آخر تحديث :الأربعاء - 25 ديسمبر 2024 - 08:02 م

كتابات واقلام


باصات كثيرة في منتدى الأحلام

الثلاثاء - 28 مايو 2024 - الساعة 12:52 ص

محمد الموس
بقلم: محمد الموس - ارشيف الكاتب


باص الاحلام

محمد عبدالله الموس
قيل ان احد الزعماء العرب ممن رحلوا عن الدنيا انه قال (لقد كنا على حافة الهاوية ومع ذلك خطونا الى الأمام) وهي من المقولات التي تطرب السامع لكنها تحمل معنى الغباء بكل صوره، فكثير من الزعماء يجيدون ابتداع المقولات، لكنها مقولات جوفاء، بلهاء، تعكس ضحالة فكر.

كنت في رحلة اضطرارية الى احدى الدول الشقيقة، ورحلاتي قليلة جدا، فأنا لا اقوى على تكاليف السفر، وذات يوم مر علي احد اصدقائي ممن يقيمون هناك بهدف زيارة اصدقاء آخرين، كان واقفا على الرصيف بانتظاري وكان طفله يجلس على مقعد السائق وارجله اقصر من ان تصل الى مداسات التحكم بالسيارة، فقلت له (ولدك يذكرنا بالسلطة في بلادنا فهي تمسك المقود والسيارة تسير على بركة الله).

كان ملتقانا اليومي في منتدى الاحلام بعدن في منزل أحد المسؤولين في السلطة آنذاك لكنه كان جنوبيا متعصبا، وكان منتدى الاحلام يضم زملاء واصدقاء من كل جغرافيا الجنوب ما عدى المهرة، لكي اكون صادقاء مع القارئ، وهذا ليس انتقاصا من المهرة كمحافظة مقدسة كغيرها من محافظات الجنوب ولكن هكذا شائت الصدفة.

حينها كان يعتقد الشريك اليمني الغادر بأن الاوطان يمكن التهامها وان الشعوب يمكن ان تستكين كما توهمت قوة الاحتلال وعبر عنها المرحوم عبدالكريم الارياني حين قال (لقد ألتهمنا الجنوب ولم يبق لنا إلا هضمه).

او الذين يعتقدون ان القوة ثابتة وان لها وجه واحد، رغم علمهم ان لها وجوه كثيرة وانها متغيرة، وقد اثبتت هذه الحقيقة انماط الصراع التي عصفت بالجنوب واليمن منذ انقلاب سبتمبر وثورة اكتوبر وكلاهما عاشا حالات صراع وإقصاء وان كان في اليمن اقل حدة، وكلاهما لا زالا يعيشا حالة صراع ظاهرا وباطنا.

كنا في منتدى الاحلام نشبه السلطة بأنها باص يهرول في منزلق، بلا فرامل، ومن اراد الصعود فيه فعليه ان يجاريه في السرعة ومن ينزل فعليه ان يدفع ثمن النزول رضوض وجروح في جسده، هكذا كان باص السلطة في نظر رواد المنتدى.

لدينا اليوم باصات كثيرة، فهناك باص الشرعية الذي لا يتحرك ومعظم ركابه ممن يعيشون حالة (سياحة سياسية) ان جاز التعبير، لا ظهرا ابقوا ولا ارضا قطعوا، مجرد (تنابلة) فهم لا يفعلون شيئا سوى ملاحقة رواتبهم الدولارية وامورهم الشخصية، وجل هؤلاء لا يريدون للباص ان يتحرك ولا للحرب ان تنتهي.

وهناك باص الجنوب، وقد بح صوت المنادي ينادي للصعود إليه لكن بعض لا يريد والبعض الآخر يفتش عن وسيلة اخرى.

وهناك باصات اخرى بيافطات حزبية لا تحمل مشاريع وطنية، ومعظم هذه الباصات تدعي ان هدفها واحد، لكنها في لحظة ما ستجد نفسها في حالة سباق مفروض عليها، وسيعتمد فوزها في السباق على تأمين طريقها ومهارة قيادتها ومستوى صيانتها، والحليم تكفيه الاشارة.

تحية لباص منتدى الاحلام الذي كان له دور، كغيره من منتديات عدن، في استنهاض الشارع الجنوبي، وتحية لصحيفة الايام والطريق وعدن الغد والامناء التي واكبت حراك الشارع الجنوبي، بعضها لا زال مستمرا وبعضها احتجب، ولعلي اختم بطرفة حين هاتفني العزيز ايمن محمد ناصر رئيس تحرير صحيفة الطريق وقال (ذولا ما يصافطوش، با يكسروا صحيفة الطريق فوق راسي يا محمد) فعذرته عن عدم النشر، لكن المقال تم نشره فيما بعد.

عدن
٢٧ مايو ٢٠٢٤م