آخر تحديث :السبت - 23 نوفمبر 2024 - 05:25 م

تحقيقات وحوارات


قطاع الصحة في عدن على حافة الإنزلاق

الثلاثاء - 22 يناير 2019 - 10:50 م بتوقيت عدن

قطاع الصحة في عدن على حافة الإنزلاق

عدن تايم / إسلام بن سالم

يعاني القطاع الصحي في العاصمة عدن لمشاكل عدة منذ بدء الحرب التي شنتها مليشيا الحوثي مطلع 2014, حيث ان معظم المستشفيات والمرافق الصحية في عدن باتت توصف بالخاوية على عروشها نظرا للعجز وضعف الامكانيات ونقص في المستلزمات الطبية اللازمة.


وقد اكتسحت العديد من الامراض المعدية والقاتلة محافظة عدن مخلفة حمل وصعوبة للقطاع الصحي وعجز وقصور لتوفير ابسط الامكانيات لمواجهة اي مشاكل او كوارث صحية قد تتعرض لها مدينة عدن ، في ظل الفساد المستشري في معظم دوائر الدولة وإهمال الحكومة.


وتحتل العاصمة عدن بيئة جغرافية رطبة وحساسة تجعلها عرضة للعديد من الامراض والأوبئة المعدية والقاتلة أبرزها( حمى الضنك، والملاريا، الدفتيريا، الكوليرا،وغيرها..)، والتي انتشرت بشكل غير مسبوق في معظم مديريات ومناطق مدينة عدن.


ولم تقف دول التحالف مكتوفة الأيدي للعجز الذي يعانيه القطاع الصحي في عدن بل قامت برفد وتعزيز معظم المستشفيات بالمسلتزمات الطبية اللازمة والاحتياجات الضرورية وعربات الاسعاف، ولكن يظل القطاع الصحي أحد أبرز قطاعات الدولة الذي يحتاج الى رفد مستمر ومتكامل من قبل الدولة دون توقف نظرا لأهميته البالغة في تخفيف معاناة البلاد الصحية والبيئية .


وتكتظ جميع المستفيات الحكومية والخاصة في مدينة عدن بعدد هائل من المرضى المصابين بمختلف الانواع من الامراض التي خلفتها مياه المجاري، وتكدس النفايات، وقلة حملات التحصين ، والظروف العصيبة التي تمر بها عدن بشكل خاص والبلاد بشكل عام.


أهم القضايا والمشاكل التي يواجهها القطاع الصحي في مدينة عدن


- رواتب متدنية:

لا يمكن للكثير من العاملين في القطاع الصحي بمستشفيات العاصمة عدن ، مهما ارتفع معدل مرتباتهم ،أن تكفيهم حتى نهاية الشهر ، خصوصا إذا كان اكثرهم يتقاضى مايمكن وصفه بـ "الحد الأدنى للأجور" ، حيث يتعرضون للإستغلال من قبل المستشفيات الحكومية والخاصة والمستوصفات الطبية .

ويشكو العاملين من تدني رواتبهم، والتي تتزامن مع طول ساعات دوامهم ، والتي تصل أحيانا إلى أكثر من 9 ساعات يوميا ، وهذا يعد مخالفة للقوانين والتشريعات الدولية وحقوق العمل.

"لا اشعر بالإنصاف في عملي " هكذا قالت سمر محمد مساعدة طبيب في إحدى المستشفيات واضافت " منذ أكثر من عامين ولم يتحسن وضعي وانا اتلقى وعود بزيادة الراتب ، وكل تلك الوعود غير واقعية ولم تحدث ، و العمل مضني ويحدث فيه ضغوطات كبيرة "

ونظرا لتدني الرواتب ، فلا يستغرب لجوء اغلب الموظفين للبحث عن وظائف بديلة ، لتدبير مصاريفهم اليومية وذلك لوجود أكثر من سبب يدفعهم لذلك من فواتير الدولة وكذلك الارتفاع التي تشهده المدينة في أسعار السلع بالإضافة غلاء الإيجارات ، مما يقودهم للبحث عن مصادر لتسيير أمورهم .


