آخر تحديث :السبت - 23 نوفمبر 2024 - 04:57 م

تحقيقات وحوارات


صندوق الرعاية الاجتماعية في عدن .. فساد ومحسوبية وازدواجية معطلة

الجمعة - 14 ديسمبر 2018 - 05:42 م بتوقيت عدن

صندوق الرعاية الاجتماعية في عدن .. فساد ومحسوبية وازدواجية معطلة

عدن / محمد ياسين

تجار وملاك عقارات في قائمة المستفيدين .. ولا عزاء للفقراء !

وزيرة الشؤون الاجتماعية توقف حال مكتب عدن بقرار غير مدروس



تشكل الرعاية الاجتماعية إحدى حلقات ومكونات حقوق الإنسان المهمة ، كما تعد من أبرز المسؤوليات المناطة بالحكومة، ومن خلالها يتم تقديم العون للأفراد والأسر الأشد فقرا في المجتمع ؛
غير أن تلك الأهداف المعلنة والمفترضة لصندوق (لرعاية الاجتماعية ) لا تتوافق مع ما هو حاصل على أرض الواقع ، بعد أن أصبحت الرعاية الاجتماعية بابا مفتوحا للمجاملات والعطايا المفضوحة من قبل بعض الجهات الرسمية ، ولمصلحة أشخاص لا تنطبق عليهم شروط الحصول عليها .

ولعل ما يؤكد وجود الخلل في عمل الجهات المختصة بالرعاية الاجتماعية، إصرار تلك الجهات على التعامل مع ملف الفئات المستهدفة بسرية تامة، وغياب الشفافية في هذا الجانب كما تؤكد الكثير من الشواهد والأدلة .
وبحسب عدد من منظمات المجتمع المدني التي حاولت المساعدة في موضوع الرعاية الاجتماعية من خلال التحري أولا عن الحقائق بمعرفة تفاصيل الحالات المستحقة لدعم الجهات الحكومية والمنظمات الدولية، وتلك الحاصلة على بطاقة الرعاية، فإن هذا الأمر يبدو وكأنه من قائمة الممنوعات المحظور الاطلاع عليها ناهيك عن محاولة تناولها !.
وقالت جهات حقوقية تعاملت مع هذا الملف إنها وجدت صعوبات كبيرة في الاطلاع على كشوفات تخص المستفيدين من الرعاية في مديريات العاصمة المؤقتة عدن ومحافظات أخرى، في الوقت الذي كان ممثلوها يعتقدون أنهم سيجدون الأسماء معلقة في لوائح إعلانات بارزة في مكاتب الرعاية الاجتماعية في المحافظة وفي المديريات .
وطالبت تلك المنظمات بشراكة فاعلة بين السلطة المحلية والمجتمع المدني في هذا الجانب، مؤكدة أن التحديد الدقيق للحالات المستحقة يعد من الأولويات المهمة في هذا الجانب .

خلل في النظام والمنظومة !

الخلل الواضح في منظومة الرعاية الاجتماعية على مستوى المحافظة عدن والمديريات ترافقه فوضى في رأس الهرم القيادي والتنفيذي، سواء كان ذلك على مستوى الوزارة المعنية، أو لدى الصندوق في المحافظة فصندوق الرعاية الاجتماعية في محافظة عدن يعيش وضعا مأساويا بفعل ازدواجية القرار وتخبطه، خصوصا منذ اندلاع الحرب، حيث غادر المدير الأسبق للصندوق إلى الرياض، ليتم تعويضه بالدكتور عصام المقبلي الذي عينه اللواء عيدروس الزبيدي حين كان محافظا لعدن .
ونجح الدكتور المقبلي في إنعاش العمل في الصندوق على كل الأصعدة تقريبا، وشهدت الفترة التي تولى خلالها مهام إدارة الصندوق استقرارا إداريا وماليا وانتظاما في دفع رواتب الموظفين والحوافز التشجعية والحوافز والموازنة التشغيلية، لكن فترة الانتعاش انتهت بقرار من وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ابتهاج الكمال التي كلفت شابا صغيرا للقيام بالأعمال بدلا عن الدكتور المقبلي وسط استياء من قيادة المحافظة وعدد من وكلائها بسبب السن الصغيرة للمدير المكلف، وعدم العودة إلى قيادة المحافظة عند اتخاذ القرار .
وحاول بعض وكلاء المحافظة إثناء الوزيرة عن قرار التكليف والإبقاء على الدكتور المقبلي لمصلحة العمل، إلا أن ذلك لم يؤت ثماره، ولم تنجح المساعي في إقناع الوزيرة بالضرر الذي سيعود به قرارها على العمل .

