آخر تحديث :الجمعة - 19 أبريل 2024 - 11:25 ص

اخبار وتقارير


عمال مصانع جنوب اليمن مناجم الالماس المردومة.."حسين" انموذجا

السبت - 07 مارس 2020 - 11:14 م بتوقيت عدن

عمال مصانع جنوب اليمن مناجم الالماس المردومة.."حسين" انموذجا

عدن تايم / رعد الريمي

"حسين" من عامل مراقبُ للجودة بمصنع الكبريت لجامع علب في النفايات


تجاعيد وجهه تحكي قصة معاناته، وسمرة بشرته تشير لحجم المأساة التي التصقت لطيلة فصول حياته، المكان بالنسبة لي معتاداً بكونه مكانا لنفاياتي المنزلية؛ غير أن ما استجد فيه لم يكن معتادا!

فمن على مرمى حَجر ظللت اراقبه وهو ينبش في أكياس القمامة التي يتجاهل الناس اللوحة البارزة المنصوبة بالمكان والتي تشير صراحة لمنع رمي القمامة ، إلا ان تجاهل الناس افضى إلى تراكم القمامة حتى غطت أكوام النفيايات اللوحة.

سلة بيضاء كبيرة من البلاستيك تنتصب بالقرب من شخص اسمه حسن يقف وسط تلك الأكوام وهو يجتهد في جعل تلك السلة منصوبة غير مائله لكي يتمكن من رمي ما يظفر به من علب مشروبات المعدنية الفارغة في القمامة وكأنه لاعب سلة ماهر.

ترددت كثيرا بالدنو منه ومحادثة، غير أني في اللحظة الأخيرة تشجعت، ومن على مسافة متر ناديته ها أنت؟ هل لي ان اصورك؟ وحركت رأسي نحو هاتفي الذي اقبض عليه بسبابة وابهام يديَ، التفت نحوي بقامته القصيرة وبشرته السمراء الداكنة والاح بيده نحو ذاته مشيرا لي بان تفضل بينما هو عاد للنبش في القمامة غير مكترث بي.
كم كانت ثواني التقاط الصورة بالنسبة لي ثقيلة لكوني بين أوساط القمامة التي تخنقني الروائح المنبعثة منها، وتسألت كيف يبدوا الأمر بالنسبة له وهو الذي يظل ينكث في أكوام القمامة لساعات؟!

استدرت منصرفا وقبيل انصرافي التفت برأسه نحوي وقال لي بالغة الإنجليزية :(Any other services) وكان يقصد بها أي خدمات أخرى؟ لم تكن عبارته تلك عابرة بالقدر الذي كان يريد من خلفها ارشادي إلى ما يمتلكه من قصة معاناة.

مرة أخرى تحاملت وتقدمت وانا أخاف أن تطأ قدماي شيء من أكياس القمامة وقلت: له اود الحديث معك فهل ذلك ممكنا؟!.

قال لي وبلهجة عدنية بسيطة: تعال اعزمك على قلص شاهي في المقهاية -مطعم-القريبة من هنا وأشار بيده إلى ناحية اليمين.

حسين علي محمد عبدالله يسكن في مديرية المنصورة بلوك 33 منزل رقم 147 طبيعة عمله الحالية جامع للمعدن من علب المشروبات من النفايات في المديرية، بعد ان كان عامل جودة في مصنع الكبريت والسجائر في عدن والذي تم خصخصته ضمن الحرب الشعواء على الجنوب والجنوبين في المحافظات الجنوبية.

• حسن خبير جودة

حسين فرد من مئآت الآلف من ابناء الجنوب الذين تم اقصائهم في الجنوب من قبل مجرمي الوحدة اليمنية، وتعرضهم للتمييز السلبي في المعاملات الادارية.

