آخر تحديث :الجمعة - 19 أبريل 2024 - 01:21 ص

ثقافة وأدب


البنية السردية في رواية الطوفان

الخميس - 21 مايو 2020 - 05:26 م بتوقيت عدن

البنية السردية في رواية الطوفان

د. شهاب القاضي

القسم الثالث :
البنية السردية في رواية الطوفان او (مررت بها كما تطلبتني ) للأديب والشاعر الكبير مبارك سالمين



رواية الطوفان في سطور : كتب الاديب والشاعر المتألق مبارك سالمين هذه السيرة الروائية بعد مضي اربع و عشرين عاما على حرب 1994 بناء على تاربخ صدور الرواية التي صدرت عن مؤسسة اروقة للدراسات والترجمة والنشر عام 2018 القاهرة العاصمة المصرية ...وقد عادت به الذاكرة الى عام 1977، عام التحاقه بكلية التربية العليا قسم الفلسفة ...وقد استعرض سيرته الذاتية والمتخيله في ثلاثة فصول وعشرة اجزاء على النحو التالي : الفصل الاول (1977 - 1983) وفيه اربعة اجزاء : جميلة ، اربعة مفاتيح ، سعدية ، بلغاريا اليمن ، والفصل الثاني (1984 - 1986) وفيه ثلاثة اجزاء : ثانوية الجلاء ، المبروكة 2 ، (يناير 1986) (غربان يانظيرة ) والفصل الثالث (1987 - 1995) وفيه ثلاثة اجزاء : من بغداد الى بيونج يانج ، موسم الرحيل الى (مطار صنعاء)، حرب 1994.

يشير الكاتب في الفصل الاول، الجزء الاول بعنوان جميلة الى التحاقه بقسم الفلسفة وكانت جميلة وهي فتاة عدنية طالبة من ضمن زملاء اخرين كمنصور (الفيلسوف الخجول القادم من الريف المحيط بعدن ) عبدالواحد ، مرشد ، شذى لقد احب جميلة تلك وقد كانت عضوا في الحزب الاشتراكي اليمني بينما احاطوا السارد بشائعات انه عضو في حزب البعث العربي الاشتراكي وهي تهمة باطلة وليست صحيحة تماما كما اخبر بذلك صديقة مرشد ( وانا اكاد ابكي من شدة الاحساس بالظلم والافتراء بسبب هذه التهمة التي تفوح منها رائحة الكذب والبهتان والضغينة ) ص :20، جميلة الفتاة الخلاسية لم تكن مثل الاخرين ، كانت علاقته بها تعكس الاعجاب المتبادل الحذر قالت له ذات يوم (انت لا تصلح ان تكون زوجا وبلهجة استخفاف وهي تضحك (.... بعلا ) وليس لديك ميل للاستقرار، انت مثل الطائر كل يوم على غصن حسب تعبيرها ولهذا (ابعد عن طريقي ، برع ). ص :12،كانت جميلة مثلما كانت مدينة عدن ( جميلة العدنية من مخلوقات النص والمدينة ، لهذا لاتشبه جميلة محددة ، تأخذ من هذه وتلك لتشبه في آخر المطاف عدن في تلك الايام ) ص :8 و ( عدن كانت مدينة في غاية صحوها ، مدينة تفاعلية مصت اقواما وقبائلا جاءت من محيطها ومن غيره ، بعاداتها وتقاليدها ودياناتها ايضا كانت عدن بكامل معناها ) ص :7 تماهى حبه لجميلة مع حبه لعدن المدينة... كانت عدن وكانت جميلة ، ثم في السطور الاخيرة من الرواية لم تعد عدن عدن ، ولم تعد جميلة جميلة ...
يتعرف على (ن) وهي عاملة في مصنع او معمل كبير لصناعة الحقائب والبلاستيك كذلك يتعرف على سعدية وكانت مشروعا يعده الكاتب للزواج الا انه لم ينجح ، قضى السنة الثالثة في التدريس كسنة تطبيقية في زنجبار ابين ، او كما سماها بلغاريا اليمن لوفرة زراعاتها ويتقدم فيها بطلب لعضوية الحزب الا انه يرفض طلبه بدعوى بعثيته على قاعدة التقارير السرية التي صنفت الناس في ذلك الزمان ، فاقصت وغيبت ودمرت كوادر تتمتع بالامكانيات والقدرات المميزة .