بداية الفوضى!!

في واقع الأمر كان القرار غير المدروس الذي اتخذته (الكمال) بمثابة ضوء اخضر للفوضى التي قادت الصندوق إلى حالة الفشل التي يمر بها الآن ، حيث قوبل قرارها بالرفض المبطن والمعلن من طرف طاقم العمل الذين فضّل كثير منهم البقاء في المنازل، فيما تم تجميد أموال الصندوق ، وكذلك الإيرادات، من قبل قيادات في المحافظة وبقي الموظفون بلا حوافز .
كما أن الكثير من المعاملات المالية للصندوق تعطلت بفعل عدم اعتماد توقيعات المدير المكلف من قبل الوزيرة ابتهاج الكمال .
ولعب الوضع المتردي للصندوق دورا في بروز مطالبات قوية في صفوف العمال والموظفين من أجل عودة الدكتور المقبلي إلى إدارة الصندوق، لإنهاء الحالة السيئة لهذا المرفق المهم بالنسبة لكثير من الأسر الفقيرة والمحتاجة والتي ليس لديها مصادر أخرى للدخل غير ما تحصل عليه من الصندوق، إلا أن مطالباتهم تلك وجدت رفضا من لدن الوزيرة المعنية المصرة على بقاء حال الصندوق على ماهو عليه من خلال المدير المكلف من قبلها والمرفوض من طرف الطاقم الوظيفي وقيادات محلية بالمحافظة .

خلل ( الرعاية ) في المديريات

لم يتوقف زحف الفوضى عند مستوى القرار الوزاري وتداعياته السلبية على الصندوق في المحافظة، بل تزامن مع حالات أخرى مكملة تشهدها المديريات .
وتعد مديرية دار سعد من الحالات الدالة بقوة على خلل العمل في الصندوق ، على مستوى الآليات المتبعة أو الأشخاص المستهدفين .
ويبلغ عدد الحالات المستفيدة من صندوق الرعاية الاجتماعية في مديرية دارسعد( 7500 ) شخصا تم تسجيلهم على دفعات عبر نزولات ميدانية ، كان آخرها في العام الحالي 20108م .

ووفقا للقائمين على الرعاية في المديرية فإن المسجلين هم من الفئات الأشد فقراً والأرامل والمطلقات والمرضى الذين يعانون أمراضا مثل القلب والسكري والشلل والسرطان، بالإضافة إلى فئة المعاقين كلياً وجزئياً.

وكان هؤلاء يتسلمون إعاناتهم من قبل الدولة عبر البريد كل ثلاثة أشهر، قبل أن يتوقف دفع تلك الإعانات في العام 2015م .
واستؤنف الصرف منذ عام بدعم من الأمم المتحدة عبر منظمات وشركات، حيث تم الصرف لثلاث مراحل مدة المرحلة الزمنية ثلاثة أشهر وهناك مرحلة رابعة لم تصرف بعد .

وعلى غرار عمل الرعاية الاجتماعية في المحافظة ، تشهد هذه المديرية كثير من المخالفات والأخطاء الجسيمة، خصوصا في تصنيف المستحقين، إذ أن معظم الحالات يتم صرفها لموظفين ومتقاعدين وملاك عقارات وأصحاب بقالات وتجار على حساب الفئات الحقيقية المستحقة ! .
وتواجه خروقات الباحثين المكلفين بالنزول الميداني للحصر بالرعاية الاجتماعية في مديرية دارسعد بشكاوى المواطنين من الفئات المستحقة والمسلوب حقها ، الذين بحت أصواتهم من المطالبة بإعادة النظر في الآلية المتبعة بما يضمن إعادة تسجيل المستحقين فعلياً بعيداً عن المجاملة والمحاباة والمحسوبية، لتتزامن هذه المطالب مع أخرى ينادي بها متضررون على مستوى المحافظة الذين يأملون من جانبهم أن يحظى صندوق الرعاية الاجتماعية باهتمام الدولة والحكومة من خلال معالجات تخرجه من حالة العجز خدمة للفقراء والمحتاجين ؛ مشددين على ضرورة فض الاشتباك في رأس الهرم القيادي للصندوق من خلال الفصل بين المديرين المعينين من المحافظ والوزارة .