آخر تحديث :السبت - 23 نوفمبر 2024 - 05:25 م

تحقيقات وحوارات


حورية فاتنة على شاطىء البحر الأحمر ..

الجمعة - 17 يوليه 2020 - 12:01 م بتوقيت عدن

حورية فاتنة على شاطىء البحر الأحمر ..

الخوخة / حسن البقط

عن الشمال لمديرية الخوخة بما يقارب ستة كيلو مترات ، تستلقي حورية فاتنة على شاطىء البحر الأحمر ، لتغسل شعرها كل صباح ، وتمارس رياضة الاستجمام والغوص تحت الموج ، لجمع الصدف ومراقصة أسماك الزينة.....
وحولها يرقص القيان ، ذوات القامات الطويلة التي تلامس السحاب ، ويغنين بأغاني الخلود الأبدي بمعية موكب الصيادين الذين تعلقوا بالبحر منذ النطفة الأولى....

قرية الكداح الساحلية المحاطة بالنخيل من جميع الجهات ، والتي يتمحور فيها الجمال والسحر الآسر والطبيعة الخلابة بكل تفاصيلها.....
على الرغم من أنها كانت تعد من أكثر المناطق ذات الجذب السياحي ، في فصل الصيف من كل عام ، وكانت تعتبر مصيفاً ذو مكانة عالية في نفوس السياح العرب والأجانب ، لأسباب عدة
أهمها موقعها الجغرافي المطل على البحر الأحمر .....
حيث تبدو من خلاله كلؤلؤة كبيرة مرمية على الشاطئ يعكس بريقها زرقة البحر وخضرة الأشجار التي تحيط بها....
هذه القرية الغنية عن الوصف تعرضت للحرب بشتى نيرانها واستقبلتها بصدرها الرحب الذي لم يعد فيه ذرة حياة واحدة إلا وقد عبرت به طلقة أو شظية....
دخان البارود السام ضيق أنفاس نخيلها التي كانت تجود بالتمر في كل المواسم ، كونها المنطقة الوحيدة في الخوخة التي يزرع فيها النخيل بهذا الكم الهائل....
وشظايا الصواريخ والقنابل والقذائف المتفجرة قصت صفائرها وشوهت بمنظرها الجميل ووجهها الحسن ، حتى سال الدمع والدم في آن واحد ليلون البحر ورمل الساحل المشتاق لملامسة جسدها الأسمر حد البكاء.....
سنين عجاف من التهميش و الإقصاء اكتوت بها هذه القرية البريئة عن كل شيء لا يشبه الإنسان....
في ظل وجود المشاريع الضخمة وفوضى التعمير العارمة التي تجتاح كل مناطق الساحل التهامي ،
تفتقر هذه الملاك لأبسط مقومات الحياة .....
فلا مرفق صحي يلوذ إليه مرضاها المتشبثون بالموت ،
ولا خزان مياه ليروي بداخلهم عطش الأيام التي ألقت بهم في قبو التهميش والنسيان ....
متطلبات حياتية جمة مغيبة عمداً عن هذه القرية البسيطة وأهلها ، والتي آثرت أن تموت بصمت بعيداً عن المظاهرات والغوغائيات البشرية التي باتت إكسير حياة كل الشعوب ....
ولأنها لا تحب أن يسمع أنينها أحد ، تفننت جميع جهات الاختصاص إبعادها عن المشهد التنموي واعتبارها عدم برغم حيويتها التي بلغت عنان السماء....
وها أنذا قد استرقت السمع من خلف أسوار نخيلها ، وسمعت نشيجها ، وتلمستها بائسة الأحلام ، في بقعة تهامية لا يصل إليها أحد ...
وكأن لها من اسمها نصيب في أن تظل كادحةً عن أحلامها وتطلعات أبنائها....
فهل هناك من يصغي معي لكل أوجاعها ؟
لتعود إليها بسمتها التي امحت ،
ويغادر عن ملامحها العبوس ؟....