آخر تحديث :الأربعاء - 04 ديسمبر 2024 - 10:37 م

اخبار وتقارير


تقرير خاص- عطلت تخصيص 30% للمحافظات المنتجة.. نفط الجنوب يسيل لعاب الحكومة

السبت - 14 أبريل 2018 - 07:35 م بتوقيت عدن

تقرير خاص- عطلت تخصيص 30% للمحافظات المنتجة.. نفط الجنوب يسيل لعاب الحكومة

عدن تايم/ كرم أمان

يؤكد خبراء إقتصاديون جنوبيين وباحثون في مجال النفط والمعادن أن مسألة الحفاظ على الثروات النفطية والغازية والمعدنية في الجنوب وإنتاجه وتصديره بحاجة الى إدارة فاعلة تديرها كفاءات وطنية وخبراء نفط محليين إكتسبوا خبرات تراكمية من عملهم لدى بعض الشركات النفطية التي عملت في الجنوب تحت إطار حكومي مؤسسي من خلال إنشاء شركة أو مؤسسة للنفظ والغاز والمعادن تحدد لها أغراض ومهام وصلاحيات, لكي تقوم بإدارة و ممارسة الأنشطة الإستكشافية والإنتاجية والإقتصادية والتجارية، وهذا لن يتأتى بطبيعة الحال في مثل هذه الظروف التي يعيشها الجنوب اليوم في ظل الوحدة التي اثبتت فشلها وعجزها وعدم نزاهتها في إدارة هذه الموارد الطبيعية الضخمة .
 وأوضحوا أن الأمر يتطلب بالضرورة الى وجود حكومة مستقلة في العاصمة عدن تتولى مسؤولية الإشراف والرقابة والمتابعة لسير أعمال الجهات المتخصصة في قطاع النفط من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بحيث تكون هذه الحكومة في حدود ونطاق المناطق الجنوبية المحررة وهي حدود دولة جنوب اليمن ما قبل العام 1990، وبما يضمن سلامة ومراعاة تنفيذ الاتفاقيات المستقبلية مع كبرى الشركات العالمية في مجال النفط ، وذلك من خلال الإعداد و العمل وفق رؤية مستقبلية متكاملة طويلة المدى لكافة القطاعات الاقتصادية و الاستثمارية .
وتعد المحافظات الجنوبية وبخاصة الأراضي الواقعة في محافظات حضرموت وشبوة وأجزاء من المهرة ، مناطق غنية بالثروات النفطية والمعدنية كالذهب والفضة والزنك والملح الصخري، والرمل الزجاجي، والرصاص، والسيلكا، والفلسبار، بالإضافة الى حقول الغاز الطبيعيّ.
 
 
احتياطي كبير
وبحسب بعض البحوث والدراسات العلمية فإن أراضي الجنوب واعدة ليس بمخزونها وضخامة احتياطاتها من الثروات النفطية فحسب، وإنما بمعادنها الثمينة ومنها الذهب ، حيث أشارت تقارير نفطية سابقة أن منجم وادي مدن بمحافظة حضرموت يحتوي على كميات كبيرة من خام الذهب الذي تقدر احتياطيه بحوالي 700,000 طن بدرجة 15جم/طن ذهب، و9 جم/ طن فضة.
ومنذ إجتياح الجنوب عسكرياً في العام 1994 وحتى ما قبل العام 2015 أصبحت هذه الثروات تستحوذ عليها مركزية صنعاء و فئة معينة من المتنفذين الشماليين وشيوخ قبائل وشركات عالمية وأخرى وهمية ، حيث يكتنف الغموض كثير من الأرقام الحقيقية المتصلة بهذه الثروات ، الأمر الذي يتوجب معه البدء بالتفكير في إيجاد بدائل وأدوات وأنماط جديدة وطنية تمكن من إستغلال هذه الثروات وتطويرها وتسخيرها للتنمية بكل أمانة ونزاهة وكفاءة وإقتدار .
 
