آخر تحديث :الإثنين - 25 نوفمبر 2024 - 05:46 م

كتابات واقلام


المركز الوطني للأرصاد والسيادة وصديق صديقي

الإثنين - 25 نوفمبر 2024 - الساعة 03:24 م

منصور الصبيحي
بقلم: منصور الصبيحي - ارشيف الكاتب


حدثني ذات يوم صديقي عن معاناته مع صديقه، والذي دائمًا ما يصطحبه كمرافق له يساعده على قيادة السيارة عند القيام برحلات طويله، ولكن هذا كثيرًا ما يتوه ويروح في جوّه أثناء جلوسه على المقود، فينسى المنبه عند المنعطفات التي تصادفه، ولا يقوم بتشغيله إلا وقد كاد يصل مشارف النهاية، لهذا توّجب على صاحبي بدلًا ما يرتاح يبقى طوال الرحلة منتبها وعلى كل رون يصادفهما لِزامًا عليه يوخزه دواليك قبل أن يحصل ما لا يحمد عقباه.

في ليلة الجمعه وأنا أشاهد أخبار التاسعة مساءًا عبر قناة عدن المستقلة، لفت انتباهي تصدّر خبر الحالة المدارية القادمة من بحر العرب والمحيط الهندي ضمن مقدّمة الموجز كثالث خبر من حيث الأهميّة، قلت في نفسي رُبّما حدث تطوّرًا جديدًا مفاجأ، فلابد من الانتظار حتى سماع الخبر مكتملاً، وقد تمخضّ عن لقاء مع رئيّس المركز الذي يسمّي نفسه على ما أظن علاء، وليبدأ الرجل يسرد التأثيرات المتوقعة لتلك الحالة، وكما لوحظ عدم تطرّقه بشكل أو بآخر للمحافظات الجنوبية التي يمكن أن تكون عرضة ليلتها وغداة السبت للمنخفض، مكتفيٌا بما يراه ويحسه أمامه وحوله من تساقط الأمطار على عدن بدءًا بالتواهي للبريقاء وصولا لإنما ودار سعد، وما كان على المذيعين إلا أن يحاولا مرارًا وتكرارًا استدراجه لشطحه تنبأ عن خطر يداهم مكان ما هنا أو هناك، كتوافق مع ما ذهبت إليه القناة من عرضٍ مثيرٍ للمشاهد، وصاحبنا ما زال يحجم عن الخوض معهما محذرًا السكان كالعادة بالابتعاد عن مجاري السيول ومن قيادة المركبات أثناء المطر، ومذكرًا القاطنين اسفل الجبال بخطر تدحرج الأحجار.... في وقتها كانت شبكات التواصل الاجتماعي تتناقل أخبار حدوث سيول جارفة غرب وشمال عدن من محاذاة البحر بداية بمناطق الصبيحة إمتدادًا للداخل، وهذا لو حسبناه من ناحية القصور يعد أمرًا في غاية الأهمية، وواضح بأنّ الرجل قام يدلي بتصريحات من منزله وهو مغيّب عن المركز تمامٌا وتاركا الجمل بما حمل لموظف الوردية، ولم يرجع في حينه بالأساس الصور والتحديثات الاقمار الاصطناعية الصادرة عن مركزه، أو ربما يولّى الأمر طرف قريب له، خصوصا هذا الأيام صار المسؤول العسكري والمدني عادة ما يعهد بإدارة مرفقه لنجله أو حفيده الأقرب ثم الأقرب عملًا بمبدأ التوريث للسلطة الذي لطالما ناهض الإخوان ولفيف من الأحزاب صالح عنه.


وما بين ساعة إلى ساعة ونصف إلّا والغيوم والسحب تتكثف من حولي ولتبدأ زمجرة الرعد تُسمع ولمعان البرق يخفق، كأنّ الحالة اقتربت منّا محدقة بنا، ثم خمس إلى أربع ساعات من الأمطار المتواصلة لم نشهد من قبل مثيلًا لها قط؛ تخيّلنا سقوف منازلنا ستقع من غزارة الماء المنهمر فوق رؤوسنا، يالها من ليلة عصيبة بامتياز!، قلت في نفسي يمكن ما نشعر به ونلمسه نحن غير، وتصريح مدير الأرصاد هو اليقين، ولكن ما أن رجعت لمطالعة شبكات التواصل إلا والحالة تكاد تكون شبه موحدة، ومناطق كثير تتعرض لما تتعرض له منطقتنا.

اليوم التالي يعود المركز يُنذر مشددًا على أهمية الانتباه بطريقة تخالف قليلًا ما بدر عنه قبله من تساهل، وبعدم تأكيده على تنبيه تلك المناطق التي تعرّضت على حسب وصف كثير من الإعلامين وشهود العيان لأمطار غير مسبوقة استمرت ما بين أربع إلى سبع ساعات متتالية.

وهذا يعود بنا إلى شهر اكتوبر 2008م وحيث تجلّى عمق إخفاق المركز فيه بشكل واضح، وبعدم إكتراثه بالمنخفص القادم من المحيط الهندي آنذاك، والذي تحوّل بشكل مفاجأ إلى عاصفة مدارية مغيّرًا اتجاهه من القرن الأفريقي صوب المناطق الشرقية، ليُصيب حضرموت بشكل مباشر، متسببًا في كوارث لازالت من بعض آثارها على المحافظة شاهدة ولم تعالج إلى اليوم، خصوصا النحاليّن وأصحاب المحلات التجارية والأراضي، واللذينّ وللأسف لم يعوّض أغلبهم عمّا فقدوه من ممتلكات، رغم إنشاء في وقته صندوق للغرض ذاته، زعم القائمين عليه بأنّه سينزل الأسماء على دفعات متتالية، ولم يدفع سوى لمجموعة أو مجموعتين ويعطّف من غير ما يستكمل البقية التي تمثل غالبية المتضررين.

ليقودنا هذا لتساؤل: بدلا ما دمنا ننسى نضغط على زر التنبيه ( الهون) هكذا (طااااااط - طييييط) وما نتذكّر سوى عند اقترابنا من نهاية المنعطف، وقد نتسبب بصدمات وقلبات لاسمح الله تُلحق الضرر بنا وآخرين، لماذا لا نستعين أو نعهد بالأمر لمراكز دولية أو عربية لديها من الإمكانيات والخبرات ما يؤهّلها لتتبع وتحليل خرايط المناخ والطقس بشكل أدق ونخلص من المشكلة...، وحسبي تقولوا لي أنّ هذا مضرٍ بالسيادة الوطنية، فالسيادة والله أنّها من غير ما أقول.....؟