آخر تحديث :الخميس - 02 مايو 2024 - 09:09 م

كتابات واقلام


عندما كنا صغار

الإثنين - 04 مايو 2020 - الساعة 12:28 ص

د.مروان هائل عبدالمولى
بقلم: د.مروان هائل عبدالمولى - ارشيف الكاتب


إن بناء الذكريات الإيجابية يجعل أفكارنا وحياتنا أكثر بهجة ويحافظ على احترامنا لذاتنا و لطفولتنا ، التي هي الان عبارة عن سلسلة كاملة من المشاعر المرتبطة بذكريات جميلة و مهذبة الكثير منها عندما تأتي على البال تشعرنا بالبهجة والابتسامة و بالدفيء الداخلي واغلب ذكريات ابناء جيلي مرتبط بفترة اليمن الديمقراطي ، التي كانت فيها الطفولة رائعة ونقية جعلتنا نصدق ببراءة في القصص الخيالية الى درجة الحلم في الطيران على بساط الريح ومشاركة ميكي وبلوتو في مغامراتهم ومشاهدة خزنة عمو دهب البخيل من الداخل وتسلق شجرة الفاصولياء التي تنمو الى ما بعد السحاب ، كانت هناك كذلك العاب اطفال جميلة و واقعية مثل كرة القدم والرقع والشبدلوه و الفتاتير ومن كبته طيار ، لذا من خلال منظور ما بعد اختفاء اليمن الديمقراطي من الخارطة السياسية بسبب الوحدة اليمنية بدأت الطفولة الجنوبية الحالية تنظر إلى تلك الحقبة بأنها حقًا "جنة ضائعة" .

للحفاظ على ذكريات جميلة طويلة المدى يحتاج الفرد الى توازن بين العوامل البيولوجية والنفسية والاحداث والمشاكل التي تدور حول عدن اثرت على التصور الذهني ليس على مستوى طفولة الحاضر فقط بل كذلك على العمليات المعروفة بالحنين إلى الماضي الخالي من الامية والاوبئة واحيت عندي اشياء من الطفولة كانت قد اختفت تذكرتها وتمنيت ان تعود من جديد مثل التعليم المنظم و الانضباط المدرسي والنظافة و الصداقة الحقيقية والامن والبساطة والنوايا الطيبة، تذكرت كذلك كيف عاش والداي وأخواتي كأسرة واحدة كبيرة مع كل الناس من حولنا بأمان وصدق وكيف كان الجيران يساعدون و يعتنون بأطفال بعضهم البعض ولم يغلقوا الأبواب من اللصوص وحتى ألبومات صورنا الشخصية مليئة بالوجوه السعيدة لعائلتي وللجيران والاهل والاقارب والاصدقاء وبابتسامتي مثل المجنون او المصاب بالفصام ، والان حتى التواصل مع بعض الاعزاء من تلك الفترة تشعرنا مباشرة بالحنين لذلك الزمن الرائع وبحالة من العفوية والصفاء والراحة في الحديث معهم .

لقد تم تربية الطفولة في الجنوب على أنها أفضل وقت في حياة الإنسان وكحالة وعي خاصة يجب أن تظل قدر الامكان نظيفة ومحصنه من الافكار الضارة حتى يكبر الفرد بنفسية سليمة ، حينها حتى أدب الأطفال وسينما وموسيقى الأطفال كانت جميعها عالية الجودة مثلها مثل العصائر والفواكه التي كانت تقدم لنا مجانا عندما كنا في الروضة والابتدائية .

العديد من حقائق الحياة السابقة في الجنوب مثل ( حب الوطن ،التعليم ، العمل ، الصداقة ، دائرة المعارف ، الثانوية ، الاهتمام بالمستقبل و الآخرين) كقيم مهمة وحقيقية للحياة اصبحت في مهب الريح ، واليوم اغلب المواطنين الجنوبيين يتوقون إلى هذه المعاني الهامة للوجود البشري ، والتي حلت محلها قيم واعراف الشيخ و القبيلة و التطرف والمخدرات والقات وحمل السلاح وعقوق الوالدين والتفكك الاسري .