آخر تحديث :الجمعة - 26 أبريل 2024 - 09:18 ص

اخبار وتقارير


مخاوف من انهيارها .. وثائق تكشف خلافات تعرقل ترميم معالم عدن الاثرية ( تقرير خاص )

الخميس - 23 فبراير 2017 - 09:14 م بتوقيت عدن

مخاوف من انهيارها .. وثائق تكشف خلافات تعرقل ترميم معالم عدن الاثرية ( تقرير خاص )
قصر السلطان

عدن تايم / خاص :

وضع كارثي تعيشه الآثار والمتاحف في عدن منذ فترة ما قبل الحرب وازاد سوءا بفعل الحرب العدوانية التي شنتها مليشيات الحوثي وعفاش والتي احدثت اضرارا في مختلف مناحي الحياة .. متاحف عدن مغلقة وعدد زوارها ( صفر ) ، وقصر السلطان مهدد بالانهيار بعد غياب اعمال الترميم منذ 20 عاما ، واربعة الالف قطعة اثرية او اكثر معرضة للتلف ولم يتم جردها حتى الان في مخازن الاثار ويتم تاجيل عملية الجرد من فترة لاخرى .. ورغم هذا لم يبرز الخلاف الا في عمليات ترميم بعض الاثار.
تظهر عدد من الوثائق خلافات بين الهيئة العامة للاثار والمتاحف في عدن وجمعية الاثار والتاريخ التي تديرها الدكتورة اسمهان العلس من جهة ، وبين هيئة الاثار وصندوق التراث من جهة اخرى .
عندما اثيرت مشكلة حول تسليم المجلس التشريعي العدني لاحدى ناشطات المجتمع المدني وما جرى يومها من جدل ، تدخل محافظ عدن وحسم الامر بان يشرف مكتب الثقافة على المجلس التشريعي العدني وان يقدم النشطاء اي مشاريع تخصه الى مكتب الثقافة بالمحافظة .. لم يغضب مسؤولو الاثار يومها من تحويل الاشراف على المجلس التشريعي الى مكتب الثقافة وتجاهل هيئة للاثار المختصة بالاشراف على هذا المعلم ، الا انهم غضبوا وبقوة عند تجاهلهم في اعمال ترميم لبعض الاثار .
تظهر وثيقة مؤرخة بتاريخ 11 ديسمبر 2016 خطابا موجها الى محافظ عدن اللواء عيدروس الزبيدي بشأن اعادة تأهيل قصر السلطان المهدد بالانهيار في كريتر ، يقول الخطاب الموجه من رئيسة جمعية التاريخ والاثار الدكتورة اسمهان العلس ان الجمعية نفذت في عام 2011 – 2012 مشروع اعادة تاهيل منارة عدن وهي اليوم موقع ثقافي يستخدم في تنشيط الحياة الثقافية في عدن .. كما تشير الى ان الجمعية في عام 2014 حصلت على دعم جديد لاعادة تاهيل قصر السلطان ولكن ظروف الحرب اوقفت العمل . ( لم يحدد في الخطاب مبلغ الدعم او الجهة الممولة ) .
يضيف الخطاب : اليوم وبعد استتباب النظام واستعادة الامن سنبدا بتنفيذ مشروع اعادة تاهيل قصر السلطان ونتطلع اليكم في دعم جهودنا وتأمين بيئة آمنة لتنفيذ المشروع وذلك من خلال توجيهاتكم الكريمة الى السلطات المحلية في مديرية صيرة والهيئة العامة للاثار ووزارة التخطيط وغيرهم لتقديم التسهيلات اللازمة لنا ..
كتب المحافظ على الخطاب توجيها بروتوكوليا الى مكتب التخطيط وهيئة الاثار ومديرية صيرة للاطلاع واتخاذ ما يلزم بحسب النظام .
لم يصل المسؤولون في هيئة الاثار بعدن وجمعية التاريخ والاثار بعدن الى اتفاق ، فالطرف الاول يتهم الثاني بتجاوزه وتهميشه والتفاوض المباشر مع داعمين لتنفيذ اعمال ترميم ، وعندما قامت جمعية الاثار بهدم احد الجدران تمهيدا لبدء العمل هدد مدير الهيئة برفع دعوى قضائية اذا لم يتم ايقاف العمل والاتفاق على اشراك الهيئة وكوادرها في كافة الخطوات .
في 22 ديسمبر 2016 اي بعد احد عشر يوما من خطاب جمعية الاثار الى محافظ عدن الذي تحيطه فيها بحصولها على دعم لتاهيل قصر السلطان وطلبها التوجيه بالتعاون معها ، وجه مدير عام الهيئة العامة للاثار والمتاحف بعدن محمد السقاف خطابا الى محافظ عدن وعنون الخطاب بـ ( تجاوزات وتدخلات جمعية التاريخ والاثار في اختصاصات مكتبنا ) .
