آخر تحديث :الجمعة - 19 أبريل 2024 - 11:25 ص

اخبار وتقارير


الضالع .. مدينة الشهداء والقمامة معا (تقرير خاص)

الأربعاء - 11 ديسمبر 2019 - 05:40 م بتوقيت عدن

الضالع .. مدينة الشهداء والقمامة معا (تقرير خاص)

تقرير/وضاح الاحمدي:

تغرق مدينة الضالع عاصمة المحافظة بأكوام القمامة والنفايات، فأينما وليت وجهك تصدمك روائح كريهة منبعثة من علب فارغة ومخلفات مسالخ واكياس بلاستيكية، جميعها تشكل فسيفساء قذارة ونذير أوبئة فتاكة تهدد حياة أكثر من 21783 نسمة حسب إحصاء حكومي عام 2004.

وتنتشر القمامة على الشارع العام وأزقة المدينة الضيقة، وأدت إلى تكاثر البعوض الناقل لأمراض عدة منها الملاريا والدفتيريا والكوليرا، والأخيرة باتت خطرا يهدد حياة الآلاف من سكان المدينة، التي تعاني شحا في الإمكانيات الطبية لمواجهة الوباء الذي قتل 5 أفراد من بين 700 مريض بحسب إحصائية لمكتب الصحة العامة والسكان في المحافظة خلال الثلاثة أشهر الأولى من العام الجاري.

وتعيش المدينة وضعا حضاريا مترديا منذ شهرين تقريبا نتيجة تراكم القمامات في الشوارع والأرصفة وبين المساكن وهي حالة متكررة تشهدها المحافظة منذ حرب الميليشيات الحوثية مطلع العام 2015، الأمر الذي ينذر بحالة بيئية وصحية خطيرة تفاقم معاناة مواطني المحافظة المنكوبة.

في السياق يؤكد مدير عام صندوق النظافة والتحسين بمحافظة الضالع عبدالسلام الجعبي لـ "عدن تايم"، أن ام المشاكل المتعلقة بالنظافة في المدينة والمناطق المجاورة لها هو " المقلب" يشير إلى مقلب القمامة الخاص بالمدينة ويوضح أن مالكي المقلب رفضوا بتاتا هذه المرة نقل القمامة إلى المقلب بحجة عدم استلامهم الايجار الشهري المقدر بـ 300 الف ريال شهريا، لكن الجعبي يطلع الصحيفة على اخر شيك بقيمة ايجار استلمه مالكي المقلب في تاريخ 23 سبتمبر المنقضي، ما يؤكد ان خلف الاكمة ما خلفها.

وتفيد معلومات محلية للصحيفة أن أغلب الاخفاقات التي تعانيها محافظة الضالع فيما يتعلق بالجوانب الخدمية تعود للفساد البعيد عن أعين الرقابة الغائبة اولا ثم للصراع الخفي بين أقطاب سلطة ما قبل الحرب وما بعدها تاليا، فيما تشير أخرى متطابقة أن سياسة اختيار الكادر بحسب الولاءات لا الكفاءات باتت تهدد كيان المحافظة بفشل ذريع على مختلف الاصعدة.

يوضح الجعبي " مشكلة النظافة في مدينة الضالع تكمن في مشكلة المقلب والصرف الصحي وهي مشكلة قديمة، وعندما تاتي منظمات داعمة لعمل دراسة ومعالجة للموضوع يتحرك لوبي الضالع المسيطر عليها منذ عشرات السنين ضد كل وافد جديد يأتي بخدمة تهم الناس، وللحديث عن المشكلة الأخيرة فقد تحركت انا ومحافظ المحافظة واوجدنا منظمات داعمة لتنظيف مدينة الضالع ورفع القمامة والمخلفات لاشهر عدة وبعد أن سلمنا ايجار المقلب لآخر شهر نتفاجأ أن مالكي المقلب اغلقوه امامنا بعد يومين من تسلمهم الايجار، وهنا أؤكد ان أي سلطة لا تملك مقلب خاص وملك للدولة ستظل رهينة لابتزازات ذات اللوبي الذي دفع بعديد منظمات إلى مغادرة الضالع وحرمان اهلها من مشاريع مهمة جدا.

كشف انه تم الاتفاق مع منظمة ميرسي كول لرفع القمامة لمدة شهرين ومع منظمة إنقاذ لمدة ثلاثة أشهر وثم منظمات أخرى تود العمل وخدمة المحافظة المصنفة لديها محافظة منكوبة، فيما اتفق مع منظمات أخرى لعمل معالجة جذرية لمشكلة الصرف الصحي وهي المشكلة الأزلية حد وصفه ومن المقرر أن تبدأ هذه المعالجات قريبا، لكنه لم يخف وجود معطلات للخدمات تتمثل بوجود متلاعبين ومبتزين عمدوا على تلك الممارسات منذ فترة طويلة والوقوف أمام كل مستجد مفيد لأغراض شخصية وأخرى مناطقية وسياسية، فيما يؤكد ضرورة إيجاد احواض ترسيب للمجاري وايجاد شبكة صرف حديثة كما وشراء مقلب خاص القمامة وهو الأمر المقرر أن يتم خلال الأيام القليلة المقبلة، حد تأكيده.

وتتلازم النظافة والصحة سلبا وايجابا ومع تردي وضع النظافة يتردى وضع الصحة وهو ذات الأمر الذي انعكس على الصحة العامة للناس بمحافظة الضالع منذ بدء الحرب الجارية الأمر الذي أدخل المحافظة في محنة وباء الكوليرا الذي حصد ارواح المئات خلال الخمسة أعوام الماضية في سابقة لم تشهدها المحافظة من قبل.

ويشير عبدالفتاح عبداللاه مدير الإعلام الصحي بالمحافظة، لـ " عدن تايم" أن القمامة المتراكمة في المدينة تنذر بعودة جائحة الكوليرا إذا لم يتم إيجاد معالجات سريعة للمشكلة المتفاقمة، ويشير إلى الجهود الكبيرة التي يبذلها مكتب الصحة العامة والسكان بالمحافظة في مكافحة الأمراض والأوبئة لكن يؤكد على دور صندوق النظافة في مساعدة مكتب الصحة في هذه الأدوار باعتبارها مهام مناطة بالجميع.

ولاقى الوضع المزري النظافة بمدينة الضالع استهجان عددا من الكتاب ومرتادي مواقع التواصل الاجتماعي أبرزهم الصحفي الشهير خالد سلمان الذي كتب تحت عنوان، "الضالع ..مدينة الشهداء والقمامة معاً" وقال في منشور له على فيس بوك: استلمت من علي محمد عدن ، صورة لمدينة الضالع عاصمة المحافظة ،صورة صغيرة تظهر فيها الأشكال الملونة ، الأبيض والأحمر والسوسني والوردي، للوهلة الاولى، اعتقدت انها أكاليل ورد، في مراسيم تأبين احد راحلي مدينة الشهداء.

الصدمة الحقيقية انها اكياس قمامة ملونة ،تحتل المدينة التي عجزت قمامات الحوثي من احتلالها.. مخيف أيها المحافظ ان يستبدل تطويق عنق المدينة بالفل والورد الجوري والياسمين، بأكياس قمامة مزهرة ملونة.

ويختتم" للتذكير فقط ، انها الضالع مدينة الشهداء، حيث يجتمع فيها بياض ونورانية سماوات الراحلين، بالنظافة الظاهرة والباطنة.. عار ان تكون الضالع مدينة للشهداء ومكب للقمامة في آن معاً.