أكد مختصون أهمية الإصلاح الإداري في الصحف المصرية، مشددين على ضرورة تحسين بيئة العمل وتعزيز الحرية والمهنية. وذلك في جلسة خاصة على هامش المؤتمر العام السادس التي عقدت صباح الأحد، حيث تم التباحث حول سُبل تطوير المؤسسات الصحفية.
أدارت الجلسة، الكاتبة الصحفية أمينة النقاش، والتي أكدت أهمية الوصول إلى حلول عاجلة واستراتيجية للأزمات كافة التي تعاني منها المهنة، وفي مقدمتها إلغاء الوضع الاحتكاري للسلطة في الوسط الإعلامي والصحفي.
المثلث الذهبي لإصلاح الصحافة
وفي كلمته، قال الكاتب الصحفي محمد الشافعي إن "أي إصلاح، لن يتم دون إقرار المثلث الذهبي للإصلاح القائم على الحرية والمهنية وتحسين المحتوى".
على هامش المؤتمر السادس.. مختصون يقدمون روشتة لإصلاح الصحافة
كما دعا سامح محروس، عضو الهيئة الوطنية للصحافة، إلى حوكمة الإدارة في المؤسسات، خاصة القومية، لأنها تشكل الركيزة الأساسية لصناعة الصحافة، مؤكدًا أهمية دعم ورق الصحف. واعترف أكرم القصاص، رئيس مجلس إدارة مؤسسة "اليوم السابع"، بوجود خسائر مرعبة للصحف الورقية بسبب صناع المحتوى الذين سبقوا الصحف الورقية في الرقمنة والديجيتال.
ودعت الكاتبة الصحفية، منى عزت، إلى إعادة إصلاح المنظومة الصحفية والاعلامية، كلها لانقاذ المهنة، مؤكدة أن الصحافة قد تتعرض لانقراض في ظل الضغوط الكبيرة على الصحفيين وعدم مواجهة الأزمات.
الإصلاح الإداري والمناخ السياسي
واعترف الكاتب الصحفي والنقابي هشام فؤاد بالتحديات العديدة التي تواجه محاولات انتشال المؤسسات الصحفية من عثرتها ووقف تدهور بيئة العمل الصحفي، بجوانبها المالية والإدارية والتحريرية. غير أن جوهر -كما يقول فؤاد- مسألة الإصلاح الإداري، إذا كنا جادين في تحقيقه، وهو لا يعود فقط إلى كفاءة المسؤولين، بل إلى المناخ السياسي.
وأشار إلى تغليب الكود والسياسة التحريرية على القواعد المهنية، وإجبار الصحفيين على التوقيع على تعهدات بعدم نشر ما يخالف توجهات المؤسسة على صفحاتهم الشخصية، فعلى مستوى الجانب الإداري لبيئة العمل، تتأثر الصحافة بالسياق العام وطبيعة السياسات الاقتصادية المتبعة.
ودعا "فؤاد" إلى إصلاح سياسي شامل يؤدي إلى خلق بيئة ومجال عام حر يسهم في تعزيز حرية الصحافة، والنهوض الشامل بأحوال الصحافة المصرية، وإسقاط جميع القيود التي تحد من حريتها وقدرتها على تحمل مسؤولياتها الوطنية والمهنية. وأكد ضرورة ضمان حرية الصحافة وتوفير متطلبات نهوضها، وهو المقدمة الضرورية لبناء ديمقراطي يتمتع بالمصداقية ويعزز استقلال الوطن ونهضته.
حرية الصحافة مكمن إبداعها
كما شدد على أهمية إقرار قانون يمنع العقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر والإعلانات، وتبني مشروع كامل لحرية تداول المعلومات يعزز من الشفافية، فالنافذة المفتوحة على المعلومات تعتبر حقًا من حقوق المواطنين، ويجب أن تكون القوانين مستندة إلى تعزيز هذا الحق، وليس تقييده. ودعا إلى تقديم دعم حكومي للمؤسسات القومية لتصفير مشاكلها المالية، وتعديل قانون الأحزاب لعودة الدعم الحكومي للأحزاب وصحفها.
كيف نصلح الصحافة في مصر؟
وأكد "فؤاد" على أهمية العودة لنظام العضو المنتدب في مجالس إدارات الصحف القومية إلى حين الاتفاق على صيغة نهائية لملكية المؤسسات الصحفية القومية تواكب المتغيرات الجارية في مفهوم الملكية الاجتماعية للصحافة، وتضمن الاستقلال الحقيقي لهذه المؤسسات، مع حظر تولي المناصب القيادية بالمؤسسات القومية بعد سن الستين، وتحديد مدة رئاسة تحرير صحف المؤسسات القومية بأربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة على الأكثر في حالة نجاحه في تطوير الأداء المهني للصحيفة.
وشدد على أهمية تفعيل ميثاق الشرف في حالة انتهاك الحقوق الخاصة بالصحفي من جانب رؤساء التحرير بالصحف القومية والحزبية والخاصة، ومطالبة الهيئة الوطنية للصحافة القائم على شؤون الصحافة باحترام ومراعاة المعايير المهنية في اختيار رؤساء التحرير ورؤساء مجالس الإدارات، والاستناد على مواصفات الامتياز المهني والمصداقية العامة بين جموع الصحفيين، تمهيدًا لوضع نظام جديد يكفل مشاركة الصحفيين أنفسهم في اختيار قيادتهم.