تشير مقدمة خطاب مدير هيئة الاثار بعدن الى انه ياتي عطفا على توجيه المحافظ بالاطلاع على خطاب هيئة الاثار واتخاذ اللازم ، ثم يضيف مدير هيئة الاثار ان جمعية الاثار والتاريخ منظمة اهلية من منظمات المجتمع المدني لا يجوز لها ان تتدخل في اختصاصات هيئة الاثار كونها الجهة الوحيدة المختصة بحماية وصيانة الاثار والحفاظ عليها وفق قانون الاثار – حسب المذكرة .
يشير خطاب مدير اثار عدن الى اعمال ترميم سابقة لمنارة عدن التاريخية حصلت في فترة قبل تعيينه في هذا المنصب ، ويقول : (( مع العلم ان جمعية الاثار استغلت الاوضاع الاستثنائية التي تعيشها عدن في 2011 و 2012 وقامت بالتعدي على منارة عدن والاستحواذ عليها الى يومنا هذا بموافقة مدير عام مديرية صيرة في حينه )) .
تحولت عملية الترميم لمنارة عدن التي مولتها السفارة الامريكية في وقت سابق الى عملية تعدي واستحواذ في نظر مدير عام اثار عدن ، وهو تعبير يعكس مدى غضب المسؤولين في اثار عدن من ابتعاد الجهات الممولة عنهم واتجاههم الى جمعيات ومنظمات لتنفيذ اعمال الترميم .
يتابع مدير اثار عدن في خطابه : (( سبق وان ابلغنا جمعية الاثار والتاريخ باننا نرحب بالمشاركة المجتمعية الداعمة لجهود الهيئة في الحفاظ على المعالم والمواقع الاثرية لا ان تحل محلها في اختصاصاتها بحجة ان لديها المال ويمكنها ان تتجاوز قانون الاثار المشار اليه بما يضر بالمصلحة العامة )) .. ويختتم الخطاب بالتأكيد على ان هيئة الاثار هي الجهة الحصرية المختصة في اعداد الدراسات الفنية والاشراف على تنفيذها لكل المعالم الاثرية والتاريخية في محافظة عدن ، عملا باحكام نصوص قانون الاثار .
ليست المنارة او قصر السلطان هما سبب الخلاف فقط ، بل كل عمليات ترميم بقية المعالم كما يتضح في عديد من الخطابات .. في 12 ديسمبر 2016 وجه مدير عام هيئة الاثار بعدن خطابا الى محافظ عدن يشكو فيه المديرة التنفيذية لصندوق التراث ويتهمها بتجاوز اختصاصاته .
هيئة الاثار بعدن وصندوق التراث هيئتان تابعتان لوزارة واحدة هي وزارة الثقافة ، الا ان خلاف الترميمات اشتعل بينهما .. يقول مدير مكتب الاثار في خطابه هذا : (( قامت المديرية التنفيذية لصندوق التراث بتجاوز اختصاصات الصندوق من خلال القيام بترميم المجلس التشريعي والاتجاه الى ترميم قلعة صيرة التاريخية بالتنسيق مع المجلس المحلي بمديرية صيرة دون الرجوع الينا باعتبارنا الجهة المعنية والمختصة في صيانة وترميم الاثار )) .
يطلب مدير الاثار في ختام خطابه من المحافظ توجيه ( جميع ) الجهات الحكومية والاهلية بعدم التدخل في اختصاصات هيئة الاثار ، ويحذر مما اسماه (( ظاهرة العبث بموروثنا الثقافي بحجة الترميم )) .
كان محافظ عدن في وقت سابق قد اصدر امرا باضافة مدير عام هيئة اثار عدن الى مجلس ادارة صندوق التراث بعدن ، الا ان مدير الاثار يشكو في مذكرة لاحقة انه لم يتم استدعاؤه لاي اجتماع .
في 18 ديسمبر 2016 وقع محافظ عدن الى جانب مدير هيئة الاثار على اعلان تحذيري يحذر الجهات الحكومية والاهلية من التدخل في اختصاصات الهيئة ويحصر فيها جميع اعمال الترميم والصيانة ، وفي يناير 2017 التقى محافظ عدن برئيسة جمعية الاثار اسمهان العلس ووفق مكتبه الاعلامي فقد شدد المحافظ في اللقاء على ضرورة ايجاد آلية تنسيقية بين جمعية الاثار ومكتب الآثار بالمحافظة والسلطة المحلية من أجل إيجاد آلية عمل مشتركة لإعادة ترميم وصيانة المعالم الأثرية والتاريخية .
ولا زالت المعالم الاثرية في عدن مهددة بالانهيار في ظل خلاف على احقية الترميم والصيانة ، فالممول يتجه بامواله الى جهات مجتمعية ، وهيئة الاثار ترى في هذا تهميشا لها ولكوادرها وحقها في الاشراف والتنفيذ ، وسلطة محلية تكتفي بالتعليق على كل مذكرة يرفعها الطرفين بعبارة : (( للاطلاع واتخاذ ما يلزم )) .. هذا في شأن معالم اثرية واضحة للعيان ، اما القطع الاثرية التي تعد بالآلاف فلا يعلم الا الله الحكمة من تاجيل جردها لعام تلو عام .