آخر تحديث :السبت - 27 أبريل 2024 - 06:43 م

كتابات واقلام


المدارس المليونية ..تصنيف لشرعنة التعليم البرجوازي

الجمعة - 18 أغسطس 2023 - الساعة 11:04 م

برهان مانع
بقلم: برهان مانع - ارشيف الكاتب


 مع مطلع كل عام دراسي يبدأ الحديث عن القيمة المرتفعة للرسوم الدراسية للمدارس الأهلية والخاصة في محافظة عدن ، ومعه يستعر السباق الشعبوي  بين العديد من الجهات ( السلطوية ) المتنوعة لإصدار التوجيهات الصارمة بمنع رفع الرسوم الدراسية من أجل المواطن الذي لا يستطيع تحمل هذه التكاليف الباهظة للتعليم !! ، وفي حقيقة الأمر أن هذه التعليمات لم تصمد ولن تصمد ، ليس في منع ارتفاع الرسوم الدراسية فقط ، بل حتى أمام رفع قيمة أبسط سلعة أو خدمة مهما كانت بساطتها ، لأنها لا تنبع من قرارات تعبر عن إرادة حقيقية من ناحية ، وليست واقعية من ناحية ربط جميع السلع والخدمات بتقلبات أسعار العملة وتأثيراتها السلبية على كافة نواحي متطلباتنا اليومية ، ومن جهة أخرى يبرز سؤال جوهري بالنسبة لرسوم المدارس الخاصة  حول ، من هو المواطن الذي يلتحق أبنائه بالمدارس الخاصة ، هل هو المواطن صاحب الدخل المحدود والبسيط والذي غالبا لا يستطيع توفير متطلبات الالتحاق بالتعليم المجاني ؟ أم هو المواطن صاحب الدخل المرتفع أو حتى المتوسط المرتفع الذي لديه القدرة المادية على دفع رسوم المدارس الخاصة ؟ ومن الإجابة على هذا السؤال نعرف لماذا لم تحقق  توجيهات منع الزيادة السلطوية  أي بعد جماهيري لمن يصدرها ، كون الغالبية العظمى من المواطنين غير معنيين بها ولا تلمس حاجتهما ، وكان يمكن أن تحقق شيء من غايتها الجماهيرية لو اتجهت نحو الغاء أي رسوم عن التعليم الحكومي ومجانية المناهج الدراسية المطبوعة من الوزارة وتوجيه جزء من إيرادات السلطات المحلية لصالح صندوق خاص لتطوير ودعم التعليم بما يساعد في توفير بيئة مدرسية مناسبة ومنافسة في المدارس الحكومية !!

      ولا أنني لا أريد أن أذهب بكم بعيدا عن لب موضوعنا ( المدارس المليونية ) وهي مجموعة صغيرة العدد من المدارس الأهلية والخاصة في محافظة عدن وعدد من محافظات الجمهورية ومدارس يمنية أهلية بالخارج  يدور شك حول قانونية ومشروعية ترخيصها !! ، هذه المدارس بدأت حكايتها في أول الأمر أن جهة إصدار الترخيص ( مكتب التربية – وزارة التربية ) وافقت على قبول مؤسسيها على تحديد رسومها الدراسية بالدولار الأمريكي !! ، وحينها كان سعر الصرف للدولار لا يتجاوز 200 ريال ،أي أن المدرسة التي قيمة رسومها 1000 دولار ، تعادل بالريال 200 ألف فقط وهناك مدارس حديثة التأسيس أي بعد 2020م وحددت رسومها  بالدولار ومثلها ما تسمى المدارس الدولية ومدارس الجاليات لتدريس اليمنيين بالخارج !!- رغم قرارات متعددة جهات الإصدار، بمنع استلام الرسوم الدراسية بالعملات الأجنبية !! ، بعد ارتفاع قيمة العملات الأجنبية وانهيار الريال مقابلها ، أصبحت رسوم هذه المدارس  المعدودة  تفوق المليون ريال  .. تصوروا أن تلميذ في مرحلة رياض الأطفال يدفع ولي أمره مليون ريال لتعليمه في مرحلة ما قبل التعليم الأساسي . من أين للمواطن الدخل المناسب لدفع هذه القيمة  لا اعتقد إلا أن اصحاب المال والاعمال  فقط هم من يلحقون ابناهم بهذا النوع من المدارس ، وهذه المدارس لا تكتفي بالملايين التي تستلمها مقابل التعليم ، بل تبتدع سنويا أنواع من الرسوم تساعدها في تمريرها وفرضها جهات رسمية معنية بالأمر حقيقة تستطيع أن تعلم أبنك في جامعة خاصة بأقل من تكاليف التعليم بالمدارس  المليونية وهي مدارس غير معنية بقرارات منع زيادة الرسوم ، كونها تتفضل أصلا وتخفض رسومها لأن كثير منها يحدد قيمة الصرف بأقل من قيمة السوق أو قيمة الصراف ، فماذا يريد رجل المال والاعمال  الذي ألحق أبنه بها ، هو يبيع السلع بضعف قيمتها من العملات الأجنبية وبسعر الصرف اليومي ولو نزل الصرف لا ينزل معه فيعتبر أن هذه الرسوم مقبولة ورحيمة مقابل ما يصنعه هو بالمواطن ، ولو فحصتم كشوفات التلاميذ الملتحقين بالمدارس المليونية لوجدتموهم فعلا من اصحاب المال والاعمال  وليسوا من المواطنين البسطاء  ذوي الداخل المحدودة ..

العجيب في  التعامل الرسمي مع المدارس  المليونية  و بعد  منعها من استلام الرسوم بالعملات الأجنبية  هو منع غير حقيقي  قبل قيمة رسومها  المليونية  وأضيف لها ، ولدينا تقارير رسمية مثبت بها أن هذه المدارس غير مخالفة لقرارات منع زيادة الرسوم وهي التي تتصاعد رسومها سنويا مع ارتفاع صرف الدولار الذي لم يعد كما كان عند اعتماد رسومها 200 ألف ريال !! ، والغريب ، عندما تبرز النية لشرعنة هذا الوضع المختل ، من خلال تصنيف هذه النوع من المدارس البرجوازية التي كونت مداخيل هائلة استغلالأ  لفترة من الفوضى أهلتها لبناء  المنشآت وتوفير تجهيزات خاصة ، يتم تصنيفها فعلا كمدارس  مليونية ليكون ما تأخذه من ( البرجوازية المحلية ) من ملايين أمرا مستحقا بموجب التصنيف وتحديد الرسوم الذي سيبقي الظلم مشرعا أمام المدارس التي حددت رسومها منذ إنشائها بالريال وبالتالي حرمت من تطوير نفسها ورفع مستواها ..

هذا باختصار حال المدارس  المليونية  وسنكشف قريبا عن تفاصيل أكثر  ...