آخر تحديث :الجمعة - 26 أبريل 2024 - 09:18 ص

تحقيقات وحوارات


الذهب الأبيض ثروة منسية في بلاد حاضرة فيها الصراعات والحروب "صورة"

الخميس - 16 مارس 2017 - 09:29 ص بتوقيت عدن

الذهب الأبيض  ثروة منسية في بلاد حاضرة فيها الصراعات والحروب "صورة"

تقرير / محمد علي محسن


القطن جلبه الانكليز من السودان ونجحت زراعته في محافظتي أبين ولحج

شركة احد أقارب صالح استولت على القطن في لحج وتسببت في توقف إنتاجه في أبين

استئناف محلج القطن لنشاطه بعيد توقف دام خمسة أعوام تعرضت فيها معداته ومحتوياته للقصف والنهب

زراعة القطن في اليمن قصة نجاح بدأت بعيد نهاية الحرب العالمية الثانية منتصف الأربعينات من القرن الفائت ، وتحديدا حين ارتأت بريطانيا المستعمرة حينئذ للجزء الجنوبي من اليمن نقل زراعة القطن من السودان إلى دلتا محافظتي أبين ولحج شرق وشمال مدينة عدن جنوب البلاد ، آخذة بالاعتبار الأرض الشاسعة الواقعة على دلتائي " بنا " و " تبن " وهما المجريان المائيان النابعين في جبال محافظة إب وسط البلاد ويصبان في بحر العرب وخليج عدن على التوالي .

واستأنف محلج القطن في محافظة أبين شرق عدن جنوب اليمن عمله مؤخرا ، وسط فرحة عارمة من قبل عمال المصنع المحلي الذين وجدوا أنفسهم بلا مصدر رزقهم منذ توقفه على اثر استيلاء الجماعات المتطرفة على محافظتهم عام 2011م وذلك قبل ان تأتي حرب الميليشيات الانقلابية لتقضي على ما تبقي لديهم من أمل بعودة المحلج للعمل ن خاصة بعيد تعرض اغلب محتوياته للنهب والتدمير .

وقال الإعلامي احمد يسلم ل " عدن تايم " إن أول ما قامت به بريطانيا هو إنشاء وبناء قنوات الري والسدود التحويلية على امتداد الدلتا بدءا من باتيس حتى جسر أبو شنب ما بين المخزن وزنجبار مركز المحافظة ، موضحا أن عملية الحفر كانت يدويا ومن خلال عمالة استجلبها الانكليز لغرض حفر تلك القنوات وبعمق 3- 4 مترا تحت إشراف مهندسين انكليز .

وأضاف انه وبعيد الانتهاء من عمل القنوات والسدود أجريت التجارب على زراعة قطن طويل التيلة في منطقتي " امجبلة " و " يرامس "  شهدت أبين أول باكورة لإنتاج القطن بداية الخمسينات .

وتابع " مع نجاح تجربة زراعة القطن وإنتاج أول كمية استدعت إقامة محلج للمنتج في منطقة الكود إلى جانب مصنع لعصر زيت بذرة القطن ، فضلا عن إنشاء مركز أبحاث الكود بدعم من منظمة الفاو كمركز إقليمي سرعان ما حظي بسمعة على مستوى الإقليم خاصة في انجازه للعديد من الأبحاث والدراسات العلمية ذات الصلة بالزراعة عموما واستنباط أصناف جديدة للقطن وبنكا لمختلف أنواع البذور الزراعية والمحاصيل الحقلية والغابات والنحل والماشية .

وأوضح أن اعلي معدل ﻻنتاج القطن كان عام 67 م ، إذ وصل إنتاج الدلتا من القطن 36 مليون رطل ، فيما تراوحت كميات اﻻنتاج بين العشرينات فترة طويلة وذلك قبل أن تتقلص وتنخفض كميات القطن المنتجة إلى 3 – 6 مليون رطل في الأعوام القليلة الماضية ولأسباب مختلفة منها على سبيل المثال 3مليون رطل في موسم 2000- 2001 .و6 مليون رطل في موسم 2005-2006 م .

