في وقت يخيّم فيه شبح انطلاق عمليات عسكرية جديدة، تعود التحركات الدبلوماسية الإقليمية والدولية إلى اليمن، في محاولة لحلحلة ملف الأزمة الداخلية الراكد، بعد أشهر من توقف العملية السياسية، إثر انخراط ميليشيا الحوثي في الصراع الإقليمي، وتهديداتها المتواصلة للملاحة الدولية.
وعقد رئيس مجلس القيادة الرئاسي في البلاد، الدكتور رشاد العليمي، منتصف الأسبوع الجاري، سلسلة اجتماعات منفصلة، مع المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى اليمن، تيموثي ليندر كينج، وسفيرها ستيفن فاجن، ورئيس بعثة الاتحاد الأوروبي، جابرييل فيناليس، وسفير ألمانيا، هوبيرت بيغير، في العاصمة السعودية الرياض، للتباحث بشأن جملة من الملفات، يأتي في مقدمتها جهود إحلال السلام.
وذكرت وكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، أن المبعوث الأمريكي، أطلع العليمي على "المتغيرات الإقليمية والدولية المحتملة على ضوء نتائج الانتخابات الأمريكية، إضافة إلى اتصالاته الأخيرة لخفض التصعيد، والخيارات المطروحة لدفع الميليشيات الحوثية الإرهابية على التعاطي الجاد مع المساعي الحميدة لإطلاق عملية سياسية شاملة تحت رعاية الأمم المتحدة".
وفي غضون ذلك، ناقش سفير المملكة العربية السعودية، محمد آل جابر، مع ذات الوفود الدبلوماسية الأمريكية والأوروبية لدى اليمن، "مستجدات وتطورات الوضع في اليمن والبحر الأحمر، وسبل دعم جهود مبعوث الأمم المتحدة للحفاظ على التهدئة والتوصل إلى حل سياسي شامل".
وكانت الأطراف اليمنية، قد توصلت أواخر العام الماضي، إلى اتفاق وفق خارطة الطريق، يوقف إطلاق النار بشكل شامل، والتزامها باتخاذ إجراءات لتحسين الظروف المعيشية، والانخراط في استعدادات لاستئناف عملية سياسية جامعة، تحت رعاية الأمم المتحدة.
وأعلنت الحكومة في مارس/ آذار المنصرم، توقف خارطة الطريق الأممية وتراجع أفق الحل السياسي في البلاد، جراء تصعيد ميليشيا الحوثيين في البحر الأحمر، وتهديد الملاحة الدولية الذي أدى إلى تصنيفهم كمنظمة إرهابية دولية.
استباق ترامب
ويرى مدير مكتب مركز "south24" للأخبار والدراسات في عدن، يعقوب السفياني، أن هذه التحركات لإعادة تفعيل خارطة الطريق في اليمن، تستبق وصول الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض.
وقال السفياني في حديث لـ"إرم نيوز"، إن نوايا الإدارة الأمريكية الجديدة تبدو جادة في فرض عقوبات على إيران، وإعادة ترتيب بعض الملفات في المنطقة، إضافة إلى مساعيها في إعادة تصنيف ميليشيا الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية من الدرجة الأولى، وهذا ما سيعقّد أو يجهض أي خطط سياسية في اليمن.
وأشار إلى أن التحركات الدبلوماسية لإحياء المسار السياسي في اليمن، تأتي مدفوعة برغبة سعودية ومن المجتمع الأوروبي، للعودة إلى المفاوضات ومنع حدوث حرب جديدة.
وذكر أن نجاح هذه المساعي، مرهون بمدى استعداد ميليشيا الحوثيين لوقف عملياتهم العسكرية البحرية، ووقف انخراطهم المسلح في النزاع الإقليمي، والعودة إلى المسار السياسي؛ "لأن هذا هو الشرط الأساسي لأطراف مجلس القيادة الرئاسي في البلاد والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا".
غياب المؤشرات
وتأتي هذه المستجدات السياسية موازية لمؤشرات الدعم الدولي المتصاعدة، لإطلاق عملية عسكرية تنفذها القوات الحكومية، رامية إلى إنهاء وجود ميليشيا الحوثي في محافظتي الحديدة وحجة، المطلّتين على مياه البحر الأحمر، وإزالة التهديدات المحدقة بممرات الملاحة الدولية.
ويقول الباحث السياسي، الدكتور علي العسلي، لـ"إرم نيوز" إن السلام ليس مجرد غاية نبيلة لليمنيين، "بل هو حاجة ملحة لإنهاء معاناتهم التي طال أمدها بسبب الصراع الذي أشعلته ميليشيا الحوثي".
لكنه يعتقد أن السلام ما زال بعيدًا حتى اللحظة، في ظل غياب أي مؤشرات ملموسة على الأرض، وسط استمرار عمليات التصعيد في البحر الأحمر، وخروقات ميليشيا الحوثيين المتواصلة لاتفاق "ستوكهولم 2018"، وعمليات التحشيد الجارية في الحديدة، إلى جانب عرقلة تصدير النفط.
وذكر العسلي أن السلام في اليمن يتطلب إرادة حقيقية والتزامًا عمليًا من جميع الأطراف، بتحمل مسؤولياتهم تجاه الوضع، وخاصة السلطة الشرعية ومكوناتها، باعتبارها مسؤولة عن كل اليمنيين، فضلًا عن المسؤوليات التي يتحملها الفاعلون الإقليميون والدوليون.