آخر تحديث :الجمعة - 27 سبتمبر 2024 - 08:20 ص

كتابات واقلام


مسرحية الانقلاب في تركيا!

الأحد - 17 يوليه 2016 - الساعة 10:25 م

نشوان العثماني
بقلم: نشوان العثماني - ارشيف الكاتب


بدأت الخيوط تتكشف تباعًا لتعري مسرحية أردوغان الانقلابية على الملأ. دون شطط دعونا ننظر الموقفين الأمريكي والفرنسي.. فوزير الخارجية الأمريكي جون كيري قال إن واشنطن لم تكن لديها معلومات استخباراتية مسبقة عن محاولة الانقلاب في تركيا. وردًا على مطالبة أردوغان (الشفوية الصاخبة) بتسليمه "فتح الله غولن" قال كيري إن تركيا بحاجة لتقديم دليل وأساس قانوني قوي لترحيل غولن. وكان يفترض بوزارة العدل التركية توجيه طلب رسمي إلى نظيرتها الأمريكية مشفوعًا بأدلة قوية ضد المعارض التركي لحتى يتسنى للحكومة الأمريكية دراسة الطلب، وتحديد موقفها.. لكن أردوغان لم يسلك هكذا سلوك قانوني إنما راح يوزع كلماته اللا معنى لها كما لو كان زعيمًا ذو طموح ديكتاتوري بدأ يتأزم بالفعل. عودة لمسرحية الانقلاب، فمن الواضح أن جون كيري أراد أن يقول أن ما جرى من محاولة انقلاب وهمية من تدبير أردوغان نفسه، وإلا فما هكذا تجري الانقلابات. فالانقلاب ليس إغلاق جسر البوسفور بدبابتين، وغارة جوية جوار البرلمان، وبيان إعلان السيطرة من قبل الجيش فيما الرئيس في مخبئ آمن. ليس كذلك أبدًا، وهذا استغباء واستهبال للعالم ما بعده استهبال. والمسألة ببساطة هي أن أردوغان فشل فشلًا ذريعًا في تحويل النظام البرلماني إلى رئاسي، فلجأ إلى تصفية المعيقين له في مؤسستي الجيش والقضاء كي يتسن له ذلك. فنسبية المؤيدين للنظام الرئاسي تراجعت إلى 36% فقط في أوساط الشعب التركي، وهو ما يحبط من المشروع السلطوي السلطاني الأردوغاني، بل ويفشله. وبعد المسرحية الهزلية، اعتقل الأمن التركي أكثر من 2700 قاض والتهمة ارتباطهم بفتح الله غولن!!!! ومعهم آلاف العناصر داخل مؤسسة الجيش. ومشكلة أردوغان مع القضاء مزدوجة وتعود إلى العام 2007 تقريبًا، جزء منها مرتبط بفساد ابنه ومسؤولين آخرين والجزء الآخر متعلق بالمحكمة الدستورية. وحين تعادي القضاء، وفي دولة كتركيا، فإنك تريد أن تتجاوز العدالة وتمضي في مخططك كما يحلو لك كما لو كنت سلطانًا عثمانيًا، مع أن عهد السلطنة العثمانية انتهى إلى غير رجعة مثله مثل أنظمة العصور السابقة. ونتيجة لهذه الاعتقالات بالجملة كان الموقف الفرنسي واضحًا، فقد قالت باريس إن محاولة الانقلاب في تركيا لا تعني صكًا على بياض لأردوغان.. وهذا يعني إنه ولو كانت هناك محاولة انقلابية فاشلة بالفعل فلا يعني ذلك أن تستغلها لتعمل ما يحلو لك في محاربة خصومك والتنكيل بهم على طريقتك. وعلى العموم فإن أردوغان بهكذا مسرحية وبهكذا حالة يكتب لنفسه آخر فصوله الروائية ولسوف تتكشف الحقيقة، وسينطلق الشعب التركي حينها وقواه الحية لتصحيح الخطأ وفقًا للدستور. وتركيا والشعب التركي العظيم على كل حال ليس أردوغان.