وأشار يسلم إلى إنتاج دلتا أبين اقتصر على صنف طويل التيلة " كود 4 " ، منوها لان 
مؤسسة لجنة أبين اكبر مؤسسة زراعية خدماتية وصل حجم اﻻيدي العاملة المنضوية في مختلف فروعها إلى أكثر من 1200 عامل ومهندس وأداري وخبير زراعي ، وهؤلاء موزعون على عدة نواحي بينها محطة تأجير الآليات الزراعية والورشة الفنية ومصنع القطن وإدارات الري .

 وأفاد أن توقف إنتاج القطن لفترات متقطعة ﻻسباب عدة  منها محاولات مراكز نافذة إبان عهد الرئيس المخلوع ، والتي حاولت تخصيص دلتا أبين وإيجاد شركة " الماز " تابعة لأحد أقارب صالح ، إلا أن رفض المزارعين لقرار خصخصة المنشات التبعة للجنة أبين ، أبقاها بعيدا عن متناول النافذين إلى أن صدر قرار رئيس الوزراء بإعادة نشاط لجنة أبين وتسليمها للمزارعين وإقراضها 100 مليون ريال يمني " نحو 400  ألف دولار " من صندوق التشجيع الزراعي  خصص لشراء قطن طويل التيلة من مزارعي الدلتا واحور ويرامس .

وأكد المحاسب المالي للجنة أبين ، محمد سالم المنصري ل" عدن تايم  " ان محلج القطن سدد قيمة القرض وفوائده المقدرة ب 22 مليون ريال " 87 ألف دولار " ، لافتا إلى استحداث محلج جديد بقيمة 310 مليون ريال " نحو مليون و274 ألف دولار " .

وكشف المسئول المالي عن أن الحربين اللتين شهدتهما محافظة أبين ضد الجماعات المتطرفة ومن ثم الميليشيات الانقلابية ، قضت على معظم مقومات الدلتا ، مشيرا إلى تعرض المحلج للقصف واحتراق 3 مليون رطل من مادة القطن الموجودة في مخازن المحلج .

ولفت إلى حجم الآثار التي طالت المحلج في الأيام اﻻخيرة وقبيل الخروج اﻻخير لعناصر القاعدة من محافظة أبين ، مؤكدا أن القصف طال مبنى الإدارة العامة للجنة متسببا في دك وإحراق كل محتوياته وأرشيفه الغني بالوثائق الخاصة بزراعة القطن والدلتا عموما .

وقال عمال محلج القطن  ل" عدن تايم " أن الحرب العبثية التي شنتها الميليشيات الانقلابية أدت إلى تعرض المصنع للتخريب والنهب والسرقة لمحتوياته التي بيعت بثمن بخس ومن قبل أناس لا يقدرون شيئا بكلفتها وأهميتها في إنتاج أهم سلعة اقتصادية نقدية " القطن " .

وأفادوا إلى أن 17 عاملا باتوا بلا مرتبات بعيد الكارثة التي حلت بهم وبمصدر رزقهم الوحيد ، لافتين إلى أن وزارة الزراعة خاطبت الحكومة بخصوص وضعهم ، مثمنين كل الجهود الخيرة التي تكللت باستئناف المحلج لنشاطه وبعد سنوات على توقفه عام 2011م اثر سيطرة الجماعات المتطرفة على المحافظة .

ودعا هؤلاء السلطات الشرعية في البلاد بالاهتمام بالمحلج ودعمه كي يستمر كمؤسسة وطنية إنتاجية عمرها يمتد لسبعين عاما .

بدوره ، قال مدير عام الزراعة والري في محافظة لحج ، عبد الملك ناجي عبيد ل" عدن تايم " إنه وبعد نجاح تجربة زراعة القطن في أبين تم إدخاله ولأول مرة إلى لحج دلتا تبن في مطلع الخمسينات وتحديدا عام 1954م ، مشيرا لإنشاء لجنة لغرض الإنعاش الزراعي وكذا جهاز إداري عام 56م وحدد مناطق الدلتا نطاقا لاختصاصه فيما مهامه كانت التوسع والاهتمام بزراعة القطن وتقديم كافة الخدمات للمحصول النقدي وتطوير وإصلاح وصيانة منشات الري وتنظيم وضبط الري والقيام بعملية التسويق للاقطان .

