آخر تحديث :السبت - 23 نوفمبر 2024 - 12:59 م

تحقيقات وحوارات


سالم صالح محمد في حديث حصري لـ عدن تايم : عدن احببتها بل عشقتها عشق المجنون لليلى

الجمعة - 06 ديسمبر 2019 - 04:00 م بتوقيت عدن

 سالم صالح محمد في حديث حصري لـ عدن تايم : عدن احببتها بل عشقتها عشق المجنون لليلى




▪ للأمانة التاريخية كنت من رجال الصف الثاني في قيادة الجبهة القومية وليس من قادة العمل الفدائي 

▪أولى خطوات حكومة الاستقلال اصدار قراراها بمنع الثأرات القبلية


▪دلفت الى سدة العمل الحكومي والقيادي في آن من هذا المنصب 


▪ذهبنا الى صنعاء مع كل آمالنا وطموحاتنا فكانت احلامنا كبيرة بكبر الحدث لكن..


▪عدن احببتها بل عشقتها عشق المجنون لليلى 


▪لقاءاتنا واتصالاتنا بالرئيس عيدروس الزُبيدي وشلال وقيادة المجلس الانتقالي مستمرة ودائمة


▪الامارات جعلت الانسان محور التنمية بل هو الثروة الأغلى والأهم


أجرى الحوار / احمد يسلم صالح


الحديث مع سالم صالح محمد عضو مجلس 

الرئاسة في دولة اليمن الموحد بعد عام 90  م والرجل الثاني في دولة الجنوب (اليمن الديمقراطية) قبل عام 90 م ـ لا شك ـ سيكون حديثاً شيقاً شائقاً وذي شجون كما تقول العرب. خاصة أن يأتي هذا متزامناً مع الذكرى 52 للاستقلال الوطني 30 نوفمبر 67 م لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وبعيد التوقيع على (اتفاقية الرياض) بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي باعتباره واحداً من الرموز القيادية التي ابحرت في يم متلاطم من العواصف والاحداث والمتغيرات على الساحتين العربية والدولية 


خصني قبل أيام من كتابه الموسوم (مدن نسكنها ومدن تسكننا) طبعة 2018م الصادر عن دار الصحافة العربية مثّل خلاصة تجربة انسانية وسياسية ووطنية لها شأواً وشأن لانها دونت تلك التجربة مفاصل ومحطات في سفر الثورة والاستقلال والدولة في الجنوب والشمال وحرب الوحدة او الموت وما تلاها . جاب العديد من مدن العالم في شرقه وغربه شماله وجنوبه قال عنها الكثير ولم يبح بالأكثر. أسهب . تحفظ . اوجز . لامس . أقترب من (الدوامة ) كما وصفها هو بمقدار الشعرة لكنه سالم.. ومازال سالم .

ـ سألناه بداية عن أولى محطات حياته فقال : 


غادرت قريتي ( ضيئان) صبياً سيراً على الاقدام الى مرتفعات مكيراس ومن هناك ابهرني رؤية الطائرة لأول مرة في حياتي فما بالك أن أكون أحد ركابها حلقت عالياً في الأجواء وبعيد نصف ساعة اكتحلت عيناي برؤية البحر لأول مرة ايضاً من نافذة الطائرة أياها وبعد ارتطام عجلاتها على أرضية  مطار عدن الدولي وجدت نفسي من يومها في عدن التي احببتها بل عشقتها عشق المجنون لليلى فيها ترعرعت فتعلمت فيها ومنها الكثير . 


وفي قوام الحركة الطلابية المناهضة للاستعمار كانت أولى محطاتي في النضال والسياسة . قال عن نفسه انه من رجال الصف الثاني في قيادة الجبهة القومية وليس من قادة العمل الفدائي للأمانة التاريخية . سألته عن ليلة اعلان الاستقلال 30 نوفمبر 67 م فأجاب شاءت الاقدار أن اكون ليلتها على سرير المرض في مدينة (اسمرة ) عاصمة ارتيريا اليوم لضرورة علاجية في أحد مستشفياتها تحت أشراف اطباء من الطليان ومن هناك تابعنا عبر موجات الاثير اعلان الجمهورية الفتية ومن اذاعة عدن بالذات كانت تصدح اناشيد الاستقلال والثورة . عدت الى عدن فكانت قد شهدت تبدلات متسارعة وسريعة عقب خروج الانجليز فتولت القيادة العامة للجبهة القومية زمام الأمور برئاسة قحطان الشعبي رحمه الله عقب اعلان حكومة الاستقلال كانت الاعناق مشرئبة تتطلع ذلك العهد الجديد . 