المساحات والقطاعات النفطية
 
تقدر المساحات أو الأراضي النفطية في الجنوب بنحو 274 ألف كم2 وهي المساحة التي تمثل أكثر من 80% من إجمالي المساحات النفطية في اليمن عموماً ، بينما تبلغ المساحات أو الأراضي النفطية في الشمال اليمني بنحو 19% فقط وتتركز في كلا من مأرب والجوف .
أما في الجنوب فتتركز المساحات النفطية في حضرموت وشبوة وأجزاء من المهرة وبعض من أجزاء اليابس القاري والمياه الإقليمية التابعة للجنوب ، حيث تحتل محافظة حضرموت المرتبة الأولى في عدد القطاعات والمساحات النفطية بواقع 18 قطاع نفطي مفتوح بمساحة تبلغ نحو 173 ألف كم2 ، تليها محافظة شبوة بواقع 4 قطاعات نفطية مفتوحة وبمساحة إجمالية تبلغ نحو 47 ألف كم2 ، وقبلها محافظة المهرة التي يوجد فيها 6 قطاعات نفطية مباحة وبمساحة تبلغ نحو 43 ألف كم2 تقريباً .
وتؤكد تلك الدراسات أن هناك أعمال إستكشافية وإنتاجية أخرى للنفط كانت تتم ، ولكن نتيجة للغموض الذي كان يكتنف هذا الجانب من قبل نظام صنعاء ، مؤكدة أنه في العام 2009 وصل عدد القطاعات الاستكشافية في محافظات الجنوب حينها إلى حوالي 29 قطاعاً نفطياً، تقدر مساحتها بحوالي 142,564 كم2 كما أن هناك قطاعات نفطية كانت آنذاك قيد المصادقة عليها من قبل مجلس النواب، وعددها 7 (سبعة) قطاعات هي : (البــرقـة / 7 بشبوة ــ مرخـــة / 75 بشبوة ــ قــوزة / 74 بحضرموت ــ وادي البـنـيـــن / 84 بحضرموت ــ جيـــزع / 34 بالمهرة ــ مـرغيــث / 37 بالمهرة ــ دمـقـــوت / 39 بالمهرة ) .
 
 
 
كمية إنتاج النفط
 
كشفت الدراسات والبحوث والتقارير العلمية المتصلة بالنفط أنه بلغت كمية الإنتاج اليومي للنفط الخام من حقول الجنوب في عام 1993 بحوالي 186,221 برميل يومياً، وتشير بعض المصادر إلى أن كمية النفط المصدرة من حقول حضرموت وشبوة قبل حرب صيف 94م كانت بحوالي 500 ألف برميل يومياً ، بينما كانت كمية الإنتاج من حقول مأرب بنحو 109,463 برميل يومياً فقط .
وبعد حرب 1994 ، كانت سلطات صنعاء قد أنفردت بالهيمنة والسيطرة على كل ثروات ومقدرات الجنوب وتسابقت العديد من الشركات للإستثمار والشراكة في هذا الجانب، أي للتوسع في الأعمال الإستكشافية والإستخراجية للنفط وغيرها من المعادن الطبيعية ، لتصل رقعة المساحات والحقول في كل من حضرموت وشبوة الى اضعاف تلك الأرقام التي كانت معروفة نسبياً قبل حرب 94م .
ومن أهم المؤشرات السياسية والاقتصادية التي تؤكد على أن الدوافع الحقيقية لإشعال فتيل الحرب عام 94م، كان هدفها الأساسي هو احتلال حقول النفط في محافظتي حضرموت وشبوة، التي أظهرت نتائج الاستكشافات النفطية فيها بوجود كميات كبيرة من المخزون الاحتياطي للنفط والغاز، إلا أن تصريحات العديد من المهندسين والخبراء في مجال النفط العاملين مع الشركات العاملة في حقول إنتاج النفط بمحافظتي شبوة وحضرموت، أكدوا فيها أن كمية إنتاج النفط الخام من تلك القطاعات قد تجاوزت الـ (1.600.000) مليون وست مئة ألف برميل يومياً/ وربما أكثر من ذلك بكثير؟! .
ومنذ ما بعد العام 2011 وما شهدته اليمن من أزمات وفوضى وغياب الدولة ، إختفت كلياً البيانات والمعلومات النفطية ، على الرغم من إستمرار شركات التنقيب وإستخراج النفط بالعمل ، وطفت الى السطح عمليات التهريب والبيع غير المشروعة للمشتقات النفطية لصالح مسؤولين ومتنفذين معظمهم شماليين ، بعيداً عن وزارة النفط والمعادن .
 
