آخر تحديث :الخميس - 31 أكتوبر 2024 - 12:50 ص

كتابات واقلام


الواجب المُغَيَّبْ بين فَشَلِ كُلّ النُخَبْ وَشَعب أَنهَكَهُ التَّعَبْ

الخميس - 31 أكتوبر 2024 - الساعة 12:20 ص

محمد علي محمد احمد
بقلم: محمد علي محمد احمد - ارشيف الكاتب


كثيراً ما نسمع و نرى في وسائل الإعلام التي للأسف أصبحت بعضها مُسَخَّرة لتلميع صورة المسئولين بجهد كبير لنقل زياراتهم ، تارة إلى مصالح حكومية و لافتتاح مشاريع تحمل أسماء كبيرة لامعة في ظاهرها ، إلاَّ أنها مفرغة تماماً من مضمونها ، مما يثير تعجب و استخفاف المواطن من تلك التقارير الإخبارية المصورة منها أو المقروءة المرافقة لتلك الزيارات المباركة ، التي يصفها الإعلام بالزيارات الناجحة و المثمرة وبأنها ستخدم المواطن وتسهم في رفع معاناته ، وستعمل في الإسراع بعجلة التنمية نحو الآفاق المستقبلية الواعدة ،
ألَا يخجلون ،، أَمَا يستحون !
ومتى بوعودهم يَصْدُقُون!!
والواقع شاهد على كذبهم وإفلاسهم لأبسط قيم الأخلاق ، واستهتارهم بحال المواطن بقبح وازدراء و نفاق .

و هنالك زيارات أخرى يقوم بها المسئولين أيضاً تصاحبها الكاميرات التلميعية ، والتقارير الإخبارية التي تتفنن في صياغتها الأقلام المخمورة الفاقدة للوعي والضمير والتي امتهنت الشرف وأهانت مهنة الأحرار بالعبودية ، مقابل دراهم معدودة ، تلك النوعية من الزيارات على حد قولهم (لأداء واجب العزاء ) وهنا أقف عند نوعية تلك الزيارات وهي بيت القصيد في سطورنا المتواضعة .
فهل سمعتم بأن قام مسئول أو وزير بواجبه الإنساني تجاه مواطن ، والشعب كل يوم يموت؟

بالطبع لا فمسئولي الرئاسة والحكومة والنواب و الشورى وكل متسلط وظالم مستبد ، واجباتهم تجاه الشعب (مُغَيَّبَة ) مع أنها من أوجب الواجبات المُلزَمَة والحقوق القانونية .
لكنهم يقومون بأداء الواجب فيما بينهم فقط ، ليظهر المسئول بمشهد يفوق "العدوية رابعة " ، لابساً ثوب الزهد والتقوى والصلاح ، وهو منافق آكل للربا وكل حرام عنده مستباح ، و أما الشعب لا يعرف منه واجباً ولا حقاً مباح ، بل ينهش فيه بلا رحمة ولا أدنى شفقة كـ التمساح .

و في خضم هذا الصمت المدويٍ و الوهن والفقر المدقع ، يعيش شعبنا أوقاتاً عصيبة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً ، وما أن تغرق البلاد في وحل الأزمات المتراكمة كحالنا اليوم ، إذا بجميع أجهزة الدولة تختفي وكأنها لم تكن يوماً بيننا موجودة ،
و في وسائل الإعلام مثل النحلة ويبدو حتى الوطن جنة والمواطن في نعمة !!

إن غياب دور الدولة وتقاعس المسؤولين عن أداء واجباتهم قد تسبب في مضاعفة معاناة المواطن ، الذي بات يعيش حالة من اليأس والقنوط، يشاهد مصائبه تتوالى بلا حراك من المسؤولين ولا من الذين اختارهم وفَوَّضَهُم لخدمته وحمايته.

فأين هم أولئك الذين أقسموا بالله العظيم على حماية الدستور والقوانين؟
وأين هم الذين وعدوا ببناء دولة العدالة والمساواة ، وعاهدوا بدم الشهداء أن ينجزوا مطالب الشعب الحقوقية ؟
إنهم اليوم غارقون في دهاليز السلطة ينعمون بالرفاهية ، مشغولون بتحصيل المكاسب الشخصية ، متناسين عهد الله والوفاء بالمسؤولية.

لقد تحولت حياة المواطن إلى جحيم لا يطاق فالحياة غدت صراعاً يومياً من أجل الحصول على أبسط مقومات العيش الكريم.
فالمرضى يموتون في المستشفيات بسبب نقص الأدوية والأجهزة الطبية ، والفقراء يزدادون فقراً وحرماناً ، والبطالة تفتك بالشباب ، والفساد ينخر في أوصال المجتمع .

إن ما يحدث اليوم هو جريمة مكتملة الأركان بحق الإنسان و الإنسانية ، والشعب لا يستحق كل هذا العذاب والمعاناة القاسية .
فعلى المسؤولين الوقوف عند مسؤولياتهم ، والعمل الجاد من أجل إنقاذ ما تبقى من وطن ،
و ألاَّ يراهنوا ببقائهم في السلطة على حساب مأساته ، فالشعب لن يمنحهم بعد اليوم صمته ليلقى على أيديهم حتفه ، بل كان يظن أن صبره جزء من نضاله ، وقدم أغلى التضحيات لنيل هدفه ، فخاب ظنه بمن كان وفياً له وخذله ، ومن بالأمس أَرضَعَهُم القوة من دمه ، وغداً سيفقدهم إياها وينتزع من أحشائهم حقه ، إن لم يَكُفُّوا عن قَتلِهِ و يَعُوا جيداً فحوى رسالته.