آخر تحديث :الخميس - 26 ديسمبر 2024 - 07:02 م

ثقافة وأدب


بينما مكتب الثقافة وصندوق التراث في سبات:توقيع مقاولة بين تاجر وشاعر لبيع تراث حضرموت

السبت - 09 ديسمبر 2023 - 04:37 م بتوقيت عدن

بينما مكتب الثقافة وصندوق التراث في سبات:توقيع مقاولة بين تاجر وشاعر لبيع تراث حضرموت

عبدالله الحضرمي

تجار الحروب كثيرون أبرزهم تجار الأسلحة والآثار والمخدرات والمتلاعبون بالاقتصاد وبعض الشعراء والإعلاميين. وقد برز مؤخراً تاجر متعدد التجارات دخل سوق الثقافة ليعبث فيه براحته مستغلاً ظروف الناس والحرب واللادولة.

قرأت قبل شهرين خبراً مر بلا ردود أفعال، فنحن في بلد يديرونه بالأزمات، وليست الثقافة من أولويات الاهتمام، بعد أن أصبحنا نلهث خلف تأمين أساسيات حياتنا وعوائلنا في الحدود الدنيا. يقول الخبر : (وقَّع اليوم الخميس الموافق ٢١ سبتمبر ٢٠٢٣م رئيس مجلس المؤسسين بالمؤسسة [مؤسسة حضرموت للثقافة] المهندس عبدالله أحمد بقشان مع الشاعر الحضرمي عبدالله صالح باظفاري اتفاقية مشروع توثيق الأهازيج الحضرمية للحرفيين والمهنيين في حضرموت).
في الخبر شخصان هما بقشان وباظفاري. الأول تاجر سعودي من أسرة حضرمية، والثاني شاعر شعبي حضرمي يقيم بالسعودية. وموضوع الاتفاقية أو المقاولة (توثيق تراث). وقد تم التوقيع بعيداً عن مشاركة أو إشراف أو حضور مكتب الثقافة بالمحافظة وصندوق دعم التراث كجهتين يناط بهما الشؤون الثقافية والتراثية. فهل الاتفاقية بين بقشان وباظفاري عملاً خاصاً أو مقاولة بين طرفين، أو نشاط شبيه بأنشطة الاستيراد والتصدير؟
مهما كانت إمكانيات باظفاري، وهي محدودة وسطحية، فإنه لا يستطيع أن يقوم بعمل مثل هذا بأسلوب متقن وشامل. فتوثيق التراث يناط بفرق مؤهلة علمياً ومدربة وليس فرداً من الهواة كالمدعو صالح عبيد . ولا يتم التوثيق بعيداً عن إدارة وإشراف مؤسسات وهيئات الدولة.
إن توثيق التراث قد مشى من أجله الوديان والسهول والجبال باحثون مدققون على أقدامهم أمثال الأساتذة بامطرف والملاحي والصبان رحمهم الله، وكان شغلهم الشاغل الحفاظ على التراث والموروث الشعبي، وكذلك قام بتوثيق الرقصات والفنون الشعبية وإخراجها فنانون كبار أمثال المرحومين: سعيد فرحان وعلي سعيد علي، بإشراف من وزارة الثقافة. فكيف يتم تحويل توثيق الأهازيج الحضرمية للحرفيين والمهنيين إلى مقاولة بين شخصين، يبيع الثاني (باظفاري) للأول(بقشان) المادة المجمعة بطريقة المقاولة بمبلغ وقدره (....) يذهب إلى جيب فرد، ويعود حق الملكية لفرد. هذا تراث شعب وليس مال ما له صاحب. فمن الذي أجاز لكم يا بقشان ويا باظفاري أن تبيعوا وتشتروا في تراثنا؟
ستنتهي الحرب، وستكون في البلد دولة تقوم وزارة ثقافتها بدورها، ويومها لن يسقط الحق بالتقادم. وعلى أي حال فإن من يزينون لهذا الثنائي ما يعملان أو يسكتون عنه أو يتغاضون مقابل ريالات معدودة هم شركاء في التوثيق العابث بتراثنا، فهم يدركون أبجديات أعمال التوثيق في الوطن العربي والعالم، ومنها نظام المربعات التراثية، لكنهم يلهثون خلف التاجر ومقاولاته الثقافية، وهو يستخدمهم بأمواله كغطاء لأنشطته المشبوهة والمشوهة للثقافة والتراث الحضرمي.