كان من أولى الخطوات التي أقدمت عليها حكومة الاستقلال اصدار قراراها بمنع الثأرات القبلية في أرياف الجمهورية الوليدة لقي استجابة وصدى ايجابياً للغاية مصحوباً بقناعة ورغبة وطموح وأمل . وفي الارياف خارج عدن أتجهت الجهود الى بناء مدارس التعليم عبر المبادرات الجماهيرية الطوعية أعقبها شق الطرقات بوسائل وان كانت محدودة بل وبدائية احياناً لكنها بعزيمة وسواعد متفولذة . وفي الاثناء عام 68 م تسنمت قيادة المديرية الغربية وعاصمتها مدينة جعار خنفر اليوم وهي تمثل اي المديرية الغربية مجموع مديريات يافع الثمان اليوم الموزعة بين محافظتي لحج وأبين ومن هذه البوابة دلفت الى سدة العمل الحكومي والقيادي في آن  كانت المهمة صعبة والظروف والجغرافيا أصعب من الصعب . عملنا كقيادة محلية للجبهة القومية على تطبيع الاوضاع والاشراف على مؤسسات الدولة ومنها (لجنة أبين )الشهيرة التي كان موقعها على سفح جبل خنفر وترفد ميزانية الدولة بمبالغ كبيرة من العملة الصعبة وهي التي عرف نشاطها في انتاج وتسويق قطن طويل التيلة وقد انشأها الانجليز منذّ الاربعينات مناصفة بين السلطنتين (اليافعي . الفضلي) وممن أتذكرهم وعملت معهم في القيادة المحلية جعار الرئيس سالمين ، جاعم صالح ، الحاج ناصر عبد القوي السلفي ، صالح فاضل الصلاحي ، صالح النينو ، حسين عبدالحبيب ، عبدالله عبدالرحمن وكوكبة بارزة من شباب تلك الايام الخالدة .

سألناه مرة أخرى عن أولى محطات والذكريات التي جمعته بالرئيس قحطان الشعبي ، فيصل عبداللطيف ، عبدالفتاح اسماعيل ، محمد صالح مطيع واخرين.

 ـ فأجاب كل من ذكرتهم من الرؤساء والوزراء لكل منهم ذكرى خاصة فهؤلاء كانوا من قادة الصف الأول في ذلك الوقت اما نحن ففي الصف الثاني من القيادة التنظيمية للجبهة القومية وتعود معرفتي للرئيس قحطان الشعبي بداية حين كان على راس مكتب الجبهة القومية في تعز ويومها كنت وزملائي عبدالرحمن السيلاني واللواء عمر عبد الصمد كممثلين لاتحاد الطلاب لأننا كنا قد انتقلنا للدارسة هناك نظراً لتعطيل الدراسة عقب الاضرابات التي شهدتها عدن . 

في ستينات القرن الماضي بعدها نزلت الى عدن عقب وفاة والدي رحمه الله فعدت الى عدن لتحمل مسؤلية القطاع الطلابي في كريتر ، المعلا ، التواهي وهناك كان القائد الفذ والمفكر فيصل عبداللطيف ، عبدالفتاح اسماعيل ، محمد صالح مطيع قادة جبهة عدن وكلفت حينها بحكم امتلاك والدي سيارة( أوبل ) في بعض مهمات منها نقل الرئيس قجطان والقائد فيصل عبداللطيف من المعلا حتى بناية الهاشمي في الشيخ عثمان وفيها كانت للجبهة القومية مكاتب غير معلنة للعمل السري . 


