
إنتقل للعمل في الدائرة الإيديولوجية بسكرتارية اللجنة المركزية للتنظيم السياسي الموحد – الجبهة القومية في ديسمبر 1975.
حصل على منحة دراسية إلى الاتحاد السوفيتي في أغسطس 1976 ضمن برامج منح التعاون الثقافي أنذاك بين حكومة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والاتحاد السوفيتي.
ألتحق بمعهد جوركي للآداب بموسكو وهو أحد أكبر المعاهد الأدبية في العالم. تخرج بدرجة الماجستير في الآداب في يونيو عام 1982، وكان بذلك سادس طالب عربي يتخرج من معهد جوركي وأول طالب يمني (درس قبله في عام 1961م الاديب والقاص اليمني اللامع الشهيد محمد أحمد عبدالولي ).
حاز الاديب ميفع على ميدالية التفوق العلمي في نفس عام تخرجه بيوم العلم الموافق العاشر من سبتمبر وهو التقليد السنوي الذي كانت تشرف عليه وزارة التربية والتعليم لتكريم المتفوقين في التحصيل الدراسي والعلمي على مستوى الجمهورية آنذاك.
بعد تخرجه عاد الاديب ميفع إلى نفس مرفق عمله السابق بسكرتارية اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني بعدن (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية آنذاك ) ضمن قوام كوادر الدائرة الإيديولوجية، وأصبح مسؤولاً عن الشؤون الأدبية والفنية.
عُين في مارس 1986 ولمدة عام تقريباً رئيساً لتحرير صحيفة الثوري (لسان حال اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني).
وبعد تحقيق الوحدة اليمنية في مايو 1990 أنتقل الى صنعاء حيث عُين مديراً عاماً للمؤسسة العامة للمسرح والسينما في الجمهورية اليمنية حتى صيف العام 1994.
بعد الحرب الظالمة ضد الجنوب في صيف1994 تعرض الاديب ميفع مثله مثل العديد من الكوادر القيادية الجنوبية للعزل والتهميش ضمن مسلسل إبعاد الخبرات والكوادر الوطنية الجنوبية المؤهلة وتصفية الحسابات المتراكمة لإرث الصراع السياسي المدمر باليمن .
كان الأديب ميفع عبدالرحمن من مؤسسي صحيفة النداء، وفي عام 2010 وكجزء من الحكم القضائي ضد الصحيفه وصحفيها، حُكم عليه بالسجن لمدة ثلاثة أشهر مع وقف التنفيذ.
ظل ميفع مثله مثل اخرين كثر ممن إنطبق عليهم شعار (خليك في البيت) في قوائم موظفي وزارة الثقافة والاعلام، ومستشار للمؤسسة العامة للمسرح والسينما ضمن التسويات الوظيفية حتى وافته المنية يوم السبت في الثالث من أبريل 2021. (رحمة الله عليه ولد يوم السبت وتوفى يوم السبت)
الاديب ميفع عبدالرحمن متزوج منذ العام 1986 ورزق بثلاث بنات هن مروة ومهجة ومروج، توفت مهجة في عامها الاول.
نشر أول قصة قصيرة له في أبريل 1972، وأصبح عضواً في إتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين منذ يوليو 1975.
عُرف الاديب ميفع عبدالرحمن بقصصه القصيرة التى تستكشف الحقائق الإجتماعية والسياسية في اليمن، حيث نُشرت أولى أعماله الأدبية من القصص القصيرة بعنوان (بكارة العروس)، لدى مؤسسة ١٤ أكتوبر للطباعة والنشر والتوزيع في أبريل 1975، ثم تلتها المجموعة الثانية بعنوان (الاستحمام بماء ورد الفرح) في العام 1983، وكتاب (على مسافة من الذات)، صدر عن دار الهمداني للطباعة والنشر عام ١٩٨٧. ونُشرت له العديد من القصص القصيرة والمقالات الصحفية والنقدية في طيف واسع من الصحف والمجلات اليمنية والعربية، كما شارك في العديد من المؤتمرات الاقليمية والدولية في مجال الادب والفنون خلال مسيرته المهنية.
ترجمت أعماله إلى اللغة الانجليزية في 1988، وأُدرجت ضمن مختارات الأدب العربي الحديث.
كان الاديب ميفع شغوفا بدرجة ملفته للنظر بحب القراءة في قضايا الادب والفلسفة والشؤون الاجتماعية والسياسية.
نأمل من كلية الآداب جامعة عدن بان تعطي أعماله القصصية المنشورة حقها من الدراسة الادبية الاكاديمية المرجعية، المتميزة بالبحث والنقد الادبي وذلك ضمن برامج الدراسات العليا ( في رسائل الماجستير والدكتوراه).
كما نهيب باتحاد الادباء والكتاب في عدن من إطلاق إسم الأديب الكبير ميفع عبدالرحمن على معلم ثقافي وأدبي مناسب في الذكرى السنوية لوفاته، بالإضافة الى إقتراح إطلاق جائزة سنوية بالقصة القصيرة مخصصة لجيل الشباب من الاقلام الواعدة بهذا الطيف الادبي الرفيع.
لايسعنا في خاتمة مقالتنا التعريفية المتواضعة هذه في ذكرى أديبنا الكبير ميفع عبدالرحمن الا ان نترحم على روحه الطاهرة ونطلب له العفو والمغفرة.

بقلم: د. وليد عبدالباري قاسم