كشفت المعلومات المتواترة بشأن إرسال جماعة الحوثي مقاتلين إلى روسيا للقتال إلى جانب قواتها في الحرب ضدّ أوكرانيا، عن استخدام جديد للجماعة من قبل إيران التي يدين لها الحوثيون بالولاء وتمتلك سطوة كبيرة على قرارهم وصولا إلى تحديد طبيعة علاقاتهم الخارجية.
وأفادت منظمة استقصائية سويسرية غير حكومية بأن حوثيين من اليمن يقاتلون في أوكرانيا إلى جانب القوات الروسية عبر شركة ضالعة في تهريب الأسلحة، مؤكدة وجود تواصل وثيق بين أنصارالله والكرملين.
وخلق الطول غير المتوقّع لأمد الحرب التي أشعلتها روسيا في أوكرانيا تحت مسمى العملية الخاصة، حاجة متزايدة للمقاتلين ما جعل موسكو تستعين بحلفائها لتعويض النقص الحاصل جراء خسائرها في الحرب وعزوف شباب روسيا عن التجنيد وفرار الآلاف منهم إلى الخارج رفضا للمشاركة في الحرب التي لم يقتنعوا بمبرّرات إشعالها.
وأرسلت كوريا الشمالية أعدادا من مواطنيها للقتال إلى جانب روسيا لكنّ إيران لم تكن مضطرة إلى فعل ذلك حيث وجدت الحل في اليمن، لإسداء خدمة لحليفتها.
ويضيف تورّط الحوثيين في حرب خارج حدود اليمن تعقيدا جديدا للملف اليمني الذي بذلت قوى إقليمية بالتعاون مع الأمم المتّحدة جهودا لإيجاد مخرج سلمي له.
ويفتح التعاون العسكري بين روسيا والحوثيين برعاية إيرانية الباب نحو حصول الجماعة على تقنيات عسكرية روسية متطورة، الأمر الذي يعني أن تصبح موسكو متورّطة في إشعال التوتّرات في المنطقة غير بعيد عن حدود دول عربية صديقة لها ومتعاونة معها في عدّة مجالات من بينها الحفاظ على أسعار معقولة للنفط، وهو ما ينطبق بشكل أساسي على المملكة العربية السعودية التي ستكون من بين المتضررين من تمكّن الحوثيين من امتلاك قدرات عسكرية متطوّرة.
وكانت الجماعة قد أعلنت في سبتمر 2022 عن امتلاكها صاروخا فرطَ صوتي، قالت إنها طورته محليا لكن أغلب التحليلات ذهبت إلى أنّ مصدره الحقيقي، في حال صحة امتلاك الحوثيين له، هو روسيا السباقة إلى تطوير هذا النوع من الصواريخ، متوقّعة أن يكون قد وصل إليهم عن طريق إيران.
ودوليا يضع التعاون العسكري الفعال بين روسيا والحوثيين الجماعة تحت مجهر الملاحظة الغربية، والأميركية تحديدا في وقت شهدت فيه الولايات المتحدة نقلة من الإدارة الديمقراطية المتساهلة نسبيا مع إيران وأذرعها إلى إدارةٍ جمهورية بقيادة دونالد ترامب يتوقّع أن تكون أكثر شدّة وحزما حيال طهران والفصائل التابعة لها في المنطقة.
وتتهم الولايات المتحدة روسيا منذ أشهر بالسعي إلى توفير أسلحة للحوثيين الذين يعيقون منذ عام حركة التجارة الدولية عبر استهدافهم سفنا في البحر الأحمر.
وسُجِّل تقارب بحكم الأمر الواقع بين موسكو وطهران اللتين يجمعهما خصوصا عداؤهما لواشنطن.
وقالت لو أوزبورن من منظمة إنباكت السويسرية غير الحكومية إن العقود المبرمة بين المرتزقة الحوثيين والجيش الروسي تمر عبر شركة مقرها في سلطنة عمان مرتبطة بالبرلماني اليمني المؤيد للحوثيين عبدالولي عبده حسن الجابري.
وشددت أوزبورن لوكالة فرانس برس الأربعاء على أن الجابري “ضالع في تجارة الأسلحة بين روسيا والحوثيين،” مؤكدة ما أورده تحقيق استقصائي أجرته قبل أيام صحيفة فايننشل تايمز.
وعلق دبلوماسي أوكراني بالقول “ليس لدينا أي دليل” على قتال الحوثيين إلى جانب روسيا لكنّه استدرك بالقول “لا حدود لدى الروس.”
ويستهدف الحوثيون منذ أشهر سفنا في البحر الأحمر يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل أو الولايات المتحدة أو بريطانيا، في إطار عمليات يقولون إنها لدعم الفلسطينيين على خلفية الحرب المستمرة بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة.
وزار وفد حوثي رسمي موسكو في يناير الماضي حيث بحث مع المسؤولين الروس “ضرورة تكثيف الجهود للضغط” على الولايات المتحدة وإسرائيل لوقف الحرب في قطاع غزة، بحسب ما أعلنه الناطق باسم الحوثيين محمد عبدالسلام.
وكتب عبدالسلام حينذك على منصّة إكس أن الوفد التقى نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف.
واتهمت الولايات المتحدة روسيا في سبتمبر الماضي بأنها تجري مباحثات مع الحوثيين الذين باتوا يسيطرون على أجزاء كبيرة من اليمن نتيجة حرب أهلية مستمرة منذ عشر سنوات.
وأشارت لو أوزبورن إلى أن “بعض المقاتلين يُجنّدون في العاصمة الأردنية عمّان أثناء عملهم في المطاعم” ولا يتمتعون بخبرة عسكرية فعلية.
وأضافت أنهم “يتلقون وعودا بتقاضي عشرة آلاف دولار في البداية ثم 2500 دولار شهريا، لكن عندما يصلون يستقبلهم الجيش الروسي ويدفع لهم 260 دولارا شهريا،” مشيرة إلى أن عددهم بضع مئات.
ويمر المقاتلون عبر سلطنة عمان قبل إرسالهم إلى روسيا. ولم تتوافر لدى إنباكت معلومات إضافية عن تدريبهم المحتمل قبل إرسالهم إلى الجبهة وعن كيفية تأمين الترجمة اللغوية لهم.