استاذ سالم هل يمكنكم الحديث اليوم ولو بايجاز عن مرحلة النظام الوطني في الجنوب ؟

ـ بالتأكيد الحديث عن هذا يطول ويطول كثيراً لكن يمكننا القول أن الدولة حديثة العهد التي تشكلت من المهرة الى باب المندب كانت لديها تحديات كبيرة وطموحات اكبر ومع ذلك جرت في النهر مياه كثيرة  مرت بمنحنيات حادة الا انه وبرغم كل هذا عاش المواطن في فترات غالبة اجواء من الاستقرار والأمان بتوجهات جادة نحو التعليم المجاني والصحة المجانية والغذاء المدعوم للجميع رافقه انشاء المصانع والمؤسسات التي أستوعبت الالآف من الأيدي العاملة والماهرة أحياناً ثم بناء جيش وطني مهاب مرهوب الجانب . هناك شيء لابد لي أن أذكره حينما كنت رئيساً للجنة محو الامية وتعليم الكبار ذلك أن منظمة اليونيسكو في عام 1985 م اعلنت كون جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية تأتي في المرتبة الأولى في دول شبه الجزيرة العربية والخليج من حيث التعليم اذ أن نسبة الامية لا تتجاوز مستوى 2 % من عدد السكان 

ـ ما الذي سيقوله الاستاذ سالم صالح عن تجربة الوحدة ؟

بعد أن اطلق زفرة وتنهيدة حارة قال : في حدث كهذا لا يمكن اختزاله ببضعة أسطر كانت الوحدة حلماً جميلاً ظل يراودنا ويرواد كل عربي من المحيط الى الخليج واستطيع القول أن وحدة دولتي اليمن جاءت بعد سلسلة لقاءات ومحطات في القاهرة وطرابلس والكويت ثم عدن وصنعاء.

المهم تحققت فذهبنا الى صنعاء مع كل آمالنا وطموحاتنا وتوطدت علاقتنا الشخصية والرسمية مع من كنا نلتقيهم قبل الوحدة فكانت احلامنا كبيرة بكبر الحدث لكن دعني أقول أن حرب 94 م كانت الطعنة التي اصابت الوحدة والروح الوحدوية في مقتل وما جرى بعدها من ممارسات احدثت تشطيراً في النفوس وفرزاً منظوراً بين منتصر ومهزوم مرادفاً لها حديث الضم والالحاق وحكاية الفرع والأصل اضافة الى تسريح الاف الكوادر الجنوبية من اعمالهم في ما عرف حزب (خليك في البيت) المهم كان الفرح كبيراً والعواطف جياشه لكن كل هذا لم يدم سوى ثلاثة أعوام ونيف وبهذا اقول ان الجرح الذي أحدثته تلك الحرب اللعينة كان عميقاً وواسعاً لا يمكن تجاوز اثارها النفسية والبشرية والفكرية والمادية والسياسية والاقتصادية .. هذه المعاناة تجلت بظهور بالحراك السلمي الجنوبي الذي انطلق قيل ما سمي (بالربيع العربي ) المهم ان تداعيات حرب 94م افضت الى أزمات وحروب طالت الشمال والجنوب تمثل في حروب صعده مروراً بثورة الشباب واجتياح الحوثيين صنعاء وخروج الرئيس هادي . وصولاً الى عاصفة الحزم وتدخل التحالف العربي لدعم الشرعية .


ـ بعد كل ما جرى هل يقر سالم صالح بفشل تجربة الوحدة ؟

الاقرار تتحدث عنه الوقائع والجواب الذي تبحث عنه جاء في السياق سلفاً .

ـ طيب اليوم ماذا بعد ؟!


ترتيب الأولويات اليوم يختلف عن الأمس أولاً انجاح ( اتفاق الرياض ) نصاً وروحاً خصوصاً وان هذا الايقاف جاء بعد حوارات جادة وعمل مضن برعاية وعناية ( الشقيقة الكبرى ) المملكة العربية السعودية .

ومن ثم يأتي الحديث عن وقف الحرب وأقول وقف الحرب مره أخرى لأن استمرارها يعني مزيداً من المآسي والويلات لأن الوضع الانساني في البلد لم يعد محتملاً وهذا ما تؤكد عليه تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الانسانية .


