آخر تحديث :السبت - 23 نوفمبر 2024 - 04:52 م

تحقيقات وحوارات


مسيرة وزير حمل حقيبتي الصحة والخارجية في دولة الجنوب وتفاصيل مهمة عنها في حديث ل" عدن تايم"

الأحد - 22 أبريل 2018 - 06:17 م بتوقيت عدن

مسيرة وزير حمل حقيبتي الصحة والخارجية في دولة الجنوب وتفاصيل مهمة عنها في حديث ل" عدن تايم"

حاوره / عيدروس باحشوان 

الدكتور عبدالعزيز الدالي : دخلت الحكومة طبيبا ووزيرا للصحة وغادرتها وزيرا للخارجية

هذا هو السبب في ضعف الخدمات الصحية العامة

الاستثمار في القطاع الصحي يستدعي بيئة نظيفة

الطيران العسكري في الجنوب اسهاماته كبيرة ومنها انقاذ امهات متعسرات الولادة في الريف

المعايير في تعيينات السلك الدبلوماسي كانت تخضع للأقدمية والخبرة والتخصص الجامعي

إتفاقية المبادئ مع سلطنة عمان فتحت الطريق نحو بقية الشقيقات

لم يكن للإتحاد السوفييتي السابق دورا في رسم سياستنا الخارجية أو أي تدخل

سلق الوحدة وذهاب المسئولين جميعا إلى فنادق صنعاء  محطة لا تبارح مخيلتي

اليمن تعيش الآن نتاج ومحصلة 33 عاما من الحكم الفردي

أتوقع نجاح مهمة غريفيت وأن يكون آخر المبعوثين الأمميين لتحقيق السلام والحل


الدكتور عبدالعزيز الدالي احد وزراء دولة الجنوب الذي حمل حقيبتين في فترات طويلة مختلفة بدءا بوزارة الصحة ثم ختمها بوزارة الخارجية حتى عام 1990 .. وغادر المشهد الحكومي بهدوء.
الدكتور الدالي اليوم شاهد على عصر -كان أحد رجاله الاوفياء-تحولات ومنجزات.. له يد بيضاء اكان في الصحة او الخارجية .

" عدن تايم" اخرجت الطبيب والدبلوماسي الدالي عن صمته للحديث عن حقبة يجهلها جيل بل اكثر من جيل .. وهذا خلاصة مادار معه .

حاوره / عيدروس باحشوان 

عينت وزير للصحة دون إشعار سابق

* قبل دخولك الحكومة في الجنوب .. اي موقع كنت تشغله قبل ذلك ؟

 - بدأت حياتي العملية طبيب أسنان في مستشفى الملكة إليزابيث حينذاك ثم مدير المستشفى الذي تغير تسميته إلى مستشفى الجمهورية ، بعد مغادرة معظم الكادر الطبي الأجنبي عند الإستقلال.
كلفت فيما بعد بتحمل مسئولية وكيل وزارة الصحة ، ومنها تكليفي بمهام وزير الصحة أثناء تواجدي في برلين على رأس وفد جمعية الصداقة مع الشعوب . وقد فوجئت حينذاك بهذا التكليف دون سابق إشعار .

تراجع الخدمات هذا هو سببه

* حال الصحة لا يسر .. في تقديرك كطبيب ووزير سابق لماذا تراجع مستوى الخدمات الطبية الحكومية .
- هناك عدة أسباب للضعف الذي أصاب الخدمات الصحية العامة وهي في تقديري بعيدة كل البعد عن المسئولين الذين تولوا على الخدمات الصحية . المشكلة تكمن في السياسة التي خطتها الحكومات المتعاقبة في الفترة ما بعد الوحدة . واضح ما قبل الوحدة السياسة الصحية كانت نابعة من المبدأ القائل " الخدمات الصحية واجب مجاني تقدمه الحكومة للمواطنين صغيرهم وكبيرهم في الداخل والخارج في المدينة والريف " وعلى هذا الأساس تم إعتماد الموازنة التي تستجيب لهذا المبدأ والإدارة والكادر والنظام المستجيب لهذا المبدأ أيضا . فالخدمات الصحية العامة كانت تتمتع بالأولوية على غيرها من الخدمات الصحية كالخاصة مثلا . وقد تعثر هذا المبدأ بعد الوحدة وما تبعه من إجراءات وهذا هو السبب في تقديري لضعف الخدمات الصحية العامة.

