صُدم المتابعون للتلفزيون السوري الرسمي من الانقلاب المفاجئ في برامجه بعد سقوط الرئيس السابق بشار الأسد، ليبث أناشيد جهادية ومقاطع فيديو تمجد عناصر الفصائل الإسلامية المسلحة وزعيم جبهة هيئة تحرير الشام أحمد الشرع المعروف بأبي محمد الجولاني.
وبعيد إعلان سقوط نظام الأسد وسيطرة الفصائل على مبنى الإذاعة والتلفزيون الواقع في ساحة الأمويين بدمشق، بث التلفزيون السوري أغاني للمطربة فيروز وبرامج وثائقية عن سوريا، وكانت أول دلالة على السيطرة عليه شاشة حمراء دوّن عليها شعار “انتصار الثورة السورية العظيمة وإسقاط نظام الأسد”، ثم تحدث مذيع قوات المعارضة يوسف اليوسف في بث مباشر، قائلًا في أول نشرة إخبارية “نزف لكم من شاشة الأخبار السورية انتصار الثورة السورية العظيمة بعد 13 عاما من الصبر والتضحيات.” ونقل التلفزيون السوري بيانا للعمليات العسكرية، حثّ فيه الشعب السورى على “ضرورة الحفاظ على جميع ممتلكات الدولة السورية وعدم الاقتراب من المؤسسات العامة التي ستظل تحت إشراف رئيس الوزراء السوري السابق حتى يتم تسليمها رسميًا“.
وتخلل ذلك بث التلفزيون بياناً أصدره الشرع، عن “انتصار الثورة السورية”. ثم اقتصر البث طوال اليومين الماضيين على عرض صور ثابتة لقرارات الإدارة العسكرية حول حماية الممتلكات العامة وتجنب إيذاء الأفراد.
وترافقت تلك المشاهد مع أناشيد جهادية. كما بثت القناة مقطعاً من نشيد “في سبيل الله” تزامنا مع “حفل معايدة مصابي فصائل الفتح المبين”، في رسالة اعتبرها المشاهدون تهديدات للدول الأخرى بطريقة تذكر بطالبان الأفغانية، محذرين السوريين من مصير مشابه، وقال ناشط:
وتعطّل الموقع الإلكتروني لوكالة الأنباء السورية (سانا) عن العمل، لكن حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي انتقلت إلى عهدة المعارضة، ونشرت شعاراً جديداً للوكالة يعتمد على لوني علم الثورة الأسود والأخضر عبر حسابها في تيلغرام، إضافة إلى البيانات الصادرة عن الحكومة المؤقتة وعن إدارة العمليات العسكرية.
ونشرت قناة “الإخبارية السورية” في موقعها الرسمي على فيسبوك عدة منشورات تتضمن بيانات قيل إنها صادرة عن قيادة إدارة العمليات، إلى جانب صور لأحمد الشرع وهو يتواجد على جبل قاسيون وفي الجامع الأموي، مع عبارة “القائد أحمد الشرع بين أهله في دمشق بعد تحريرها.” وأثار ذلك موجة من السخرية بسبب تمجيد صورة الزعيم السياسي/العسكري، بعد ساعات من سقوط النظام الذي كرس لعقود تلك الظاهرة.
أما إذاعة “شام إف إم” المتابعة على نطاق واسع فأعلنت على موقعها في فيسبوك أنها توقفت عن العمل بشكل مؤقت حتى تتضح معالم المرحلة القادمة، مع الاكتفاء ببث أغاني فيروز. بينما ذكرت إذاعة “نينار إف إم” في بيان أن “سوريا تبصر فجرا جديداً، ومرحلة جديدة لكل السوريين دون استثناء. الحمد لله على سلامة الجميع، أملا في أن ننهض من جديد شابكين أيدينا مع بعض، لنعيد الضوء والأمل لكل ركن من سوريتنا.”
وأضافت على حسابها في فيسبوك “كنا كصحافيين وإعلاميين كغيرنا نعمل وفق أجندة موجهة، وكما هو معروف أن الإعلاميين يعملون حسب سياسة مالكي مؤسساتهم، وقد لا يتفقون مع الكثير مما ينشرونه أو يقولونه، ولكن في نهاية الأمر هذه المؤسسات ليست ملكا لهم، وستكون لها سياسات جديدة تناسب المرحلة الجديدة.”
وتابعت “نحن لن نتلون ولن ننافق، والآن نقول الحقيقية بكل موضوعية. وما يؤسفنا أنه لم يخاطبنا ولا خاطب الشعب السوري في هذه المناطق الواسعة من الجغرافيا السورية أحد، وترك الجميع للمجهول والبعثرة، ليفهموا ما حدث بالصدفة وبالتناقل.”
وفي منتصف القرن الماضي انطلق إرسال التلفزيون العربي السوري السبت 23 يوليو 1960، من قمة جبل قاسيون في دمشق، وذلك في زمن الجمهورية العربية المتحدة التي وحدت سوريا ومصر في جمهورية واحدة، بناءً على القرار الجمهوري رقم 717 في الخامس من مايو 1959، القاضي بإحداث المديرية العامة لهيئة الإذاعة والتلفزيون، وهو اليوم نفسه الذي انطلق فيه إرسال التلفزيون المصري في ذكرى قيام الثورة المصرية ضد الملكية.
ومنذ عام 2011 تغير المشهد مع اندلاع الحرب السورية، وانخراط كل القنوات في حرب إعلامية للرد على جميع الانتقادات الموجهة إلى نظام الأسد، وبعد 13 عاما تحول المشهد تماما على تلفزيون سوريا ليبث إعلان الفصائل سقوط النظام السوري، أمام خلفية باللون الأحمر.