آخر تحديث :الخميس - 07 نوفمبر 2024 - 11:37 م

كتابات واقلام


لماذا تُخْنَقُ صرخات المظلوم تحت وطأة الصمت؟

الخميس - 07 نوفمبر 2024 - الساعة 09:19 م

محمد علي محمد احمد
بقلم: محمد علي محمد احمد - ارشيف الكاتب


تخيل نفسك عزيزي المواطن بأنك تعيش في قارب يتسرب منه الماء ببطئ ، بينما الطاقم مشغول بالرقص والاحتفال في الطابق العلوي.
و كل يوم يزداد مستوى الماء ، وكل يوم تقترب من الغرق ، بينما القادة والمسئولين مستمرون في تجاهلك وكأنه لم يحدث شيئ .

تخيل أن تستيقظ كل يوم على واقع مرير ، واقع يسوده الظلم والفساد ، واقع يزداد سوءاً يوماً بعد يوم ، بينما يتربع الفاسدون على عروش السلطة ، يستمتعون بثرواتنا ، ويسخرون من معاناتنا.

وما تلك الصور إلا تعبير بسيط عن حالة اليأس والإحباط والذل والهوان جراء كبت صمتنا الذي يكاد ينفجر بداخلنا ، فإذا بنا نقيد حريته و نمنعه من التعبير والتغيير بعد نفاذ صبرنا ، فإذا به يكتم أنفاسنا ويكاد يقتلنا ، ولأجل من نموت ليحيا؟
و إلى متى سنبقى حبيسي هذا السجن الكبير؟
إلى متى سنقبل أن تُسرق أحلامنا وآمالنا؟

أما علمتم أن السكوت على الظلم و على تجبّر الظالمين سيزيد من سوء أحوالنا ومعيشتنا ، وبدون شك سيكون سبباً مباشراً لنزول عقاب الله علينا جميعاً !!

وهو ما نراه ونلمسه اليوم واقع بنا مصداقاً لهدي حبيبنا و رسولنا و قدوتنا محمد من دعانا إلى العيش في عز الألوهية و ذل العبودية لله وحده لا شريك فقال صلى الله عليه وسلم:
"إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده"

وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام :
"إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم يا ظالم فقد تودّع منهم".

فإلى متى سنظل نفاقاً و خوفاً نمجد الطغاة والفاسدين والمتقاعسين عن أداء واجباتهم و تحمل مسئولياتهم تجاهنا ، دون أن نقرعهم و نحاسبهم و نحاكمهم ، فإن لم نفعل فإننا بذلك لا نعينهم على ظلمهم لنا وحسب بل وعلى الاستخفاف والاستهزاء بنا ، كحال قوم فرعون الذين أطاعوه رغم ظلمه و تعاليه بل وكفره بالله لدرجة أن وصل غروره للقول لهم ( أنا ربكم الأعلى ) و ( ما علمت لكم من إله غيري ) فعبدوه واستكانوا له وتجبر عليهم وركعوا تحت قدميه ، فهل وصل بنا إلى هذا الحد؟ قال تعالى: (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ)

لذا فليقم كل بواجبه حتى لا يستطيع الظالم أن يستمر في غيّه ، وظلمه ، وحتى يخشى غضبنا وثورتنا عليه ، وأما إذا خضعنا ورضخنا و رضينا بالظلم الواقع منهم علينا فستقع الطامة الكبرى على الجميع.

وهاهو حالنا اليوم خير شاهد ، فحين صمتنا عن كل ما نعانيه ظلماً وعدواناً لأنفسنا ، و تركنا الظالم والفاسد يعربد فينا ، ازداد الظَلَمة تكبراً وتجبراً و أصبحوا لا يلقون لنا بالاً ولا اهتماماً ، بل وصل بهم الحال إلى الاستخفاف بنا واحتقارنا وكأننا عبيد أو قطيع من الماشية .

فكيف سيغير الله حالنا و نحن لم نتحرك لتغيير واقعنا ، وبين يدينا منهج حياة وكتاب الله القائل: (لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )
وما الظلم والمآسي التي ابتلينا بها إلا حصائد صمتنا وما اقترفته أيدينا و عقولنا وقلوبنا ولهذا كان خطاب الله واضحاً مبيناً لمن هم مثلنا :
( وماظلمانهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون )

و أختم هذه السطور بتسائل بسيط لكنه يحمل هدفاً عميقاً ، ومن خلال الإجابة عليه ستكتشفون حقيقة مُرَّة ، و ستندمون ألف ألف مَرَّة على كل ما مررتم وتمرون به من معاناة قاسية وتضحيات دامية ، بالرغم من أن الظروف كانت لنا مواتية والفرص على كثرها لكنها مهدره ..

"لماذا لازالت المعاناة تلازمنا ، و الظلم واقع بنا ، وضُعفِنَا رغم قوتنا ، وقد شهد العالم ما أنجزنا ، وبالتضحيات الجسام التي قدمنا ، و بالنصر الحقيقي الذي حققنا ، و كنا قاب قوسين من نيل هدفنا ، من الذي حال دون سعادتنا ، وكيف أفلتت الدولة من يدنا ، وكيف سنعيدها بعد تقهقرنا ؟"