أبرز نجاحات الصحة

* ماهي ابرز النجاحات التي تشعر انك كنت وراء تحقيقها في قطاع الصحة ؟ 
-  إنيً أعتز بمساهمتي المتواضعة مع زملائي في وزارة الصحة في الدعوة لإنشاء كلية الطب والعمل فيما بعد إقرار المقترح من القيادة السياسية  وتم تنفيذ مشروع إنشاء الكلية بنجاح بالتعاون مع جمهورية كوبا الإشتراكية ومنظمة الصحة العالمية وكادرنا الطبي الوطني . وأيضا في نشرالخدمات الصحية الأولية إلى الريف الذي كان محروما منها وذلك بتأهيل وإعداد الشباب والفتيات  من الريف  ليعودوا لتقديم ما لديهم من خبرة لمواطنيهم وقد ساهم في ذلك ، الرقي بمدرسة التمريض إلى معهد الأيدي العاملة الصحية ( معهد د. أمين ناشر ) لتأهيل وتدريب التخصصات الوسطية المختلفة لكافة أنشطة الخدمات الصحية من التمريض إلى القابلة الصحية وفني مختبر وفني صيدلة والمساعد الصحي ... إلخ

*يتذكر الناس ان علاجهم في فترة ما قبل الوحدة كان ميسورا داخليا وخارجيا . في تقديرك لماذا ؟

-من وجهة نظري الموضوع له علاقة بالسياسة الصحية المتبعة والإمكانيات المتاحة لوزارة الصحة وتوفر التأمين الصحي من عدمه وقد أوضحت في ردي السابق بعض جوانب هذه الإشكالية،

الإستثمار الصحيح يبدأ من تصحيح البيئة.

* الاستثمار في قطاع الخدمات الصحية اصبح وبالا اكثر ماهو مفيدا مع ان الاستثمار في بلدان عدة ناجعا . لماذا ؟

- الإستثمار في قطاع الخدمات الصحية حتى يكون مفيدا وذات مردود إيجابي يعتمد في الأساس على وجود بيئة صحية بالمقابل . وحتى يأتي الإستثمار في هذا المجال بمردود ما لا بد من مراعاة القاعدة "Cost Benefit"  " . فإذا كانت البيئة جيدة وصحية فإن المردود يكون مفيدا وذات مردود إيجابي وأما إذا كانت البيئة سيئة فإن المردود لأي إستثمار يكون مخيبا للآمال .لهذا فإن الإستثمار الصحيح يبدأ من تصحيح البيئة.

قصة أم شقت بطنها لاخراج جنينها وانقذتها هيلوكبتر

* ماذا تتذكر من مواقف خلال عملك في وزارة الصحة تراودك بين حين وآخر؟

 - أتذكر الخدمات الإنسانية الرائدة التي كان يقدمهامستشفى الجمهوريةوكادره الطبي والتمريضي  للمواطنين القادمين من محافظات الجنوب ومحافظات الشمال بدون تمييز أو إستثناء وبكل نجاح .
وأتذكر خدمات إسعاف المتعسرات من الأمهات الحوامل في 
المناطق النائية الجبلية والصحراوية بواسطة طائرات الهيلوكوبتر العسكرية من وزارة الدفاع . وإحدى هذه الحالات من صحراء ثمود فقد تعسر عليها الوضع فشقت خاصرتها بالموس لإخراج الجنين وتم إنقاذها وجنينها إلى مستشفى الجمهورية بطائرة هليوكوبتر عسكرية ، وأكثر هذه الحالات من جبال يافع . وقد تحطمت لنا إحدى الطائرات أثناء عمليات الإسعاف . 
أتذكر نجاحنا في إفتتاح أول كلية طب في جنوب الجزيرة العربية في عام ١٩٧٥ بالرغم من شحة الإمكانيات .
أتذكر نجاحنا في إحتواء وباء الكوليرا والقضاء عليه في مدينة عدن خلال شهر واحد وعدم إنتشاره في بقية المحافظات ، وبدون خبرة سابقة في عام ١٩٧٣.

الدالي وزيرا للخارجية وعلي ناصر رشحني لها

* نعرج الى وزارة الخارجية  .. وكنت وزيرا فيها من رشحك الى هذا الموقع الهام ؟

- تم إقرار ترشحي إلى موقع وزير الخارجية من قبل المكتب السياسي واللجنة المركزية للحزب الإشتراكي اليمني بإقتراح من الأمين العام للحزب الأخ الرئيس علي ناصر محمد حينذاك .

خلفت سالم صالح في الخارجية

* خلفت من في وزارة الخارجية عند تعيينك ؟

- تحملت العمل السياسي والدبلوماسي كوزير للخارجية خلفا للأخ العزيز سالم صالح محمد في بداية عام ١٩٨٢.

*هل كان للحزب هيمنة على الوزارة او اقتصر على ما يضعه من خطوط عامة للسياسة الخارجية في برنامجه السياسي؟

-لم يمارس الحزب الهيمنة على وزارة الخارجية حسب التصور ، بل كانت العلاقة تتم في إطار التشاور وتبادل الآراء أحيانا حول تنفيذ برنامج الحزب حول السياسة الخارجية .