ـ من قراءة أولية لكتابكم الجديد (مدن نسكنها ومدن تسكننا) تبين لي كما لو أنكم تريدون القول ان العقلية العربية (عقلية صراعية) واليمنية بالذات لا تحسن لغة الوفاق والتوافق وان تحاورت.  باختصار كما قال كسنجر داهية السياسة الامريكية : العرب لا يحترمون مواثيقهم وان وقّعوا ؟    الصحيح أن منطقة الشرق الاوسط والعرب بالذات وجدوا أنفسهم في منطقة تتجاذبها مصالح الامبراطوريات والدول الاستعمارية قديماً والكبرى حديثاً وبالتالي ظلت لغة الاحتراب والصراع هي الطاغية يتردد صداها ومن تلك الحروب والأزمات المتلاحقة تحتسب النتائج دعني أقول ما قاله (فرانكلين) : لا تدفع قيمة  الحروب في وقت الحرب .. الفاتورة تأتي لاحقاً لهذا كانت الفاتورة وكانت العقلية الصراعية وهذا ينطبق على الحالة اليمنية لاسيما واننا أصل العرب يقولها ضاحكاً.


ـ سمعنا أنكم منذ بضعة أيام التقيتم في ( أبوظبي) برئيس المجلس الانتقالي الجنوبي وبعض قيادات المجلس الانتقالي ماذا دار ؟


ـ لقاءاتنا واتصالاتنا بأخي الرئيس عيدروس قاسم الزُبيدي وشلال شائع وقيادة المجلس الانتقالي مستمرة ودائمة  كان اللقاء مهماً وهادفاً 

تناقشنا في الهم العام ومستقبل القضية الجنوبية في ضوء نتائج اتفاق الرياض الأهم من كل هذا توحيد الإرادة الجنوبية وخلق آلية مشتركة للعمل عبر حوار جاد للخروج برؤية جنوبية موحدة وبالتالي بحثها مع الاشقاء والاصدقاء في دول العالم والأمم المتحدة تحديداً .


ما الذي تراه بشان عمل المجلس الانتقالي مع الرئيس هادي ؟


بالضرورة تعميق وتطوير قنوات العمل والتواصل مع الرئيس عبدربه منصور هادي باعتباره جنوبياً أولاً واحد الأطراف المؤثرة في الساحة أكثر من هذا هو الرئيس الشرعي المعترف به داخلياً واقليمياً ودولياً .


بعد سنين من العيش والاغتراب في دولة الامارات 

هل من كلمة يقولها الاستاذ سالم ؟

هذا سؤال حرك في ذاكرتي مكامن كثيرة دعني أقول بما قاله شاعرنا الكبير الصديق المرحوم حسين أبوبكر المحضار  ياويح نفس لو ذكرت أوطانها حنت

                                حتى ولو هيه في مرتع الخير رغبانة

نعم نحن في موطن الخير وبلد زايد الخير ـ بلاشك ـ لكن يبقى للإنسان ذكريات لا تمح من الذاكرة لوطنه وأهله وناسه وحنينيه أبداً لأول منزل .

أهم ما يمكنني قوله ان دولة الامارات جعلت الانسان محور التنمية بل هو الثروة الأغلى والأهم وهذا مربط الفرس. كما تقول العرب في أمثالها وهذا سر نجاح أهداف الامارات الطموحة . عندما وجد الانسان نفسه مواكباً لسير عملية التطور العصرية ومواكباً لها بملامحها العربيّة الاسلامية ـ طبعاًـ من خلال سياسة أختطها حكيم العرب الشيخ زايد بن سلطان طيب الله ثراه وجاء من بعده حكام الامارات على ذات النهج وعلى ذات الافعال الطموحة نهضة الامارات ليست محصورة في بناء المدن الحديثة جداً وطرق ووسائل النقل والاتصالات الأكثر حداثه في العالم بل تجاوزها الى الولوج الى عالم التكنولوجيا والثورة الرقمية والتعليم الرقمي والحكومة الرقمية بل والولوج الى عالم الفضاء من خلال مشاركة رائد الفضاء الاماراتي  ( هزاع المنصوري) في اطار برنامج غزو الفضاء بالتعاون مع وكالة الفضاء الروسية .

طموح الاماراتيين وقيادتهم الحكيمة لم يتوقف بل في ديمومة وعملية مستمرة وهذا بيت القصيد .