أقرّ رئيس الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا أحمد عوض بن مبارك بأن تعثّر العملية التنموية التي يشهدها اليمن تشمل أيضا مناطق الشرعية.
وباتت الحكومة تعتمد في إدارة شؤون المناطق الخاضعة لسلطتها بشكل متزايد على المساعدات الخارجية وخصوصا من قبل السعودية التي دأبت على ضخ ودائع في البنك المركزي التابع للشرعية لا تُستثمر في مشاريع تنموية مدرّة للدخل بل تستهلك كميزانيات تشغيلية وتنفق لتغطية تكاليف وأثمان المواد الأساسية ودفع رواتب الموظّفين، الأمر الذي جعل تلك المساعدات عديمة الأثر لإخراج المناطق الخارجة عن سيطرة جماعة الحوثي من دوّامة أزمة مالية واقتصادية خانقة ذات تأثيرات اجتماعية حادّة على سكّان
تلك المناطق.
وتعود الأزمة بالأساس إلى شحّ موارد السلطة بسبب ظروف الحرب وتوقّف تصدير النفط جرّاء استهداف الحوثيين لمنافذ تصديره من مناطق الشرعية، لكنّها ترجع أيضا إلى سوء التصرّف في ما هو متاح من موارد ومساعدات بسبب ترهل الجهاز الحكومي والإداري وتسرّب الفساد إليه وفقا لرواية بعض الجهات السياسية والإعلامية اليمنية.
وقدّم بن مبارك سببا تقنيا وإجرائيا لتعثّر التنمية منفصلا عن عائق شح الموارد والتمويلات ومتمثّلا في عدم القدرة على استيعاب التعهدات الدولية الممنوحة للبلاد.
وكشف عن تعثر ستّة وسبعين مشروعا بقيمة تتجاوز الخمسة مليارات دولار. وقال في كلمته خلال فعالية تدشين مشروع تجهيز اثنتي عشرة كلية مجتمع بتمويل من الصندوق الكويتي للتنمية، إنّ من بين المشاريع المتعثّرة في اليمن أربعة وعشرين مشروعا يعود تعثّرها لأسباب فنية وإدارية وإنّ واحدا وأربعين مشروعا متعثرا توجد في مناطق الحكومة المعترف بها دوليا، وذلك بسبب ضعف قدرة البلاد على استيعاب التعهدات الدولية معتبرا ذلك مشكلة ينبغي العمل على معالجتها “في ظل التحديات الاستثنائية الراهنة”.
وأوضح أن حكومته تواصل جهودها لتحريك القروض والمساعدات المتعثرة لدى الصناديق التنموية لتنفيذ مشاريع تنموية وبرامج استثمارية عالية القيمة، و”هي من بين الأولويات الخمس التي يجري العمل عليها من أجل الاستفادة من التمويلات المتاحة لدعم الشعب اليمني”.
وشدد على ضرورة الوقوف بمسؤولية لحل إشكالية تعثر تنفيذ المشاريع، ووضع المعالجات المناسبة لتجاوز هذا التعثر، خاصة أنها تمس جوانب حيوية في حياة الناس.
وتشهد مناطق الشرعية اليمنية منذ مدّة تدهورا شديدا في الوضع الاقتصادي والمالي جعل السلطة المعترف بها دوليا تحت ضغط مضاعف من قبل الشارع الغاضب من تردّي الأحوال المعيشية، ومن طرف شريكها الرئيسي المجلس الانتقالي الجنوبي المتخوّف من تأثيرات تلك الأوضاع على شعبيته في مناطق نفوذه.
وتتزايد في العديد من المدن ومراكز المحافظات التابعة للشرعية حالة الاحتقان الشعبي المنذر بالانفجار الذي لاحت بوادره بالفعل في عدد من المناطق التي شهدت احتجاجات شعبية على تردي الأوضاع المعيشية والخدمية.
وبدت الشرعية والحكومة التابعة لها بقيادة بن مبارك قليلتي الحيلة أمام الانهيار الاقتصادي والمالي المتسارع والذي كان تهاوي قيمة عملة الريال المحلية أحد أبرز مؤشراته.
وبلغ التدهور في قيمة الريال اليمني بمناطق الشرعية سقوفا غير مسبوقة تجاوزت الـ2050 ريالا مقابل الدولار الواحد.
ولم تنجح مزادات العملة التي لجأ إليها البنك المركزي التابع للشرعية كحل عاجل لمعالجة الأزمة في وقف ذلك التراجع بينما بدا البحث عن المزيد من التمويل خارجي هو الحلّ الوحيد المتاح حاليا.
ودخلت الشرعية في محاولاتها الحدّ من الأزمة المالية وتأثيراتها الاجتماعية في ما يشبه السباق ضدّ الساعة لمنع تحوّل الوضع الاقتصادي والمالي إلى عامل تهديد للاستقرار في المناطق الخارجة عن سيطرة جماعة الحوثي، وكذلك لتماسك الشرعية نفسها ووحدتها الداخلية.
وبدأت الأزمة تلقي بظلالها على مزاج الشارع المرهق أصلا من الغلاء المشطّ في الأسعار بسبب ارتفاع نسبة التضخّم، ومن سوء الخدمات الذي أصبح الانقطاع المتكرر والمتواصل للكهرباء عنوانا رئيسيا له.
ويشكّل شمول الغضب الشعبي لمناطق جنوبية واقعة ضمن نفوذ المجلس الانتقالي الجنوبي الساعي لتأسيس دولة الجنوب المستقلّة مبعث قلق للمجلس الشريك للشرعية اليمنية والممثل في مؤسّساتها بما في ذلك مجلس القيادة الرئاسي بقيادة رشاد العليمي، على استقرار مناطقه وأيضا على شعبيته وسمعته لدى سكّانها.
ويمثّل ذلك عامل ضغط ثان على الشرعية من منطلق أنّ الانتقالي لا يتردّد في تحميلها مسؤولية الانهيارات الاقتصادية والمالية وما يستتبعها من تعقيدات اجتماعية، ووصولا إلى تهديدها بالانسحاب منها إذا لم تسارع بإيجاد الحلول الناجعة لتلك الأوضاع.