آخر تحديث :الإثنين - 23 سبتمبر 2024 - 06:10 م

كتابات واقلام


الطريق إلى البيت الأبيض بين الإثارة والتوجّس

الإثنين - 23 سبتمبر 2024 - الساعة 04:03 م

منصور الصبيحي
بقلم: منصور الصبيحي - ارشيف الكاتب


بالرغم ما تلقاه الانتخابات الرئاسية الأمريكية على فتراتها السابقة من الاهتمام والمتابعة، إلا أن هذه الأخيرة من حيث الإثارة والتوجّس تختلف عنها بكثير، والأمر يرجع بالتأكيد لما يجري بالتزامن معها من تحوّلات عالمية على المستويين السياسي والاقتصادي، تنبئ عن ظهور قطب عالمي جديد، وما نشهده على خلفيات ذلك من حروب مشتعلة وأزمات مركبة طبيعية وغير طبيعية، غدت تُلقي بظلالها على مستقبل البشرية، وتاليها التصريحات النارية التي بات يطلقها بين الفينة والأخرى المترشحين، وخصوصا ترامب ودائماً ما يتبنّي خطوطاً معاكسة لخصومه، تقوّض سياسات واسترتيجيات اعتاد قادة البيت الأبيض عدم تجاوزها إلّا في أمور معينة، حذراً من انكشافها وخروجها عن السيطرة.

فكما هو بصعوده خطراً صار يخشى منه الديمقراطيون وحلفاء أمريكا، ويمتد لجمع غفير من مناصري وناشطي المناخ والبيئة حول العالم، أيضاً في فشله وإخفاقة معضلة اكبر، قد تجرّ للفوضى على غرار ما يحصل يومنا هذا في بلدان نامية، خوفاً من قيام الفئة المتشددة عند الجمهورين بالاحتجاج وإثارة القلاقل والنعرات الحزبية بطريقة مبالغ فيها، تشبه ما حصل في 2020م حينما خرجوا للشوارع واقتحموا مبنى الكونجرس، كمحاولة منهم الإبقاء على السلطة في يد مرشحهم وعدم انتقالها منه، وهذه تعد سابقة فريدة من نوعها، قط لم تحصل من قبل في الانتخابات الأمريكية.

وبهذا الشكل قد تتحول المسألة عند من تدّعي بأنها حُصن منيع للديمقراطية وحامية حقوق الإنسان، من كوّنها نظام سائد وعرف متّبع لزمن طويل، إلى ممانعة تعصِف ببعض الولايات التي تمتلك طاقة سلبية تكوّنت لديها إزاء نتائج الانتخابات الماضية، وبصعود مرشح ديمقراطي للبيت الأبيض ستزداد حميّة وحرارة قد تسفر في الأخير عن انفجار كبير ومدوّي تشمل تأثيراته جميع أنحاء العالم.

وبكذا تصبح قائدة الرأسمالية الغربية ورأس حربتها، أمام جدلية ترامبية، تختزل الركائز الأساسية التي يلتف حولها الشعب( الحرية العدالة المساواة ) والى صراع يتجاوز بعده الفلسفي العقد الاجتماعي ( الدستور ) والذي في مجمل نصوصه يتوازى مع الحريات ويتعارض مع العنصرية بأشكالها المختلفة، وبأساسيات تحدد طبيعة السلطة الفدرالية وانتقالها سلمياً وبسلاسة.

وعليه إن كان أي ردة فعل عنيفة يقدم عليها الجمهوريون حال فشل دونلد ترامب، بمثابة عاصفة تتهاوى تحت ضرباتها الأعمدة التي تقوم وتتكئ عليها أمريكا، ففي فوزه وإقدامه على ارتكاب حماقات سياسية بأسلوب فجاجي ومكشوف كالتي يصرّح بها ويعلنها اليوم إعصار يعرّض الأمن والسلم الدوليين لمخاطر الاستنزاف والتراجع، بما يعني بطريقة أو بأخرى، بأنه بدوافع العربدة السياسية الاقرب للاستعراض المتسلّح بالغرور والتعالي، وبالرغبة في إضفاء عهد جديد على تاريخ أمريكا متجرّد من الالتزامات والقيم في سياقاتها المملة، كمن يعترف بالفشل ويدين ماضيه، فاتحاً بهذا التمرد جبهات حرب متعددة على نفسه، تفسح المجال أمام مركز ثقل دولية، تنازع على قيادة العالم.