البدل والحد الأدنى للأجور وفصل الصحفيين
ودعا فؤاد كذلك إلى الضغط على المؤسسات لتطبيق قرار الحد الأدنى للأجور، باعتباره حدًا أدنى للأجر وليس الدخل، ووقف الاستقطاعات من البدل في المؤسسات القومية، والمد للصحفيين تلقائيًا حتى سن الخامسة والستين، وحظر تولي المناصب القيادية بعد الستين، والتدخل قانونيًا ونقابيًا ضد أصحاب الصحف ورؤساء مجالس الإدارات الذين يبرمون عقود إذعان مع محرريها، وتشكيل لجنة مشتركة من المجلس ونشطاء النقابة لمتابعة هذا الموضوع.
وأكد ضرورة التصدي الفعال لظاهرة فصل الصحفيين وتطبيق قانون النقابة بفاعلية والعقوبات الواردة به، ومخاطبة وزارة العمل لعدم البدء في التعاطي مع إجراءات فصل الصحفي قبل إخطار النقابة وقيامها بمحاولة للتوفيق تطبيقا للقانون، ودعوة إدارات الصحف إلى تضييق الفوارق الضخمة غير المبررة في توزيع موارد المؤسسة المخصصة لأجور والكفاءات على جميع العاملين.
لجان نقابية بالمؤسسات لحماية الصحفيين
واقترح فؤاد تشكيل لجان نقابية بالمؤسسات تابعة للنقابة، خصوصًا بعدما كشف استبيان النقابة عن وجود مشكلة حقيقية في علاقات العمل بالوسط الصحفي، بدليل أن نحو 70% من الذين تعرضوا للفصل التعسفي لم تنجح جهود إعادتهم للعمل مما يستلزم تدخلًا تشريعيًا يلزم أصحاب الأعمال باحترام حقوق العاملين لديهم.
وشدد على أهمية المطالبة بالزيادة الدورية للبدل، مؤكدًا أن مطالب زيادة البدل لا يجب أن تشغلنا أبدًا عن بحث سبل إصلاح الأوضاع الاقتصادية، وزيادة الأجور ضمن حملة من أجل أجر عادل للصحفيين، التي أطلقتها النقابة.
ودعا إلى الاشتباك مع مشروع قانون العمل الجديد وتبني الرؤية النقدية التي أعدتها لجنة الحريات والتشريعات للمؤتمر العام السادس لمشروع الحكومة والتي تشتبك مع قضايا الأجور والفصل والعمل المؤقت ومواجهة التحرش الجنسي.
تعزيز الحرية
وفي سياق متصل، دعا صحفيون ونقابيون إلى تعزيز الحرية، ورفع سقف التناول، بما يخدم قيم الصحافة ووظيفتها في المجتمع.
جاء ذلك في جلسة المحتوى الصحفي المأمول بين الحرية والمسئولية، والتي عقدت على هامش المؤتمر السادس للنقابة ظهر اليوم.
وفي كلمته، أكد الكاتب الصحفي الكبير عبد الله السناوي، أن الحرية هي أساس العمل الصحفي، مشددًا على أنه لا يوجد صحافة بلا حرية، سواء حرية الإصدار أو التناول أو التنافس بما يؤدي إلى منح الجمهور حقه في المعرفة.
وأضاف أنه لازالت مطالب حرية الصحافة كما هي منذ سنوات بمصر، مشيرًا إلى أن مؤتمرات الصحفيين الخمسة السابقة، تضمنت نفس المطلب دون استجابة.
وأشار السناوي إلى أن الصحافة في مرحلة تحول من وجودها في ظل قيم ومدارس، إلى أوضاع سائلة من أجل الجرى وراء الترند.
سيولة صحفية
من جانبه، أوضح علاء الغطريفي رئيس تحرير صحيفة المصري اليوم، أن هناك سباق في تلبية الطلب على الإخبار بالإضافة إلى إحكام القصص الخبرية المقدمة وتعميقها، مشيرًا إلى أنه لا يوجد وسيلة صحفية تستطيع أن تعطي ظهرها لمن يطلبه الناس من خدمات.
وأشار إلى الناس في حاجة إلى التفسير كل لحظة لما يحدث حولها من أخبار وهو ما يلقي بأعباء ومهام متلاحقة على الصحافة والصحفيين.
ولفت الغطريفي الانتباه إلى أنه حدثت في مصر سيولة صحفية بعد ثورة 25 يناير 2011، مع غياب المعيارية، وهو ما ألقى بظلاله على مساحات الصحافة في الفترات اللاحقة.
وافتتحت نقابة الصحفيين مؤتمرها العام السادس في حضور أكثر من 5 نقباء سابقين، حيث أكد النقيب خالد البلشي ضرورة تطوير مهارات الصحفيين وتحسين بيئة العمل. كما تمت مناقشة التحديات الاقتصادية والمهنية للصحافة، مع التأكيد على أهمية حرية التعبير.