- ضعف الإمكانيات:


تعاني معظم المستشفيات والمرافق الصحية في مدينة عدن من نقص حاد في المستلزمات الطبية اللازمة والضرورية وابسط المواد التي يحتاجها اي مركز صحي ، والتي تجعله عاجز لإستقبال اي حالات صحية طارئة او مرضية وقد يسوء الأمر الى اغلاق ابواب المستشفى في وجه المرضى لعدم مقدرة المركز الصحي عن تلبية احتياجاتهم الطبية بسبب قلة الميزانية المالية وإلاهمال التي يشهده القطاع الصحي من قبل الحكومة.

ولم يقتصر العجز في الدعم المادي فقط، بل وقد يصل الى نقص في عدد ألاسِرَّة وغرف التمريض، والكراسي المتحركة وغيرها من الاحتياجات الأساسية التي يجب ان توفرها الدولة لاي مركز صحي.


وفي نزول خاص لعدن تايم إلى مستشفى خليفة بن زايد الجراحي كبرى مستشفيات مدينة عدن الواقع وسط مديرية المنصورة، والذي يتوافد اليه المواطنين من معظم محافظات البلاد ، حيث شوهد طوابير من المرضى يجلسون على ممر المستشفى منتظرين توفر سرير او غرفة لأستقبال المريض، وقد شوهد بعض الحالات المنهكة من كبار في السن واطفال وهي تنتظر تقديم ابسط مايمكن ان يتم تقديمه في مستشفى تعتبر من اكبر المستفيات الحكومية في مدينة عدن.

وتحدث الممرض احمد جميل لعدن تايم قائلا ( في بعض الاحيان قد يصل بنا الوضع الى استقبال اكثر من مريض في نفس السرير، وإجبار مرافقين المريض على شراء الادوية والعلاجات من خارج المستشفى من حسابهم الخاص وذلك بسبب عدم قدرة المستشفى على شراء المستلزمات والمواد الطبية اللازمة وتوفيرها لعلاج المرضى).


- فساد مستشري:

يعتبر الفساد من اكبر المشاكل التي تواجه جميع القطاعات الحيوية والهامة في مدينة عدن، حيث اصبح الفساد والاستغلال للمواطن البسيط امام مرأى ومسمع الجميع في اغلب الدوائر والمؤسسات الحكومية بشكل غير مسبوق لم تشهده العاصمة عدن من قبل.

ومعظم المستشفيات والمرافق الصحية الحكومية والخاصة تمارس الفساد بشتى انواعه ،مستغلة غياب القانون والرقابة و المحاسبة من قبل الجهات المعنية.

"غابت الرحمة وقست القلوب" هكذا قال المواطن اصيل علوي لعدن تايم ، وصل الحال الى ان بعض المستشفيات تمارس ابشع انواع الفساد وذلك بعدم قبول اي مريض الا بالدفع المسبق مهما كانت حالته الصحية ، وقد توفى الكثير من المواطنين بسبب عدم مقدرتهم على توفير المبلغ المطلوب في ذلك وقت.

ويعاود اسلوب الوساطات نشاطه في اغلب المستشفيات وذلك عن طريق توظيف اقارب المسؤول في المستشفى، ولن يستطيع اي مواطن ان يعمل لدى اي مرفق صحي الا بتوفير وساطة للعمل.

بالإضافة لذلك، غياب النظافة في اغلب المستشفيات والمرافق الصحية ، وإهمال للإصلاحات الدورية في المستشفى، وعدم تواجد عدد كافي من الاطباء والمناوبين لإستيعاب عدد لا يتجاوز عدد الاصابع من المرضى.

وقال المواطن اكرم سعيد بان هناك بعض المصابين بطلق ناري او جرحى الحرب لن يتم عمل الاشعة الخاصة بكشف موقع الرصاصة الا باشتراط دفع مبلغ وقدره60000 الف ريال، مهما كانت الحالة الصحية للمريض.