معايير التعيين في السلك الدبلوماسي

*ماهي المعايير التي اتبعتموها في التعيينات للسلك الدبلوماسي وهل للمناطقية مكانا فيها ؟

- المعايير في تعيينات السلك الدبلوماسي كانت تخضع للأقدمية والخبرة والتخصص الجامعي في مجال العلاقات الدولية والأداء الإداري المتميز الى جانب الملحقيات الأخرى في السفارات في الخارج كالتربية والتعليم والثقافة ووزارة الدفاع . أما التعيينات في درجات السفراء يشترط موافقة القيادة السياسية ممثلة بالمكتب السياسي عليها . 
لم تكن للمناطقية مكانا في تعيينات وزارة الخارجية ولكننا كنّا حريصين على أن تمثل كل المحافظات في الوزارة كوزارة سيادية تمثل الوطن كله.

* هل لك ان تتذكر حجم الطاقم الدبلوماسي في السفارات التابعة للدولة الجنوبية ؟

- في تقديري كان حجم الطاقم الدبلوماسي والقنصلي في سفاراتنا الموزعة في العالم لا يقل عن مائة وعشرين دبلوماسيا ما عدا الوظائف الإدارية وهذا رقم تقريبي في الخمسة والعشرين سفارة وقنصلية

لا هيمنة للسوفيت على السياسة الخارجية للجنوب

* هل كان للاتحاد السوفيتي السابق يدا في رسم السياسة الخارجية للدولة الجنوبية او تدخل مباشر في رسم العلاقات مع الدول او ممانعة لبلدان معينة .. كدول الجوار مثلا ؟

- لم يكن للإتحاد السوفييتي السابق دورا في رسم سياستنا الخارجية أو أي تدخل من أي نوع في توجيه علاقاتنا الخارجية مع الدول الأخرى وبالذات مع دول الجوار ، بل العكس من ذلك ، فقد لاحظت رغبته في أن تتحسن علاقات الدولة الجنوبية مع الجوار من منظور إزالة التوتر وإشاعة أجواء الإستقرار في المنطقة

*متى كان آخر يوم لك في وزارة الخارجية وماذا تتذكر من مواقف مهمة او محطات لا تبارح مخيلتك ؟

اليوم الأخير في وزارة الخارجية في مدينة الشعب هو يوم أنتقل كل المسئولين إلى صنعاء تطبيقا لإتفاقية " الوحدة الاندماجية " . 
وبالفعل الطريقة التي تمت بها سلق الوحدة وذهاب المسئولين جميعا إلى فنادق صنعاء هي محطة لا تبارح مخيلتي .
وأعتقد ما أنجزناه عند تحملي مسئولية وزارة الخارجية بالتوقيع على إتفاقية المبادئ مع سلطنة عمان الشقيقة مع معالي يوسف العلوي وزير الدولة للشئون الخارجية في عاصمة الكويت عام ١٩٧٣ ، والتي فتحت آفاقا جديدة لتحسين العلاقات مع الشقيقات دول الخليج وكانت محطة مهمة  أذكرها دوما .

الحل للوضع في اليمن لن يكون إلا " سلميا"

*لو سالتك في خاتمة الحوار كيف يرى السياسي الدكتور عبدالعزيز الدالي الوضع في اليمن واقرب سيناريو لحلحلته وهل مارتن غريفيت سيكون آخر المبعوثين وعلى يده الحل ؟

- ببساطة الوضع في اليمن كارثي ومأساوي قياسا إلى معاناة الإنسان في هذه البقعة من الأرض ، واليمن تعيش الآن نتاج ومحصلة الثلاثة والثلاثين عاما من الحكم الفردي والحروب الأهلية الداخلية والهرولة إلى الوحدة الإندماجية بدون شروط أو دراسة مسبقة ، تبع ذلك الحرب الظالمة على الجنوب في 1994م وكذا غزو الجنوب في عام 2015م . 
اليمن تعيش الآن حالة حرب ونزيف لا يتوقف وطالما أقر الجميع بأن الحل للوضع في اليمن لن يكون إلا " سلميا " فلماذا الإستمرار في الحرب ؟ 
على الحرب أن تتوقف وأن تتوجه الأطراف المعنية إلى طاولة الحل السلمي بما فيه تقرير المصير للجنوب . وإتاحة الفرصة للمبعوث الأممي الجديد لتأدية مهمته الأممية المكلف بها من مجلس الأمن .
 لم يأتِ مارتن جريفيث بحل جاهز كما هو معلن وإنما حبذ الإلتقاء بكل الأطراف جميعا للخروج برؤية شاملة للحل ، وعليه فإني أتوقع نجاح مهمته وأن يكون آخر المبعوثين الأمميين إلى اليمن لتحقيق السلام والحل .

أتخذت من الكتاب صديقا

*كيف تقضي يومك وانت خارج اي عمل حكومي .. وهل فكرت بكتابة مذكراتك؟

-لا أعتبر العمل الحكومي هو الخيار الوحيد أو الأمثل للعمل . بعد التفكير المتأني قررت العودة إلى مهنتي الأصلية " طبيب أسنان " ، وبالفعل فقد بدأت أمارسها من جديد وبعد غياب طويل . وإلى جانب ذلك أتخذت من الكتاب صديقا لي أتصفح جنباته وأغذي الفكر بما جادت به صفحاته كل ما سنحت لي الفرصة بذلك.