آخر تحديث :السبت - 23 نوفمبر 2024 - 05:21 م

تحقيقات وحوارات


" الرصاص الراجع .. الموت القادم من السماء "

الإثنين - 04 مارس 2019 - 11:16 ص بتوقيت عدن

" الرصاص الراجع .. الموت القادم من السماء "

استطلاع / مازن سميح / ناصر الوليدي :


" الرصاص الراجع .. الموت القادم من السماء "

ظاهرة تهدد حياة الأهالي في مودية بأبين ..



تعد ظاهرة إطلاق الأعيرة النارية بالأعراس في أغلب المدن والمناطق اليمنية من العادات السلبية والدخيلة المرافقة لحفلات الزواج ،وتتسبب عادة في حدوث حالات إصابة وقتل نتيجة لما يسمى بـ " الرصاص الراجع ، إضافة الى ما ينتج عن ذلك من ازعاج وتعكير لهدوء الأحياء وترويع الأطفال والنساء..

مديرية مودية بمحافظة أبين كغيرها من مديريات المحافظات الجنوبية خاصة واليمنية عامة،فهذه الظاهرة السيئة انتشرت بشكل ملحوظ ومبالغ فيه،فقد تسبب الرصاص الراجع في المديرية بحدوث حالات إصابات بالغة لبعض المواطنين الآمنين والذي كانوا يباتون في أسطح منازلهم في ظل الانقطاعات المستمرة للتيار الكهربائي..
وقد أكدت مصادر إعلامية أن هناك حالات إصابة منها ما حدث لشاب كان نائما في سطح منزله، حيث تسبب الرصاص الراجع باصابته في الرأس اصابة بالغة أقعدته عن الحركة ،وإصابة امرأة كانت ترضع طفلها بفناء منزلها بأسفل الرقبة ولولا عناية الله ولطفه ثم تدخل الأطباء بالمديرية لكانت أودت بحياتها ..

وطبقا للمصادر فإن اهالي وأعيان منطقة مودية كانوا قد عقدوا اجتماعا بعد حالات الإصابات المتتالية ليقرروا _بحضور مدير المديرية وقائد الحزام الأمني بالمديرية_ توقيع وثيقة شرف تقضي بمنع إطلاق النار في الأعراس والأعياد والمناسبات ، وتحميل المسؤولية لكل شخص عابث بأرواح الأبرياء، ونصت مخرجات هذا الإتفاق على سجن العريس وأسرته في حال لم يلتزم بالإتفاق.. لكن للأسف أصبحت هذه الوثيقة حبرا على ورق فقد عاودت هذه الظاهرة مجددا ليستمر _عبثا_ تهديد الأرواح البريئة وإقلاق السكينة العامة بالمديرية دون عقوبات تذكر ..

" عدن تايم " يلقي الضوء في التقرير التالي على المخاطر التي تخلفها هذه الظاهرة السلبية وانعكاساتها على المجمتع وسبل علاجها .

من أفراح إلى أتراح

أ.محمد هارون -معلم- يقول لـ "عدن تايم" :

( إطلاق الرصاص في الأعراس من عادات الشعب اليمني عامة ،لكنها تحولت في السنوات الأخيرة لظاهرة مهولة ومخيفة فهي أحد الأسباب القاتلة ،اذ تتحول المسرات والافراح الى أحزان وأتراح ،كما أنها اذية لكبار السن وترويع للأطفال ،وبات كل من هب ودب مهما صغر سنه حاملا للسلاح وهو لا يجيد استخدامه)
ويؤكد " هارون " أعراسنا بهذه المديرية أصبحت مخيفة ،فقد تتحول إلى مجالس عزاء بدلا من مظاهر الفرحة ، والسبب في ذلك رصاصة راجعة أطلقها شخص مستهتر )

الضرب بيد من حديد

ويؤكد المحامي / عرفات السعدي قائلا :
( أطالب السلطة المحلية بتفعيل دور الوثيقة التي تم الاتفاق عليها من قبل كل أعيان المديرية ،فماذا استفاد المواطنون من ورقة حبيسة الأدراج لم تنفذ مخرجاتها ؟!
لا بد من الضرب بيد من حديد لكل تسول له نفسه في العبث بأرواح الأبرياء ،كما أطالب السلطة المحلية بتجريم استخدام السلاح في المناسبات والأفراح ،ولا يجب التهاون ابدا مع المخالفين وتوقيع اقسى العقوبات الرادعة حتى يتعظ بقية البلاطجة ،نريد أفعالا لا أقوالا )

