آخر تحديث :الثلاثاء - 15 أكتوبر 2024 - 06:16 م

كتابات واقلام


الأسد النائم بين التشاؤم والتفاؤل بإسرائيل!

الثلاثاء - 15 أكتوبر 2024 - الساعة 03:36 م

منصور الصبيحي
بقلم: منصور الصبيحي - ارشيف الكاتب


لمن يتأمّل المشهد العربي على خلفيّة الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران من جهة ومحاورها من جهة أخرى، ابتداءً بلبنان إلى اليمن إلى العراق وسوريا، وما يتقابل به الشارع المنقسم على نفسه من ردات فعل متعاكسة، ليدرك المحنة التي أصابتنا كعرب، وليس لأن صرنا صغاراً إزاءها ونعجز عن التصرّف مقابلها، ولكن أن نستعدي أنفسنا ثم نتوق لقتلة وسفاحين بمقام العدل يتولوا القصاص لنا؛ وما يثير الدهشة والاستغراب وكما الشفقة أيضًا، هو أن نلمس فئة صارت تتخيل وتعتقد بأنّ إسرائيل بعملها هذا كمن تساعدنا في التخلّص من الأنظمة البشعة، وتتبنى نقيضها بفلسفات تتقاطع مع حقوقنا كشعوب مسلوبة الإرادة، ومن باب أولى وأد الملشنات وتفعيل مبدأ سيادة القانون وصولًا لداعميها ومن يقف وراءها.

قياسا على لبنان كما تبدو الصورة للمتفائلين ذو بعداً إيجابي ومصلحة تعود بالنفع عليه، وذلك بقصقصة ريش حزب الله وجعله مهيض الجناح، ولتفتح المجال أمام الدولة لتأدية مهامها بعيدًا عن أي ضغوطات تمارس عليها.. ليضيع عن حساب أولئك أنّ إسرائيل دائمًا لا تمتلك رؤية محددة لحروبها، إلّا أن تمزّق الممزق وتفككك المفكك، وتجهز على المصروع أرضًا، لكي تتمكن من توسيع خارطتها بالتوازي مع إزدياد سكانها، والدليل بما تشرع فيه حاليًّا من تنفيذ ما أسمتها بخطة الجنرالات وتهدف لفصل الأجزاء الشمالية لغزة عن جنوبها وضمّها للمستوطنات. وبلد كلبنان يعاني سياسيا واقتصاديًا، من سماته يحوي اكثر من ديانه وبعدد من الطوائف، لديه من التنوع الثقافي والاجتماعي ما لديه، ويعد من اكثر الشعوب هجرة وتأثرًا بالغرب الحي، وإذا ما انهار كيف يمكن إيجاد منظومة حكم تلملم شتاته بعدها؟.

ولإن الدولة القائمة على ديمقراطية المحاصصات الحزبية والطائفية، كالتي أرستها اتفاقية الطائف بداية عقد التسعينات من القرن الماضي ثبت بالصوت والصورة فشلها، واكتشف على أنها لم تكن سوى مجرد خُدعة بصريّة تلاعبت بالمواطن اللبناني لمدة ثلاثون عام ويزيد، لذلك العودة إليها بدعاوي القلق على وحدة الشعب ومستقبله، تعد من رابع المستحيلات، فكما هي أيضًا ذو النظام المطلق بشقيه الجمهوري والملكي وما إلى ذلك من أنظمة، وبحكم أنها لا تتناسب مع طبيعة البلد وتوجهاته، فهي غير مرحّب بها بالمرة، لتفضل الدولة الديمقراطية الليبرالية التي بإمكانها تأدّي الغرض، إلّا أنّها كذلك نظرًا ولما تمثّله من خطر على الأنظمة حولها، وستواجه بردات فعل محتملة ستفشلها وتفقدها قيمتها، لذا لا يمكن تصوّرها والاعتماد عليها كملاذ أخير وآمن، بما يؤكّد بما لا يدع مجالا للشك بأنّ لبنان ينّتقل عبر مراحله وإلى اليوم من سيّءً وإلى أسوأ.

وعليه ولمن يتوهّم بمقدوره تسخير قوة إسرائيل إيجابيًا، كمن يزعم بأنّه يستطيع تطويع الكوارث الطبيعية من هزات أرضية وأعاصير وبراكين متفجّرة لصالح الإنسان.. فإسرائيل كما عودتنا دائمًا حريصة في أي مكانٍ تبلغ يدها إليه، أن لا يتكوّن خلالها أو ينتج عنها جانبًا مشرق يُستفاد منه، وهي الآن تذبح لبنان على طريقتها الخاصة، ككل مرة ذبحته فيها، وستتركه جثة ملقيّة على قارعة الطريق، تتجاذبها الكلاب والسباع الكاسرة.

بالتالي فالحل ليس في إسرائيل كما نعتقد ونتوقّع، وإنما فينا نحن العرب! وذلك عندما نرى ونلمس حُكامًا لا يستميتون على كرسيهم ولا يقدسونه لحد الجنون، معتبرين السلطة تكليف لا تشريف بإمكانهم يتخلّوا عنها في أي لحظة متى رأوا المصلحة العامة تقتضي ذلك، لأللا يقتلوا ويجرحوا من أجلها مليون ويشرّدوا عشرة آخرين، أعرف ساعتها أنّ العربي الذي وصفهُ وزير المستعمرات البريطانية ورئيس وزراءها لاحقًا ( تشرشل ) بالأسد النائم قد استيقظ من جديد، أما وعلى هذا الحال، فالمسألة لن تقف عند حدود لبنان وستطال الجميع الأول فالأول، ولن يبقى قطرًا إلّا وسيأتيه آجلًا أم عاجلًا نصيبه من العذاب، بمزاعم شرق أوسط جديد، تفصّله إسرائيل على مقاسها هي لا على مقاسنا نحن العرب.