آخر تحديث :السبت - 21 ديسمبر 2024 - 08:45 م

كتابات واقلام


دلالات تصريحات الرئيس الزبيدي حول فتح الطرقات

السبت - 16 مارس 2024 - الساعة 10:08 م

حافظ الشجيفي
بقلم: حافظ الشجيفي - ارشيف الكاتب


أثارت تصريحات الرئيس القائد عيدروس الزبيدي الأخيرة بشأن إعادة فتح الطرق التي أغلقها الحوثيون بين اليمن وجغرافية الجنوب، جدلا عميقا وسلطت الضوء على الأبعاد السياسية والاجتماعية والأمنية والعسكرية المعقدة المحيطة بهذه القضية الحاسمة. وبوصفه رئيساً للمجلس الانتقالي الجنوبي، فإن دعوة الزبيدي للإشراف الدولي على فتح هذه الطرق لها آثار بعيدة المدى تتجاوز مجرد الخدمات اللوجستية، وتمس جوهر هوية الجنوب وتطلعاته إلى تقرير المصير.

إن إغلاق الحوثيين للطرق بين اليمن والجنوب قبل عقد من الزمن لم يقطع الروابط الحيوية بين الشعبين فحسب، بل أصبح أيضاً حاجزاً رمزياً بين دولتين لهما هويات تاريخية وثقافية وسياسية مختلفة. إن تأكيد الزبيدي على ضرورة إعادة فتح هذه الطرق تحت إشراف دولي يعكس فهماً عميقاً للتعقيدات القائمة والحاجة إلى حماية مصالح وتطلعات شعب الجنوب الذي يسعى للاستقلال عن اليمن.

ومن خلال التأكيد على أهمية الرقابة الدولية، لا يدعو الزبيدي إلى الشفافية والمساءلة في فتح وإدارة هذه الممرات الحيوية وكفى، بل يشير أيضًا إلى الالتزام بدعم حقوق ورغبات شعب الجنوب. إن فكرة أن فتح هذه الطرق دون إشراف دولي مناسب يمكن أن يقوض سعي شعب الجنوب إلى الاستقلال تؤكد على التوازن الدقيق للقوى والمشاعر التي تميز الديناميكيات الداخلية في اليمن.

ومن منظور سياسي، يتحدى موقف الزبيدي المفاهيم التقليدية للسيادة والسلامة الإقليمية، ويسلط الضوء على الانقسامات العميقة والمظالم التي ابتلي بها المشهد السياسي اليمني منذ فترة طويلة. إن إعادة فتح هذه الطرق دون إشراف دولي يمكن أن يؤدي إلى تفاقم التوترات القائمة وتأجيج المزيد من الخلاف بين اليمن والجنوب العربي، مما يؤدي إلى إدامة دائرة الصراع وعدم الاستقرار التي ابتليت بها المنطقة لعقود من الزمن.

وعلى المستوى الاجتماعي، فإن الآثار المترتبة على إعادة فتح الطرق المغلقة دون إشراف مناسب لها نفس القدر من الأهمية. يمكن أن يكون لاحتمال زيادة حركة السلع والخدمات والأشخاص بين اليمن والجنوب آثار اجتماعية واقتصادية عميقة على الشعب الجنوبي، وتشكيل أنماط الهجرة والتجارة والتبادل الثقافي بطرق قد لا تتماشى مع تطلعات الجنوب واهدافه وتضحياته.

وفيما يتعلق بالأمن، فإن إعادة فتح الطرق المغلقة تحت إشراف دولي يحمل في طياته الوعد بخلق بيئة أكثر استقرارا وأمنا تفضي إلى بناء السلام وحل الصراعات بطرق ودية. ومن خلال ضمان مراقبة هذه الطرق وحمايتها من قبل اللجان الدولية، يسعى اقتراح الزبيدي إلى التخفيف من المخاطر المرتبطة بالتهريب والإرهاب وتدفق النازحين وغيرها من الأنشطة غير المشروعة التي تزدهر عادة في مناطق الصراع والنزاع.

ومن منظور اجتماعي، فإن إعادة فتح هذه الطرق دون التشاور والاتفاق المناسب يمكن أن يشعل الاضطرابات والخلاف بين الشعبين. وقد ينظر شعب الجنوب العربي، الذي طالما سعى للاستقلال عن الشمال، إلى أي قرار أحادي بفتح الطرق باعتباره انتهاكا لتطلعاته وتهديدا لهويته. وتعكس دعوة الزبيدي للإشراف الدولي فهماً عميقاً للديناميكيات الاجتماعية المؤثرة والحاجة إلى احترام رغبات شعب الجنوب.

وعلى المستوى الأمني ​​والعسكري، فإن إعادة فتح هذه الطرق دون تنسيق مناسب يمكن أن يكون له عواقب بعيدة المدى. ويشكل احتمال وقوع اشتباكات ونزاعات حدودية وزيادة العسكرة على طول هذه الطرق مصدر قلق حقيقي يجب معالجته من خلال التخطيط الدقيق والوساطة الدولية. ويعتبر إصرار الزبيدي على الإشراف الدولي خطوة استراتيجية لمنع أي تصعيد للصراع والحفاظ على الاستقرار في المنطقة.

ومن وجهة نظر عسكرية، قد يكون لإعادة فتح الطرق المغلقة آثار استراتيجية على مختلف الجماعات المسلحة في اليمن. إن فتح هذه الطرق تحت إشراف دولي يمكن أن يؤدي إلى تهدئة التوترات، وتقليل احتمالية المواجهات، وخلق فرص للحوار والتفاوض بين الاطراف المتحاربة، مما قد يمهد الطريق لعملية سلام أكثر استدامة واكثر ترتيبا.

وفي الاخير، فإن تصريحات القائد عيدروس الزبيدي بشأن إعادة فتح الطرق المغلقة في اليمن تحت إشراف دولي تمثل نهجا دقيقا واستراتيجيا لمعالجة الحقائق المعقدة التي تواجه البلاد. ومن خلال الدعوة إلى دراسة متأنية للأبعاد السياسية والاجتماعية والأمنية والعسكرية المؤثرة، وضع الزبيدي نفسه كقائد حكيم يسعى إلى الإبحار في شبكة معقدة من المصالح والتطلعات التي تحدد طريق اليمن نحو الاستقرار والسلام وتقرير المصير.