وبحسب دراسة اعدها الدكتور حلبوب نشرتها صحيفة الأيام فقد قال: ان حجم الاقصاء والتهميش الاقتصادي لابناء الجنوب كبيرا وشامل لمعظم فئات المجتمع من اصحاب الوكالات التجارية وتجار جملة وتجزئة، ومقاولين، وشباب عاطلين عن العمل، ومستثمرين، وعمالة حرة، وموظفين، وقياديين، ومقاعدين، وسلاطين وشيوخ وعقال، وغيرهم، حيث بلغ عدد من تم اقصائهم ( 367،974 ) عامل وموظف حكومي وقيادي جنوبي، من اعمالهم.
وخلص حلبوب في الدراسة إلى أن جميع تلك الإجراءات ادت بشكل ظالم إلى ارتفاع نسبة البطالة بين الذكور في المحافظات الجنوبية والشرقية الى ( 22 % )، بالمقارنة مع (10% ) في المحافظات الشمالية وفقا للارقام الرسمية .

*مواصلة المعاناة

يواصل يسرد حسين بعضا من فصول معاناته وانه انتقلت للعمل في مصنع السجائر وتم اختيار له المختبر في مصنع الكبريت في المعلا الكائن بجانب المعارض المؤسسة العسكرية وانه بعد ان توقف مصنع الكبريت عاد للعمل في مصنع السجائر وعمل في قسم الجودة .

ويتابع حسن عن الأسباب التي أدت إلى توقف المصنع هو أن القائمين على دولة الوحدة أرادوا أن يتحول ذلك المصنع إلى مستودع فتم تعطيل المصنع.

ويقارن حسن بين طبيعة التعامل في ظل دولة لحزب ودولة الوحده المشؤومة وانه كان من المستحيل يتم يفصلك عن عملك في ظل وجود رقابة في نقابة ما لحق الطبقة العمالية بعد ذلك.

اول عمل كان لي في مصنع السجائر في الجودة وتم تنقية السجائر والعمل على تنقية السجائر لو وجدت سجائر مثقوبة او غير سليمة، وعقب خصخصته انتقلت إلى المختبر في مصنع الكبريت غير انه وحتى هذا المصنع تمت خصخصته والعمل على التسريح القسري لنا كمال .

• تعويل على اتفاق الرياض

وقال حسن انه تم فصله بشكل تعسفي من عمله في مصنع السجائر بعد فترة عمل تطول عن 24 سنة وتم فصلي فصل تعسفي .

خاتما بقوله أن الوحدة جاءت بالشر والشرور وهي المرحلة التي سمحت لإنتهاك حقوق الموظفين بخلاف ما قبل ذلك وكنا نعيش بعز ولا نعاني من شح في الخدمات والراتب وكنا نصرف منه بعض الشيء ولا نحتاج إلا شيء بسيط منه.

يأمل حسين في ختام حديثة لـ عن تايم ان يمثل اتفاق الرياض بادرة في تأسيس لمرحلة عدالة انتقالية يتم فيها انصاف الجنوبين وخاصة المسرحين قصرا من اعمالهم من ابناء الجنوب.

يذكر أن نحو 26 مصنعاً ومعملاً كان قائم ويعمل في العاصمة عدن وعدد من المحافظات الجنوبية مثل أبين وحضرموت ، فضلاً عن وجود 6 مؤسسات عامة ومختلطة ، و 9 شركات خاصة ومختلطة ، جميعهم كانوا يمثلون أحد مصادر الدخل القومي للجنوب ، بالاضافة الى كونهم كانوا مصادر دخل لألاف الأسر الجنوبية .

لكن نظام صنعاء من خلال حقده على الجنوب ومقدراته وتأمراته وخططه الدفينة قام بنهب وتدمير جميع تلك المصانع والمؤسسات الجنوبية ، منها تم تحت مسمى الخصخصة والأخرى دمرت كليا ونهبت أصولها وشردت كافة الأيدي العاملة الجنوبية التي قضت سنوات عمرها لبناء وتشغيل تلك الممتلكات والمقدرات الجنوبية العامة.