آخر تحديث :الإثنين - 21 أبريل 2025 - 10:29 ص

كتابات واقلام


المرحلة لا تحتمل التمترس السياسي ولا المكايدات والمزايدات ( الوطنية )*

الإثنين - 14 أبريل 2025 - الساعة 03:18 م

صالح شائف
بقلم: صالح شائف - ارشيف الكاتب


هناك لحظات مفصلية في التاريخ لا تتكرر؛ وتتحدد بموجبها طريقة مغادرة الحاضر الذي لم يعد التعايش معه ممكنا؛ وترسم فيها خطى السير إلى فضاء المستقبل؛ ولن يتم ذلك إلا بالشراكة الحقة والعمل الوطني المنظم؛ الذي يقدم مصلحة الوطن العليا على ما عداها.

فالمواقف الوطنية ليست مجرد بيانات وخطابات وتصريحات؛ أو لغة إساءات وتشكيك بمن يتقدمون الصفوف ويعملون فعليا على الأرض؛ ويقدمون أغلى التضحيات من أجلها بسخاء ووفاء لقضية شعبهم وحريته ومستقبله.

وهم في نفس الوقت معرضون في هذه الظروف الإستثنائية المعقدة للوقوع في بعض الأخطاء والتقصير هنا وهناك؛ وحتى لسوء التقدير عند إتخاذ بعض المواقف والقرارات السياسية؛ ناهيك عن بعض السلوكيات غير المقبولة والمرفوضة مجتمعيا من قبل البعض ممن يحسبون اليوم على الانتقالي مع الاسف؛ وهم القلة القليلة بكل تأكيد.

وفي مثل هذه الأوضاع البالغة التعقيد التي نعيشها؛ لا تبرر للبعض أن يقف ضد من يناضلون من أجل الجنوب وقضيته؛ بل المطلوب هو الوقوف معهم وإلى جانبهم ومؤازرتهم على تعظيم النجاحات وتصحييح الأخطاء وتصويب السياسات؛ وأن يتحملوا مسؤوليتهم الوطنية بنبل وشرف.

فالظروف القائمة لا تحتمل التمترس السياسي الذي يقف في وجه الآخر الجنوبي؛ ولا تحتمل كذلك المكايدات والمزايدات ( الوطنية ) ضده؛ فالكل على سفينة واحدة؛ فإذا لم تصل بهم إلى شاطئ الأمان فإنهم جميعا سيغرقون ولن ينجو الجميع من الهلاك.

كما أن المرحلة يكتنفها الكثير من الغموض المقلق والمخيف؛ وحجم التحديات والمخاطر المحيطة بالجنوب تزداد مصادرها وتتسع دائرتها - داخلية وخارجية - وتتطلب وحدة وتماسك الصف الوطني الجنوبي؛ والتغلب على بعض الأمور التي تحول دون الوصول إلى ذلك.

وهذا لن يتحقق إلا بالصبر والتفاهم والتوافق القائم على الثقة المتبادلة؛ قبل أن تفاجئنا الأحداث وتطوراتها المتسارعة بما هو ليس في الحسبان؛ ويصبح الندم هو القاسم المشترك بين الجميع؛ وحينها لن يكون للتبريرات أي معنى وستكون فاقدة للمصداقية الوطنية.

إن الخوف على مصير قضية الجنوب والحرص على نجاحها وبلوغها لأهدافها؛ ينبغي أن يترجم بالأفعال لا بالأقوال؛ وكذلك ليس بالكلام المرسل عبر فضاء الإعلام.

بل أن الضرورة تفرض على الجميع البحث في مختلف السبل التي تعزز وتضمن التقارب والتوافق؛ وعبر الحوارات الأخوية المباشرة؛ وعلى أسس وقواعد وطنية تنتصر للجنوب وقضيته أولًا وأخيرا؛ وبعيدا عن أوهام البعض وحساباتهم الخاطئة وقصيرة النظر؛ وهي التي سترتد سلبا عليهم وستضرهم قبل غيرهم.