- أطباء غير مؤهلين:

عندما ينتظر شخص في إحدى صالات مستشفى (حكومي أو خاص ) أو اي مستوصف طبي ، فإنه يجب ان يضع في الحسبان انه من المحتمل أن يكون الطبيب أو الممرض غير مؤهلاً أو لم يكمل دراسته الجامعية بنجاح .


و العاصمة عدن تشهد انتشارا للأطباء والممرضين غير المؤهلين ، حيث لا تكاد تخلو مستشفى أو مستوصف من أخطاء طبية توصف بالشنيعة، مضيفاً " وهذه ليست الاضرار فقط ، بل ان العلاج لدى الطبيب الغير مؤهل ، يجعل المريض يدفع مالاً أضعاف ما يدفعه لدى الطبيب المؤهل ، بالإضافة إلى ضياع الوقت وتردي الحالة الصحية (في حال كانت الحالة طارئة).


" انتهى الأمر بنزيف دموي حاد " هكذا صرح المواطن علي العامري لعدن تايم قائلا انه ذهب بولده إلى إحدى المستشفيات الحكومية لإجراء الختان، وقد لاحظ من الجراحيين قلة الخبرة والتوتر والتأخير المتعمد، مما انتهى الأمر بنزيف دموي حاد لدى الطفل.


و اكد مصدر خاص في إدارة مركز طبي لعدن تايم "بان اقسام الطوارئ في مستشفيات المحافظة يفترض أن تمتلك أفضل الأطباء والممرضين وذلك للأهمية البالغة لهذا القسم وخطورته ، ومؤكدا ان الطوارئ لا يحظى بأولئك الأطباء المؤهلين مضيفا " هذا خطر كبير على سلامة المريض، فقد يتوفى المريض او يتعرض لمشاكل أخطر في حالة تم علاجه لدى من لا يمتلك الخبرة الكافية، واضاف قائلا " انه يجب تشكيل لجان رقابة وتفتيش من مكتب وزارة الصحة على عموم مستشفيات المحافظة، وانه لا مجال للتأخير عن هذه المهمة، حفاظا على أرواح المواطنين ".


- مدير عام الصحة يتحدث حول الوضع الصحي في عدن:


في لقاء لعدن تايم مع مدير عام مكتب الصحة العامة والسكان جمال خدابخش تحدث قائلا( نعبر عن إستياءنا الشديد لتدهور الوضع الصحي في عدن، والتي تشهده من تفشي للأمراض وضعف الاداء الصحي والوظيفي في المدينة).

واضاف قائلا( بان إدارة الصحة بعدن تبذل كل جهودها للحد من تفشي الامراض، ودعم للمرافق الصحية، ولكن الدعم يظل محدود في ظل عجز الحكومة عن الرفد المستمر للقطاع الصحي في عدن).

وقال( نناشد الحكومة والمنظمات الدولية بالوقوف الى جانبنا وجانب المواطنين لتوفير اكبر قدر ممكن من الدعم اللازم لتخفيف المعاناة الصحية للمواطنين ورفع وتيرة العمل لدى المستشفيات في العاصمة عدن).



وفي الأخير فإن قطاع الصحة يعد من القطاعات التي تستوجب تدخلا فوريا لإصلاح وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فالشكاوى العديدة للمواطنين من سوء الاستقبال و الخدمات وكذلك الإهمال المتعمد ، صارت هي القواعد الرئيسية التي تسير عليها معظم المستشفيات الحكومية والخاصة.

وإن ما يحدث في قطاع الصحة، ليس قلة إمكانيات، ولا نقص في الكوادر ، وإنما تحول المستشفيات بالنسبة للبعض إلى أسواق لربح المال أو ( البزنسة ) في المريض والمواطنين البسطاء ، حيث ان وضع هذا القطاع الهام بات مقلقا للمواطن ، وبات عبئا كبيرا على كاهل الدولة.