توعية الناس

ويؤكد "السعدي" :
لابد من التوعية بعمل منشورات وملصقات تعلق بكل مكان ، وهنا يأتي دور المعلمين وخطباء المساجد في التحذير من مغبات هذه الظاهرة اللعينة ،بالاضافة الى عمل لجنة مشرفة دورها نشر النصح وتوضيح اخطار هذا العمل السيء ،كما أقترح ان تشكل دوريات امنية تنزل للاعراس والقبض على كل مستهتر خالف بما اقتضته الوثيقة وردعه بعقوبات قاسية )

ترويع الآمنين

الشيخ / عيدروس دباء (إمام مسجد الأنصار ) قائلا :
" لقد صار الناس يخافون الخروج من منازلهم تزامنا مع انطلاق الاعيرة النارية في الأعراس ، ويظل الأطفال والنساء في منازلهم خائفين مرعوبين ..وهذا من الترويع الذي نهى عنه ديننا الاسلامي الحنيف .. لقوله (ص) : " من روع مسلما روعه الله يوم القيامة ) ..

ويؤكد : لقد انتشرت هذه الظاهرة انتشار النار في الهشيم وتطور الامر الى رمي قنابل صوتية مرعبة ! لقد اصبحنا وكأننا بجبهة حربية وزفات تقودها المدرعات !! فليتقوا الله )

طلقات طائشة

تحدث لـ "عدن تايم الدكتور عبدالمنعم ناصر العاقل (مديرعام مستشفى مودية الحكومي
قائلا:

( تعتبر الاصابات بالطلق الناري الراجع من اخطر الاصابات التي يتعرض لها المواطنون،وذلك نتيجة عدة من الأسباب غالبا ما تكون اصابات متعددة لمجموعة من اعضاء جسم الانسان ،وتشمل مناطق مختلفة منه في وقت واحد ،مثل اصابة الصدر والبطن معا أو البطن والحوض او جميعهم بآن واحد ، وذلك بسبب سرعة المقذوف الراجع كما نعلم قبل ارتطامه بالجسد مما يفسر مقدرته على اختراق مناطق متعددة من الجسم )
وأكد : ( غالبية المصابين هم اناس ابرياء من المارة في الشوارع والارصفة او الأسر التي تضطر للنوم في اسطح منازلها بفصل الصيف )

وتابع قائلا :
( ان كثيرا من هذه الاصابات تكون مجهولة التفاصيل ،ومن الصعب اكتشافها في الوقت المناسب لعمل التدخل السريع لانقاذ المصابين ،لا سيما أن الاجزاء المهمة بالجسم هي الاكثر عرضة للاصابة بالرصاص الراجع مثل الرأس واصابة الدماغ ،والصدر بما يحويه من اعضاء مهمة مثل القلب والاوعية الدموية الرئيسية ،ومن ثم الصدر والبطن معا )

قتل متعمد

أحمد منصور - مواطن - عبر عن رأيه قائلا :

( برأيي المتواضع المسؤولية الجنائية من فعل اطلاق الرصاص في الهواء في المدن المزدحمة والارياف والقرى المتقاربة في حالة ما أدى رجوعها الى وفاة شخص ما هي " عمدية " ، أي شروع في القتل العمد )

ويتابع :
( صحيح ان الجاني لا يقصد بقتل زيد أو عمرو ،لكنه يدرك تمام الادراك مدى خطوره فعله الأرعن ،الذي قد يؤدي الى ازهاق ارواح بريئة ،ومع ذلك يقدم على اطلاق الاعيرة النارية بقصد " احتمالي " )

كثيرا ما تحولت الأفراح الى أتراح ،والأعراس الى مآس ،وذلك بسبب استهتار شاب فضل التعبير عن فرحه بطريقة غير مشروعة وغير مستساغة ...فمتى سينتهي هذا العبث ؟!