آخر تحديث :الأربعاء - 27 نوفمبر 2024 - 02:27 ص

اخبار وتقارير


النوافذ السوداء في اقتصاد الحرب الواقع والمعالجات

الإثنين - 11 يناير 2021 - 10:47 م بتوقيت عدن

النوافذ السوداء في اقتصاد الحرب الواقع والمعالجات

الرياض/ فارس النجار

يقال ان للحروب اقتصادها، فعلى مر التاريخ كانت للعوامل الاقتصادية اهمية كبيرة في التعبئة العسكرية والحرب بشكل عام، وتعتبر منطقة الشرق الاوسط احدى اهم مناطق الصراع في العالم اذ انها تشهد بين كل فترة واخرى صراعات ونزاعات مختلفة، الامر الذي يثير تساؤلات عدة حول دور الاقتصاد واقتصاديات الحرب وكيفية مواجهة الحروب وتمويلها وادارتها.

ويعرف اقتصاد الحرب في العديد من الادبيات باعتباره استمرار الاقتصاد بوسائل اخرى فما يميز اقتصاد الحرب انها تنطوي على التحايل على الاقتصاد النظامي وتدميره وبالتالي نمو الاسواق السوداء، وسيادة السلب، والابتزاز، والعنف المتعمد ضد المدنيين من قبل الجماعات المتمردة لاكتساب السيطرة على الاصول المربحة، واستغلال اليد العاملة، كما انه يتسم باللامركزية والفوضى ويزدهر فيه الاعتماد على التهريب.

وبالنظر الى الحالة اليمنية والتدهور المريب الذي يشهده الاقتصاد اليمني فإن ما ذكر سلفا كان نهجا سلكته جماعات الكهنوت الحوثية من خلال نهب احتياطيات البنك المركزي من العملة الاجنبية والمقدرة بحسب التقارير الرسمية الى 5.2 مليار دولار بالإضافة الى نهبهم مليار دولار من اموال التأمينات الاجتماعية. كما سعت الى امتصاص اموال الشعب الخاصة من خلال احتكار السلع الأساسية وبيعها في الأسواق السواء التي تعمل لصالحهم. وهذه الممارسات التي اتبعتها الجماعة الكهنوتية تشبه في كثير من تفاصيلها النهج الذي يتبعه الحرس الثوري في إدارة المؤسسات الموازية في إيران.

ومن جانب اخر، سعى الانقلابيون الى استغلال الحرب في بناء تكنات اقتصادية خاصة بهم للسيطرة على القطاع الاقتصادي الخاص في اليمن كخطة بديلة في حالة فشلهم عسكريا، فعلى مدار سنوات السابقة قام الحوثيين على تنفيذ حملات ميدانية لجمع الضرائب والجمارك والاتاوات غير القانونية من الشركات ومراكز التسوق، الامر الذي اجبر عددا من رؤوس الاموال الى مغادرة مناطق سيطرة المليشيات، فيما دفع الافلاس مستثمرين اخرين الى اغلاق شركاتهم ومتاجرهم، مما سهل لهم شراء تلك الشركات بأسعار بخس، فبحسب النتائج الأولية لمسح اجراه البنك الدولي في أكتوبر 2018 ان ما يقارب 35% من الشركات اليمنية اغلقت ابوابها، فيما يعاني أكثر من 51% من الشركات من تضاؤل حجمها وتراجع اعمالها.

ان ما قام به الحوثيين لأكثر من 5 أعوام من تدمير *للاقتصاد شكل ثقلا كبيرا على كاهل المواطن، وصنع تحديات كبيرة امام الحكومة. وبذلك يستوجب من الحكومة الجديدة اتخاذ العديد من اجراءات الطوارئ الهامة لتعبئة الانتاج وزيادته، وبالتالي النهوض بالاقتصاد والتنمية وذلك من خلال الإجراءات التالية:
• زيادة صادرات النفط واعادة تصدير الغاز باعتبارهما الرافد الاساسي لموازنة وموارد الدولة حيث كان يشكل 70% من ميزانية الدولة.
• تعزيز الاستقرار الامني في المحافظات المحررة ومحاربة الجريمة والسوق السوداء واتخاذ اقصى العقوبات ضد من يقوم بالمضاربة على العملة بشكل غير قانوني.
• ترشيد الانفاق الحكومي وعدم السفر للخارج من قبل اعضاء الحكومة الى في الضرورة القصوى.
• اعادة هيكلة الاجهزة الرقابية للدولة وعلى رأسها الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ورفدها بالكوادر الشابة المؤهلة.
• اعادة هيكلة المجلس الاقتصادي الاعلى وزيادة صلاحياته وعدم اتخاذ اي قرارات اقتصادية الا بعد دراسة اثرها الاقتصادي والاجتماعي من قبل المجلس.
• ترشيد وتوجيه المتوفر من احتياطيات العملة الاجنبية لدى البنوك لاستيراد السلع الاساسية وعدم اهدارها في استيراد الكماليات ، و هذا لا يمكن الا بقيام البنك المركزي بدورة الرقابي.
• توجيه الدعم الدولي نحو اعادة بناء القطاع الزراعي والسمكي في اليمن وزيادة إنتاجه ودعم المشاريع الصغيرة.
• هيكلة الهيئة العامة للاستثمار ورفدها بالكوادر الاقتصادية الشابة لتلعب دورها في توجيه المستثمرين نحو الاستثمار في القطاعات الحيوية كالطاقة والصناعات الاستخراجية والتحويلية بدلا من اتجاههم نحول الاستثمار العقاري الذي لا يخدم المرحلة الصعبة التي تمر فيها البلاد.