أعزّي وطني ونفسي ورفاق الدرب بمفارقة المناضل ناجي سالم بريك
أكتب بصعوبة لأني أحمل وجعي مع ضجيج الذكريات التي يتعالى صوتها ويتدفق صداها في ذهني .. ومع الحزن العميق الذي لم يسمح لمفرداتي أن تنطلق بأريحيّة بسبب تصادمها مع عبراتي المخنوقة لوفاة رفيق العمر المناضل الوطني الصلب طيب الذكر والمعشر المرحوم ( ناجي سالم بريك)
نعم هكذا كان حالي حين وصلني خبر وفاة رفيق العمر المناضل الطاهر الأصيل الفقيد ( ناجي ) …
لقد رافقتنا ورفاقه محطات تاريخيّة وذكريات نضالية حافلة ببصمات الرفيق المتدفق وطنية وتواضعاً وشموخاً .. .. .
رفيقنا
هيهات ننساه والكل كان يلمس ديناميكيته المتأصلة فيه وتوقد عشقه الوطني والحزبي ..لا تراه إلاّ مبتسماً متفائلاً وعدواً لذوذاً لكل نوع من أنواع التصحّر الوطني والأخلاقي فيي كل المحطات الوطنية والخضّات السياسية .. وفي مسيرة حياته كان نموذجاً في صلابة مواقفه متأبطاً هموم وطنه قبل حزبه يصارع الرياح العاتية حيثما حلّ وظل جاعلاً بيته المتواضع في المنصورة دربَ عبور لرفاقه وعقد الإجتماعات فيه وحل المشكلات مرحباً مع أمه المثالية رحمة الله عليها وأخويه قحطان وعبدالناصر بإيواء واستضافة المحتاج من الرفاق..
..
كان مثالاً للمناضل الديناميكي الإيجابي الملتزم بكل القرارات مشاركاً فعالاً في الإجتماعات ويدوّن ويجمع ويوثّق كل ما يتعلق (بحزب الطليعة الشعبية والوطن )….يتحرك كخلية نحل
هنا وهناك متجاهلاً كل المنغصات …
وهناك الكثير من الذكريات المكتظة العالقة في تلابيب ذاكرتي.. ولا أغالي لو قلت انه لم يعد للعمر قوة احتمال لمثل هذا الفراق وسماع مغادرة دنيانا لهذا أو ذاك ممن شاطرونا الحياة بحلوها ومُرها وقاسمونا هموم الوطن وأحلامه ..
وكم أتذكر تعليقات الفقيد الإنفراجية المريحة حين تشتدّ الأعصاب ويحتدّ النقاش والتي كانت تنزل علينا برداً وسلاماً و تفرض علينا استرخاء الأعصاب ونعتبرها بلسماً سريع المفعول .. وحين نقلق عليه أحياناً من بعض التكليفات الحساسة كان يقابلها بهمة عالية تتحدّى المخاوف وترفض الركود والتذبذب .. وأما المطابخ السياسية فكانت لا تجد عنده إلاّ الرفض والمقاومة المحصّنة في كل محطات حياته.
من هنا كسب حب واعتزاز كل رفاقه وكل من يعرفه من جيرانه ومُحبيه … وقد كنا نعتبره في التزاماته الحزبية مضيئاً وضّاء لا يبالي بالعراقيل ولا تجد عنده أي مساحة من التردد في تنفيذ التوجيهات ..
لقد شارك رحمة الله عليه في كل الفعاليات (لحزب البعث العربي الإشتراكي )ثم لعب دورا فعالاً في فك الإرتباط من البعث إلى الإنتقال إلى (حزب الطليعة الشعبية) قبل وحدة الفصائل الوطنية الثلاث الجبهة القومية وحزب الشعب الإشتراكي وحزب الطليعة الشعبيةفي التنظيم السياسي الموحد والذي لم يرَ النور إلاّ بعد مخاض متعسر جداً ) لتنتقل التجربة إلى الحلم الأكبر وهو ميلاد (الحزب الإشتراكي ) .. وكان الفقيد ناجي في ظل كل هذه المعاناة مثالاً للوطني الغيور المدمن عشقاً لأرضه ووطنه واستطاع بسبب صدقه في القول والفعل والتواضع والتواصل الإجتماعي المتنوع أن يخلق شبكة من العلاقات الطيبة المميّزة مع كل الرفاق في حزبه وفي الحركة الوطنية وكل من يعرفه حيث ساعده ذلك في تجنّيد كل طاقاته في التمكن من نسج نسائم اللحمة في صفوف حزبه وخارجه وفي كل مشاركاته الوطنية ..
نعم هكذا كان الفقيد نموذجاً شفافاً لا يتقن حبك المؤامرات ولا المراوغة لأنه كان أسيراً للقيم والمبادئ وظل محصناً إلى أن فارق الحياة نقياً عفيف النفس يصارع المرض والحاجة بصمت ..وكما وصفه الرفيق المناضل رأئع النقاء والصيت ودماثة الأخلاق الرفيق ( احمد قائد الصايدي )بقوله( فارس غيّيبتهُ الحياة قبل أنْ يغيبهُ الموت).
الكل يدرك ويتذكر كيف كان يصول ويجول كأحد قادة العمل السياسي في الوطن وساهم مع رفاقه المناضلين الذين كانوا يتمتعون بالصلابة النوعية والإرادة القوية سواء في اتحاد الشعب أوالجبهة القومية أوحزب الطليعة الشعبية ساهموا في تحقيق آمالهم بغدٍ أفضل ووطن أجمل …لكن وللأسف أصبح هذا الحلم وهذه التضحيات أثراً بعد عين ..وتلاشت واضمحلت تلك الطموحات لنغرق اليوم بالتمزق والكوارث والمآسي والمواجع …
ولن أتوه في معمعة كل هذه الذكريات المؤلمة التي تمزق القلب حتى لا أنسى ان ما هو جدير بالذكر أن الفقيد ناجي مع المناضل الفذ الوطني والإعلامي والنموذجي الغني عن التعريف (زكي بركات )رحمة الله عليهما لعبا دوراً فعالاًمبكراً في الإعلام والصحافة وفي قيادة صحيفةالثوري..
نسأل الله الرحمة لفقيدنا مع صادق العزاء لزوجته وبناته وإخوته نور وقحطان والدكتور عبدالناصر وكل رفاقه ومُحبيه وشرفاء الوطن …
( أنيس حسن يحي / أبو باسل )