آخر تحديث :الأحد - 22 ديسمبر 2024 - 08:01 ص

كتابات واقلام


التعاطف الدولي مع الحوثيين أصبح مملا ومستفزا

الخميس - 18 يوليه 2024 - الساعة 11:05 م

جمال مسعود علي
بقلم: جمال مسعود علي - ارشيف الكاتب


لا أظنه كان خفيا على أحد موقف المجتمع الدولي من الحرب في اليمن وتعاطفه مع صنعاء ، البعض قد كان يصرح وباعلى صوت أن الحوثي أداة للمجتمع الدولي جنوب الجزيرة العربية على البحرين الاحمر والعربي ، ومااسطورة اجتياح العاصمة صنعاء ومحاصرة الرئيس هادي وسقوط الجيش اليمني بعدته وعتاده بيد ابو علي الحاكم والمتحدث باسمه يحي سريع ومن فوقهم محمد علي الحوثي والهالك الصماد وزعيمهم رجل الكهف عبدالملك الحوثي الا أكذوبة كبيرة برعاية أممية
الحوثيون الذين أعلنوا أنفسهم سلطة الأمر الواقع في اليمن ورضخت لهم الأحزاب السياسية والقبائل وعلماء الدين من ضجت بهم اليمن وخطبهم ، فجاء الحوثي يلزمهم بترديد الصرخة ولطم أجسادهم في الحسينيات اليمانية ممتثلين لأمره لايكادون يفقهون حديثا
لم تكن عدن ومحافظات الجنوب لتتجانس مع هذا التغيير فرفضته واقتلعته من جذوره وطردت عناصره لتبقى كما هي ذاك اللون الجنوبي المتفرد النقي

هذا التوغل الحوثي واضح جدا أنه ليس بجيش التتار ولا بالقوة العظمى التي تتساقط المدن أمامها صاغرة ، بل هو تجسيد لمشروع يعد للمنطقة أعطيت مفاتيحه للحوثيين يدخلونها بابا بابا يرددون صرخة الخداع والتمويه . الموت لأمريكا الموت لاسرائيل ، يخدعون البسطاء من الناس ، وهي سياسة مرسومة ظهرت جليا في عدة محطات بدا للعيان واضحا انه بغطاء دولي وإقليمي يسمح بتمدد الحوثيين ليصلوا إلى باب المندب . لكن المارد الجنوبي كسر هذا التمدد ومنع سيطرة الحوثيين على الباب وردهم إلى حجمهم الحقيقي

أولى المحطات التي انكشف فيها الموقف الدولي من الحوثيين هو التصدي السافر للقوات الشرعية ( الجنوبية ) ومنعها بالقوة من إتمام عملية تحرير الحديدة وفرض التدخل الدولي اتفاق وقف إطلاق النار في الحديدة دون غيرها وإجبار القوات الجنوبية على البقاء في أماكنها خارج الحديدة على مرمى حجر من الميناء والمطار

المحطة الثانية . سكوت المجتمع الدولي وغضه للطرف على انتهاكات الحوثيين للأعراف وتعرضه لسفن تصدير النفط والغاز وتهديدها بالقصف علنا وحرمان الشعب اليمني من الاستفادة من عائدات النفط والغاز في دعم الاقتصاد المنهار بسبب عنجهيته ، وليس هذا فحسب بل الاعتراض على منح الشرعية حق الرد على التهديدات . وهذا موقف غريب واضح وصريح بأنه مؤيد وداعم للبلطجة الحوثية

المحطة الثالثة وهي الأكثر غرابة من حيث الدلال الذي يحضى به الحوثيون لدى المجتمع الدولي ، فقد أخذت قضية تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية حالة من الشد والجذب مابين مؤيد ومعارض ، وعلى استحياء ودون تفعيل للقرار أعلنت الإدارة الأمريكية تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية لفظا فقط ولم يحمل قرارها أي تفسيرات إجرائية لطبيعة التصنيف كمنظمة إرهابية ، لتأتي إدارة بايدن بشكل عاجل على موضوع كبير جدا شغل الإدارة الأمريكية الا وهو إلغاء تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية رغم أنه لم يفعل وهذا يبين حرص الإدارة الأمريكية على تحرير الحوثيين من القيود واي عقوبات تعرقل مسارهم

المحطة الرابعة وهي ثورة بركان الغضب الدولي على قرارات البنك المركزي اليمني في عدن المعترف به من قبلهم ومطالبته بإلغاء حزمة الإجراءات التصحيحية التي أعلن عنها مؤخرا وسببت ضغطا فاعلا ومؤثرا على الادارة المالية لحكومة الحوثيين وتضررها منها ، واوقف العبث الذي كانت تمارسه على السياسة النقدية في اليمن ، ورغم أن هذه القرارات كانت تحت إشراف المجتمع الدولي ومباركته الا أنها أغضبت الحوثيين . فتدخلت الإدارة الدولية عبر المبعوث الأممي لتطالب بنك عدن بالتراجع عن القرارات وعدم تضييق الخناق على صنعاء في خطاب يملؤه الحرص على الجانب الإنساني والمتعاطف مع الشعب اليمني الذي سيلحق به الضرر جراء هذه الإجراءات ، وممارسة الضغط العكسي ضد حكومة عدن الشرعية وتهديد إدارة البنك المركزي اليمني في عدن بعقوبات اقتصادية أكثر لاتهتم بالجانب الإنساني الذي تطلب من بنك عدن مراعاته مع صنعاء

محطات كثيرة بينت دور المجتمع الدولي الحقيقي وتدخله المباشر والواضح في كل المحطات لانقاد الحوثيين من السقوط واعادة جهاز التنفس الصناعي لهم واحياؤهم من الموات وعدم السماح بتضييق الخناق عليهم بشكل جدي وحازم من قبل الشرعية بل وأكثر من ذلك ، تدخل المجتمع الدولي العسكري لحماية الحوثيين والدفاع عنهم بالقوة الضاغطة للحيلولة دون تقدم الشرعية في أي مسار سياسي أو عسكري أو اقتصادي . كان ذلك واضحا منذ البداية في عهد المبعوث الأممي الاول جمال بن عمر وتغاضيه عن إفشال الحوثيين لمخرجات الحوار اليمني واختطاف بن مبارك ، الا أن التدخل الحالي ومحاولات المبعوث الأممي الاخير ممارسة الضغط لإجبار بنك عدن على التراجع عن قراراته هو المحطة الأكثر استفزازا للشرعية ولعلها ستكون بداية لمرحلة جديد في آلية التعاطي مع المبعوث الأممي وفق ميزان المصلحة والمفسدة والتجاوب معه على قدر مايتحقق من مصالح مقابل ذلك تحت مبدأ اعطي على قدر ماتأخذ وهذا مالم تتعاطى معه المراحل السابقة فخنقت الشرعية مقابل أنها مدت الأكسجين لإنقاذ الحوثيين دون تحرج أو خجل