في الفصل الثاني 1984 - 1986 يقرر الزواج ويصبح مدرسا في ثانوية الجلاء في مدينة خورمكسر ويصر على ان يخاطب مديرية صيرة للحزب الاشتراكي وهي المديرية التي تقع ثانوية الجلاء ضمن اختصاصها الحزبي مما جعلها توجه المنظمة القاعدية للثانوية بقبول عضويته بناء على طلب آخر يقوم بتوجيهه اليها وفعلا تم قبول عضويته واصبح رفيقا لكل زملائه وفي مقدمتهم جميلة . التفكير بعضوية الحزب والرغبة بها والشكوى من الدسائس والمؤامرات تطل علينا من السطور الاولى للرواية وهو يعرف جيدا كما قال الشهيد العراقي الدكتور توفيق رشدي ان الذين في خارج الحزب كانوا هم الافضل او بالاحرى هم الطليعة اذا جاز القول ...في هذا الفصل يلتقي بجميلة تقريبا في عام 1985 وقد بدات خلافات الاجنحة في الحزب او بشكل دقيق الخلاف بين جناحين في الحزب ، في هذه الغترة زارته جميلة في ثانوية الجلاء قادمة من الاتحاد السوفيتي وفي نهاية لقائه بها اطلق الكاتب مبكرا قولته المشهورة متنبئا : لم تعد جميلة جميلة التي اعرفها وبموازاة ذلك تندلع بين الرفاق حرب 13 يناير 1986 التي قضت على مباهاة عدن ، لمدن العالم بقيمها وقضت المدينة برصاص القبيلة فلم تعد عدن بعد هذه الاحداث عدن ...
ينتقل السارد بعد ذلك الى الفصل الثالث 1987 - 1995 وهو مكون من ثلاثة اجزاء وهي : من بغداد الى بيونج يانج ، موسم الرحيل الى صنعاء (مطار صنعاء) ، حرب 1994 ...في مطلع الجزء الاول يشير السارد الى عام 1987وهو عام مفصلي في حياته إذ يستقر به المقام في مركز البحوث والتطوير التربوي ومن هذا المركز تبدأ ملكاته بالتفتح ومن هذا المركز يحصل على فرصته في الالتحاق بالدراسات العليا في الجمهورية التونسية فيما بعد ... سافر الى بغداد ضمن وفد اتحاد الادباء والكتاب اليمنيين في مهرجان مربد الشعر في عام 1989 في وفد واحد من الجنوب والشمال وتم التعامل معهم على هذا الاساس لاسيما بعد تشكيل لجان الوحدة اما في بيونج يانج عاصمة كوريا الديمقراطية فقد شارك السارد في مهرجان الشباب العالمي ضمن وفد اشيد (اتحاد الشباب اليمني الديمقراطي ) وقد عومل الوفد بحفاوة منقطعة النظير وكان من اكبر الوفود المشاركة ( وقاموا بفرزنا من الوهلة الاولى واسكنونا كبلدين في اماكن مختلفة لاسباب أمنية )ص 102 قلت (لم نكن دولة واحدة ، وقد نشبت بيننا حروب عدة ......قد تكون كوريا الشمالية على حق... ) في الجزء الثاني من الفصل الثالث ينتقل السارد الى العمل في صنعاء في مركز البحوث والتطوير التربوي وفي عام 1993 سافر السارد للدراسة العليا في تونس في مجال التربية وعلم النفس ..وذلك قبل اندلاع حرب 1994 بين الشمال والجنوب الذي أفرد له جزءا من الفصل الثالث وهو الجزء الاخير ليعود في 6 يوليو 1995 الى عدن لقضاء إجازة الصيف مع عائلته وفي احضان عدن الجميلة ، او عدن جميلة ( لكنني صدمت برؤية مطارها الدولي الذي كان عبارة عن ثكنة عسكرية ) ص114
وفي اليوم التالي اي في 7 يوليو خرج السارد من المنزل ليرى عن كثب ماآلت اليه عدن بعد الحرب فهاله ما رأى وقال ( احسست أن طوفانا من الجهل والحقد والبلاء سيغمر هذه البلاد وسيعلمها معنى الغرق والتيه ، موقنا بأن المدينة ستظل غارقة في السواد لسنين طويلة قادمة .......)ص 116