آخر تحديث :السبت - 21 ديسمبر 2024 - 06:34 م

من تاريخ عدن


هنا في هذا المكان تاريخ عدن ومناطق المحميات واليمن قبل الاستقلال وبعده ..صورة

الخميس - 24 أكتوبر 2024 - 03:55 م بتوقيت عدن

هنا في هذا المكان تاريخ عدن ومناطق المحميات واليمن قبل الاستقلال وبعده ..صورة

الباحث / بلال غلام


في كل زيارة أقوم بها إلى بريطانيا، أحرص دائمًا أن أعطي الحيز الأكبر من وقتي في البحث والتنقيب والتوثيق في تاريخ عدن ومناطق المحميات واليمن قبل الاستقلال وبعده .. من بين الأماكن التي أتردد عليها باستمرار هي الأرشيف الوطني البريطاني والمكتبة البريطانية الكبرى .. زيارة الأرشيف يوميًا ليست مهمة سهلة بسبب موقعه البعيد في ضواحي لندن، حيث يتطلب السفر إليه حوالي ساعة وعشرين دقيقة بالقطار، ناهيك عن تكاليف المواصلات الباهظة، ورغم ذلك، فإن استكشاف هذا الأرشيف الواسع مليء بالمتعة والتحدي، خاصة عند تصفح الملفات السياسية والاستخباراتية التي تحتوي على معلومات دقيقة وصادمة في الغالب، وكانت مغيبة عن الأجيال المتعاقبة في بلادنا..


هذه الملفات لا تروي قصصًا خيالية كما التي نقرأها في الكتب، بل تضم أسرارًا سياسية عميقة، وأسماء شخصيات وقيادات وقبائل من تلك الحقبة التاريخية، وكان يتم تداولها بين السياسيين والموظفين في أروقة مكاتبهم في ذاك الوقت، وهي تشكل توثيقًا تاريخيًا دقيقًا، و رافداً لكل الباحثين، رغم أن الحكومات المتعاقبة التي جاءت بعد الاستقلال سعت حثيثاً إلى محوها وحرقها، معتبرةً إياها خطيرة على سياساتها، بحجة أنها تاريخ المستعمر البغيض، إلا أن الإنجليز كعادتهم كانوا دائمًا حريصين على توثيق كل شيء، لتبقى هذه الملفات شاهدة على تلك للأجيال على تلك الحقبة.


للأسف الشديد، لم تحظَ اليمن، بشمالها وجنوبها، باهتمام كافٍ من قبل الدوائر السياسية والحكومية لإنشاء أرشيف وطني يحفظ تاريخها بشكل محترف، بل كانت هناك سياسة لإخفاء الحقائق وتدمير كل ما يكشف فسادهم وتاريخهم الأسود، متناسين بأننا في عصر العولمة وكل شيء مُتاح ومُباح في عصرنا الحالي، وما تفعله وتقوم به الحكومات يتم توثيقه بشكل أو بآخر من قبل الدوائر العالمية، وسيأتي اليوم الذي يُكشف فيه المستور من فساد وصراعات داخلية، ويُفضح هؤلاء السياسيون أمام الأجيال القادمة.


كانت الصدفة، هي التي أُتيحت لي الفرصة خلال إقامتي في بريطانيا لأكثر من عشرين عامًا، لأعمل على البحث والتنقيب في مئات الملفات والآلاف من الوثائق التاريخية المتنوعة؛ منها ما هو سياسي ومنها ما هو أثري أو خدمي .. قمت بهذا العمل بشكل طوعي ودون أي دعم من أي جهة كانت، وما زلت مستمرًا في هذا الجهد، رغم علمي مسبقاً أنني لن أتلقى مقابلاً ماديًا أو دعماً مقابل عملي هذا، ولكن هدفي الأساسي هو أن تستفيد الأجيال القادمة من هذا العمل، وهذا هو الدافع الذي يحفزني للاستمرار في مهمتي، وهو مقصدي وغايتي الأساسية..