 
 
ما بعد العام 2015
 
منذ نهاية العام 2014 وبدء الحرب الإنقلابية التي يقودها الحوثيين وحليفهم السابق علي عبدالله صالح ، توقفت كافة الشركات المحلية والأجنبية العاملة في مجال النفط باليمن ، قبل أن تعلن الحكومة الشرعية في منتصف العام 2016 إستئناف إنتاج النفط وتصديره من حقول المسيلة في حضرموت ، وكذا حقل مأرب . ومع حلول العام 2018 بدأت الشركات الأجنبية النفطية بالتردد الى حقول النفط في محافظة شبوة لإستئناف إنتاج وتصدير النفط والغاز، حيث كان لقوات التحالف العربي وتحديداً قوات دولة الإمارات العربية المتحدة دوراً كبيراً وبارزاً في المساعدة على إستتباب الأمن وإستئناف إنتاج وتصدير النفط من حقول المسيلة بحضرموت والإستعداد لإستئناف الإنتاج من حقول شبوة .
وعلى الرغم من صدور قرار رئاسي من الرئيس عبدربه منصور هادي بتخصيص 30% من عائدات النفط للمحافظات النفطية كحضرموت وشبوة والمهرة ، إلا أنه لم تلتزم الحكومة بذلك القرار، وهو ما كشف عنه محافظ حضرموت السابق اللواء أحمد سعيد بن بريك في منتصف العام 2017 حين هدد بإيقاف ضخ النفط جراء عدم إيفاء الحكومة بالتزاماتها التي قطعتها للمحافظة.
 
إزدياد رقعة الفقر
 وبالرغم من أن كل هذه الثروات النفطية تتركز في الجنوب إلا أن ذلك لم يشفع لسكان الجنوب أن ينعموا بحياة معيشية ترقى الى مستوى بعض شعوب الدول النفطية في المنطقة أو الإقتراب من حدودها الدنيا ، حيث أن كل سكان الجنوب تقريباً أو السواد الأعظم منهم يعيشون تحت خط الفقر ، وهناك مؤشرات إقتصادية تؤكد أن مستوى دخل الفرد في الجنوب لا يتعدى 3 دولار باليوم الواحد أي 90 دولار شهرياً .
ولقد كان ذلك نتاج طبيعي لنهب ثروات الجنوب وموارده النفطية من قبل سلطات صنعاء والمتنفذين في هذا النظام الذي عاتى في الجنوب فساداً وظلماً ، لحرمان شعبه من عدالة التوزيع على أقل تقدير لهذه الثروات أسوة بالعاصمة صنعاء و بقية المحافظات الشمالية .
وإستشعر الجنوبيون بالغبن والظلم الواقع عليهم ، كما بدأوا يطالبون بإستعادة ثرواتهم أمام نظام صنعاء الذي هو الأخر بدأ يفكر بغطرسة متنفذيه وما يتمتعون به من جبروت وترسانة عسكرية في قمع أية مطالبات جنوبية ، وبدأت حرب صيف 1994م التي تم فيها الإقتتال بين الشمال والجنوب التي أنتهت بإنتصار الشمال بغزو عسكري وإحتلال الجنوب ، وهنا طفت الى السطح بشكل واضح وملحوظ هيمنة وسيطرة متنفذي صنعاء على ثروات الجنوب النفطية وكل مقدراته وأراضيه .
إستمرت هذه الأوضاع التي مورست من قبل صنعاء على الجنوب بسياسة الاستعلاء وتمادت بعد ذلك لسياسات الإقصاء والتهميش وتسريح وإحالة كثير من كبار الموظفين مدنيين وعسكريين من الخدمة والتقاعد القسري فضلاً عن ممارسة إنتهاكات حقوق الإنسان ضد الجنوبيين ، الأمر الذي أدى الى إضطرابات شعبية وسياسية في الجنوب وإرهاصات لحرب عام 2015 التي لازالت لم تحط أوزارها بعد في اليمن .