آخر تحديث :الثلاثاء - 22 أبريل 2025 - 01:36 م

كتابات واقلام


تورط الحكومة بدفع النقابة لتعطيل عام دراسي وافشاله في عدن

الإثنين - 14 أبريل 2025 - الساعة 06:20 م

جمال مسعود علي
بقلم: جمال مسعود علي - ارشيف الكاتب


لم تكن الورطة التي وقعت فيها وزارة التربية والتعليم في التعامل مع امتحانات إنهاء العام الدراسي ٢٠٢٤ - ٢٠٢٥م حدثا عرضيا طارئا أجبرت مضطرة عليها ، بل هي نتيجة حتمية وكانت متوقعة عندما ظهرت النقابة ولاول مرة بهذه المنطقية والصوابية في إعلانها الإضراب العام في جميع المدارس والثانويات . وتأكد لها ذلك في نهاية الفصل الدراسي الاول حين ارتفعت صيحات المعلمين في وقفاتهم الاحتجاجية ، الا أن الحكومة وكعادتها تعاطت مع هذه الاحتجاجات بمنطق تذويب الحماس بالاستدراج والنفس الطويل ، فتركت الحبل على الغارب بانتظار استسلام النقابة ورضوخها للعودة إلى المدارس بخفي حنين .

لقد تغافلت الحكومة ولم تقدر الحدث التقدير الذي يستحقه ، فاختلاف اسلوب ودوافع النقابة في هذا الإضراب بالذات مختلف تماما ودونا عن الإضرابات السابقة التي عادة تنتهي بتراجع النقابة تقديرا لحاجة الطلاب ونزولا أمام ضغط المجتمع والاستجابة لمناشداته

الإضراب للعام الدراسي ٢٠٢٤ - ٢٠٢٥م ليس إضرابا نقابيا يمكن جره إلى مربع التفاوض النقابي وفقا لمنهج العصا والجزرة المتعارف عليه ، بل تعداه وتجاوز خطوطه الحمر وتحول إلى رفض وظيفي من المعلمين يصعب التحكم به والسيطرة عليه ومن الصعوبة بمكان التخاطب مع طرف يمثله وبإمكان الحكومة أخذه نحو التعهدات والالتزامات والاتفاقيات المؤجلة أو المجدولة ، والسبب هو ارتفاع مستوى المعاناة وخروج الأوضاع المعيشية للمعلمين عن حدود المعقول والممكن ومضرة بالأمن المعيشي وتهدد السلامة الاجتماعية والقدرة على العيش للإنسان .

اضراب العام الحالي ليس للمطالبة باستحقاقات وظيفية فحسب ، بل هي تخوف بالغ من سقوط الآدمية عن المعلمين ودخولهم حدود الجوع والفشل الأسري والعجز في تلبية الاحتياجات اللازمة للغذاء اليومي لأسرة المعلم وهذا مافاقم الازمة ورفع حدة الخطاب الوظيفي وتحول بسببه كل معلم إلى شخص صاحب قرار يدير نفسه بنفسه لاعلاقة له بنقابة أو إدارة أو سلطة ، وهذا مايمكن أن يطلق عليه بانهيار قيم ومبادئ الطاعة والتقيد بالنظام والقانون ، فالجوع لاقانون يحكمه ، فقد سبق السيف العدل ونضح الإناء بما فيه وسقط سلطان الحكم على المعلم . فلا يستطيع قانون أن يجره إلى قفص الاتهام بعصيان الأوامر وهو جائع لايجد مايطعم به اكباده

الحكومة وبسبب تغافلها عن تداعيات الإضراب للعام الدراسي الحالي بمنظوره الأخطر مجتمعيا تعاني اليوم من ورطة هي الأشد عليها من وطأة أزمة الحرب وكورونا ، كون التعطيل للعام الدراسي كان حقيقيا وملامسا لمعاناة الطلاب وأولياء الأمور وهدد مستقبل العام الدراسي الحالي وافجع الجميع بمصيره المجهول ، فلا تعليم اهلي وخاص ولا حكومي سينجو من أضرار التعطيل للعام الدراسي الحالي وعرقلة إجراء الامتحانات النهائية لطلاب وطالبات الصف الثالث الثانوي بشكلها الطبيعي والمعتمد . حتما سيتضرر هذا العام ، فالنواقص في المنهج الدراسي التي لم تكتمل في عدن ومحافظات جنوبية أخرى لاتقبل الترقيع والمعالجات الفوتوشوبية ولا النسخ واللصق ولا الترفيع الجماعي لا اقصد التزوير والتلاعب بالبيانات على الإطلاق بل أقصد هنا التحرك نحو تمرير المخارج الإجبارية والعمل بمنطق مايمكن فعله افضل من المستحيل .

ياترى .. ماذا لو كانت الحكومة قد حركت العصي في الدولاب وتركت إصلاحات الخدمة المدنية تتسارع قبل رمضان لتصل إلى بعض مايطالب به المعلمين لمراضاتهم تفاديا للوصول بهم ومعهم إلى دائرة الخطر والوقوع في هذه الورطة التاريخية في مراحل التعليم ايام الازمات والنوازل

ماذا بإمكان وزارة التربية والتعليم فعله وقد بلغ الحدث عنق الزجاجة ودخل أبناءنا وبناتنا في الثانوية العامة لهذا العام الدراسي في دوامة الوسوسة والتوتر والقلق النفسي ، فلن يتمكنوا من الدخول في أجواء امتحانات نهاية مراحل التعليم ١٢ عاما من الكد والتعب ينتهي بهم في اخبار تواصل اجتماعي ورسائل واتس اب تتضارب اخبارها تزيد من التوتر والقلق والارهاق النفسي والبدني

فهل أدرك الجميع مدى الضرر الذي لحق بالطلاب والطالبات والاذى النفسي والبدني الذي أصابهم جراء هذا التغافل وتهديد مستقبل التعليم بانهاء ثمرة تعليم يختتمه طلاب وطالبات الصف الثالث الثانوي والمأساة التي يعانون منها في ظل حكومة وقفت جامدة أمام العجز والفشل في التعامل مع حقوق إنسانية ووظيفية وقانونية للمعلمين وإهمال احتجاجاتهم والتورط بإلحاق الضرر بالعام الدراسي ومستقبل طلاب وطالبات الصف الثالث الثانوي والمغامرة بذلك مع سبق إصرار وترصد