وجه العميد عبد الرحمن بن صالح المحرمي (أبو زرعة)، عضو مجلس القيادة الرئاسي ونائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، توجيهًا هامًا بإيقاف التعامل مع المكتب الفني للمجلس الاقتصادي الأعلى المتواجد خارج البلاد، والعودة للعمل بالآلية السابقة من خلال مؤسسات الدولة التي تعمل من العاصمة عدن، وذلك حسب القانون الذي كان معمولاً به قبل تشكيل المكتب الفني.
ويأتي هذا التوجيه في إطار جهود تعزيز الاقتصاد الوطني واستعادة دور المؤسسات المحلية في تحسين الأداء الاقتصادي والإداري في البلاد.
دلالات القرار وأهميته
يحمل قرار العميد المحرمي دلالات عديدة على المستوى الوطني والإداري. أولاً، يعكس حرص القيادة السياسية في الجنوب على استعادة السيادة على المؤسسات الاقتصادية والإدارية، خصوصًا تلك التي تقع في المناطق المحررة وتعمل من العاصمة عدن.
ويُعتبر هذا التوجيه خطوة هامة نحو تقليص الاعتماد على الكيانات الخارجية وإعادة تفعيل المؤسسات الوطنية، مما يسهم في تحقيق استقرار اقتصادي على المستوى الداخلي.
وإضافة إلى ذلك، يعكس هذا القرار التوجه نحو تعزيز دور مؤسسات الدولة المتواجدة في عدن، التي عانت في السنوات الماضية من تحديات كبيرة، سواء نتيجة الوضع الأمني أو الإداري.
و يعود تفعيل هذه المؤسسات إلى القانون اليمني الذي كان معمولاً به قبل تشكيل المكتب الفني، مما يضع الأمور في نصابها الصحيح ويعيد السيطرة الإدارية إلى الداخل.
تأثير القرار على موانئ عدن
وأحد أهم الجوانب التي يُتوقع أن يتأثر بها هذا التوجيه هو قطاع الموانئ، وخاصة ميناء الزيت وموانئ عدن بشكل عام.
وتعتبر هذه الموانئ شرياناً حيوياً للاقتصاد اليمني، ويعتمد عليها البلد بشكل كبير في تأمين الواردات والتصدير، حيث أن تنشيط هذه الموانئ وتقديم التسهيلات للموردين من خلال مؤسسات الدولة المتواجدة في عدن من شأنه أن يسهم في رفع كفاءة العمليات اللوجستية وتعزيز التجارة الداخلية والخارجية.
وكانت هناك العديد من الصعوبات والعراقيل التي أثرت على أداء جمارك عدن والموانئ خلال الفترة الماضية، مما أدى إلى تراجع مستوى الخدمات وزيادة التكاليف على الموردين.
و القرار الأخير للعميد المحرمي والذي صدر خلال لقاء للمحافظ لملس يُتوقع أن يزيل هذه العراقيل ويعيد الحيوية إلى موانئ عدن، بما يخدم المصلحة العامة ويدعم الاقتصاد المحلي.
دور الجمارك والمؤسسات الاقتصادية
ويتزامن توجيه العميد المحرمي مع جهود أخرى تهدف إلى إعادة تنظيم المؤسسات الاقتصادية والجمركية في اليمن، والتي واجهت تحديات عديدة منذ بداية الحرب.
جمارك عدن، باعتبارها نقطة دخول رئيسية للبضائع إلى اليمن، تحتاج إلى دعم وتشجيع من خلال تسهيل الإجراءات وتقليل الروتين الإداري الذي يؤثر على سرعة العمليات التجارية.
ومن شأن إعادة تفعيل المؤسسات المحلية، وتحديداً تلك المتواجدة في العاصمة عدن، أن يُسهم في تقليل الفساد وتحسين مستوى الشفافية في إدارة الموارد، إذ يمكن من خلال تعزيز آليات الرقابة الداخلية وتحسين الكفاءة الإدارية والجمركية، تحسين القدرة على جذب الاستثمارات وتعزيز الاقتصاد الوطني.
العودة إلى الآلية السابقة
العودة إلى العمل بالآليات التي كانت موجودة قبل تشكيل المكتب الفني تعني إحياء الإجراءات التقليدية التي كانت مؤسسات الدولة المحلية تعتمد عليها، و هذه الآلية، رغم أنها كانت تواجه بعض التحديات، إلا أنها تضمن توجيه الموارد والخبرات الوطنية نحو حل المشكلات الداخلية، دون الحاجة إلى التدخلات الخارجية.
وكما أن هذا القرار يحمل رسالة واضحة للمجتمع الدولي، تفيد بأن السلطات المحلية تسعى إلى تعزيز قدراتها الذاتية وإعادة تفعيل مؤسساتها لمواجهة التحديات الاقتصادية والإدارية المتفاقمة، ويؤكد على التزام القيادة بتحقيق الاستقرار في البلاد من خلال مؤسسات الدولة، وليس عبر الكيانات الخارجية.
استجابة للوضع الراهن
ويأتي قرار العميد المحرمي في وقت حساس، حيث تمر العاصمة عدن بفترة حرجة على الصعيد الاقتصادي، وتزايد الضغوط على سعر صرف العملة الوطنية وتفاقم الأزمة الاقتصادية يشكل تحديات هائلة أمام الحكومة، ويحتاج إلى حلول جذرية تعتمد على تفعيل مؤسسات الدولة وتنظيم العمل الاقتصادي بشكل فعّال.
والعميد المحرمي، في قراره الأخير، يعبر عن قناعة بأهمية الاستقلالية الاقتصادية والإدارية، ويدعو إلى تعزيز المؤسسات الحكومية بما يمكنها من التصدي للأزمات الحالية فالحكومة اليمنية تواجه تحديات متعددة، من أبرزها انخفاض الإيرادات الوطنية وتزايد الإنفاق، خاصة في مجال الطاقة الذي يمثل عبئاً كبيراً على الاقتصاد اليمني المتعثر.
أهمية الدعم الحكومي للبنك المركزي
و يتزامن هذا التوجيه مع دعوات أخرى صادرة من جهات حكومية لتعزيز الدعم المقدم للبنك المركزي في عدن، الذي يواجه تحديات كبيرة تتعلق بالسيولة، وبالحفاظ على استقرار العملة الوطنية، وإعادة تنظيم العمل الاقتصادي وتوحيد الجهود بين المؤسسات الحكومية والبنك المركزي من شأنه أن يحقق استقراراً نسبياً في الأوضاع المالية.
أخيراً، يُتوقع أن تشهد الفترة المقبلة تحسناً نسبياً في أداء الموانئ والجمارك، وهو ما سينعكس إيجاباً على حركة التجارة والاستيراد، المؤسسات الوطنية المتواجدة في عدن قد تستعيد جزءاً من فاعليتها إذا ما تم توفير الدعم اللازم لها، مع إلغاء التعامل مع الكيانات الخارجية التي قد تكون سبباً في تفاقم المشاكل الاقتصادية.