موقف ديمقراطي للشهيد علي عنتر رحمه الله تعالى .
في أحد معسكرات الجيش الجنوبي في السبعينيات أمر الضابط أحد الجنود أن يقوم بتصفية مدفع قديم متهالك وان يشحمه ويجعله يلمع لميعا مع أن المدفع خارج الجاهزية القتالية ، فقال هذا الجندي كلمة ادخلته بيت خاله أي السجن ، قال إن الاتحاد السوفيتي أعطانا اسلحة متهالكة من بقايا الحرب العالمية الاولى والثانية قالها بتلقائية تعليقا على الامر الذي وجه إليه لتصفية المدفع وتشحيمه ، لقد راى في ذلك عبثاً وجهدا مضاعا فما كان من قيادة المعسكر بعد أن وصلت إليها كلمة الجندي المسكين إلا أن زجت به في سجن المعسكر تمهيدا لمحاكمته على اساءته للاتحاد السوفيتي الصديق
وهذا اجراء ناتج عن الثقافة الشمولية
وغياب الديمقراطية .
مع أن الديمقراطية ليست موجودة في إطار القوات المسلحة فالقاعدة تقول نفذ ثم ناقش لكن الجندي عبر عن رأية ولم يكسر الامر.. عبر عن رأيه في هذا المدفع القديم ولكن ذلك لن يشفع له فسجن .
وبعد أيام زار وزير الدفاع الشهيد علي عنتر هذا المعسكر وكان من عادته أن يزور السجون حيثما وجدت فلما سال عن هذا الجندي المسجون قالوا له هذا أخطأ في حق صديق بلادنا الوفي الاتحاد السوفيتي فسجناه فضحك علي عنتر عندما سمع ما قاله الجندي بالنص وقال هذا الجندي لم يقل غير الحقيقة فكلامه صحيح اخرجوا الجندي من السجن واعطوه اجازة كذا كذا يوما .
لكن هذه الديمقراطية التي تمتع بها علي عنتر لم تكن سارية المفعول في إطار الحزب الاشتراكي والنظام حين ذاك .
في مرحلتنا هذه لا تزال هناك رواسب من الثقافة الشمولية في رفض الراي الآخر وشيطنته حتى داخل المنظومة الواحدة.
د. عبده يحيى الدباني