وأوضح عبيد أن محلج القطن تم إنشائه في منطقة صبر الواقعة وسط بين عدن والحوطة مركز محافظة لحج عام 1956م بعدد 32 آلة حلج ومكبس وتوابعها بطاقة إنتاجية قدرها 2656 رطلا في الساعة ، فيما كمية القطن المنتجة من نوعية طويل التيلة ما بين 6 – 1مليون ونصف رطل .

وذكر مدير الزراعة أن مساحة زراعة القطن وصلت إلى 18 ألف فدان منوها لمراحل تطور زراعة القطن التي بدأت منتصف الخمسينات وحتى استقلال جنوب البلاد من بريطانيا 30 نوفمبر 67م ، تلاها المرحلة الثانية الممتدة إلى يناير 78م وهي المرحلة التي شهدت إقامة مزارع إضافية وشقت القنوات واستصلاح الأراضي وحفر الآبار علاوة لمساكن والمنشات التعليمية .

إما المرحلة الثالثة فمن فبراير 78 – 83م ، وهذه الفترة الزمنية شهدت صدور قانون رقم 4 لعام 78م أنشئ بموجبه هيئة تطوير دلتا تبن بنا بناء على طلب الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية وذلك لتمويل مشروع تطوير الدلتا ، وتضمن إحدى مكوناته إنشاء محلج منشاري جديد للاقطان متوسطة وقصيرة التيلة وهما المحصولان اللذين ألزمت الهيئة بزراعتهما بدلا عن طويل التيلة في دلتا تبن والملاح اعتبارا من موسم 76- 77م لتلبية مصنع الغزل والنسيج في عدن

وتابع " المرحلة الرابعة 83م – 94م وفي هذه المحلة تم تشغيل المحلج المنشاري الجديد بطاقة إنتاجية قدرها 4000 ألف رطل في الساعة ، وبرغم تحرير الهيئة وتوليتها مسؤولية البيع والتسويق إلا أن حرب صيف 94م كبدتها خسائر فادحة نتيجة لتدمير منشاتها وإحراق مخزونها من الأقطان المحلوجة ، غذ بلغت الخسائر المالية 64 مليونا ريال  " نحو 260 ألف دولار " .

ولفت إلى أن المرحلة الخامسة 95- 96م أولت وزارة الزراعة والري أهمية لقطاع زراعة القطن ومعالجة أوضاع المحالج ، ومن ضمن تلك القرارات الإصلاحية تطوير وتوسعة رقعة زراع القطن وتحرير أسعاره ورفعها للمنتجين ومساعدة المحلج في إعادة الأعمار وتشغيله ، بعيد عملية إصلاح واسعة طالت معداته وأجهزته ورفده بخبراء من سوريا .

واعتبارا من العام 2001م تعاقدت الهيئة مع المؤسسة العامة للغزل والنسيج على حلج الأقطان المنتجة في تهامة بمحافظة الحديدة غرب البلاد ، علاوة لحلج الأقطان المنتجة في دلتا تبن والخاصة بمؤسسة وشركة " الماز " .

وأشار إلى أن حجم الأيادي القوى العاملة حتى يونيو 2001م بلغت " 43 " عاملا وموظفا موزعين على كافة أقسام المحلج ن مقترحا إقراض المحلج من صندوق تشجيع الإنتاج الزراعي وبملغ قدره 75 مليونا يتم تسديده نهاية العام وعلى فترة ثلاثة أعوام ، أو من بنك التسليف الزراعي ويتحمل المحلج سداد القرض مع فوائده .

وكانت كميات القطن المنتجة تراوحت بين  5 مليون و367 ألفا و232 رطلا في أول موسم 54- 55م وانتهت بموسم 99- 2000م بإنتاجية قدرها 5مليونا و711 ألفا و 075 رطلا ، وخلال تلك السنوات شهدت الإنتاجية انخفاضا وزيادة ودونما توقف سواء عام 94- 95م بسبب الحرب .

وتشير الأرقام إلى أن ذروة الإنتاجية كانت في أعوام 59 – 60 م و 68 – 69 م وهما العامين الذين بلغت إنتاجية المحلج قرابة 30 مليون رطلا وبواقع 14 مليون ونصف للموسم الواحد بينما الأدنى كان في ثلاثة مواسم فقط هي  86- 87م و 89 – 90م و 90 – 91م وهي المواسم التي انخفضت فيه الإنتاجية لأقصى حد وبواقع مليون ونصف رطل لكل موسم .