آخر تحديث :الجمعة - 26 أبريل 2024 - 01:19 م

كتابات واقلام


أين ملاعب الأطفال وحدائقهم؟!

الأربعاء - 13 سبتمبر 2017 - الساعة 10:01 م

سالم الفراص
بقلم: سالم الفراص - ارشيف الكاتب


جرني فضولي طوال ايام العيد إلى إجراء استبيان تأملي، وشفهي عن ومع عدد من الأطفال، الذين كان قد تنازل جلهم طوعا وكراهية عن زينة العيد من ملابس جديدة، التي اختصرت عند المحظوظين منهم إلى بدلة متواضعة ، مكونة في الغالب من جرم وسروال. كما اسقطوا من حساباتهم انتظار الحصول على نقود الـ(عيدية)، ساعدهم في هذا عدم معرفتهم بما كان سابقا لاسلافهم من حصالات ومحافظ لجمع العيديات. كما خلت نفوسهم من روح الحرص على نظافة الملابس، التي تنازل عنها بدورهم أولياء الأمور الذين كفوا عن المطالبة بها، لشعورهم بعدم وجود ما يستدعي ذلك، وربما لخجلهم من مطالبة أطفالهم بمثل هذا الشرط الباهت وغير المقنع. ونتيجة لتحليلي الشخصي الذي قادني الي نتيجة هي تحصيل حاصل لواقع ملموس وبين. هي أن أطفال أعياد السنوات الأخيرة هذه قد اقتنعوا قناعة لا يرقى إليها الشك، بأن الأعياد بالنسبة لهم ليست إلا أيام اجازة يجدون فيها مساحة من الحرية. التي كان على الآباء الاعتراف بها وعدم الاعتراض عليها، وهو انطلاقهم من الصباح حتى آخر النهار . وهي حرية لم يطالب أو يحلم الأطفال معها أكثر من ان تشتمل اجازاتهم هذه، على وجود أماكن يستطيعون أن يطلقوا فيها طاقاتهم وحاجتهم للعب والعدو بحرية وأمان. لكن المؤسف لم يجدوا لتقضيتها غير الأزقة والشوارع والأسواق ليمارسوا هواياتهم تلك.. أو الانطلاق صوب ما تبقى من شواطئ بعيدة وضيقة،ومصادرة، ليعلنوا عن حقهم في الحصول على ما تبقى لهم من حقوق في عيش حياتهم على نحو قريب من المعقول. وقد تذكرت بالم ايام كنت عضوا في جمعية تحسين المدينة عدن التي كان يرأسها رجل الأعمال المرحوم غازي علوان، اضافة إلى كوني مؤسساً لجمعية حماية الآثار والشواطئ والمتنفسات، الذي خولني مع كثيرين غيري. مطلع عام 94 م أن نتوصل مع الجهات المعنية حينها الي ضرورة تضمين مخططات عدن العمرانية والسكنية ملاعب للأطفال والتي بلغت فعلا أكثر من مائتين وخمسين ملعبا وحديقة للأطفال موزعة على كافة مدن وأحياء مدينة عدن.. كما انتزعنا قرارا رسميا بضرورة تضمين اي مخطط جديد لملاعب وحدائق للأطفال. إلا أنه وبعد أن تم لنا حصر وتطوير هذه المنشآت وتوثيقها، كانت سلطات نهب الأراضي والسطو الممنهج على الفراغات أقوى منا، وخلال عشر سنوات تم مصادرة والغاء مايقرب من مائتي ملعب وحديقة للأطفال، لتأتي مرحلة الانفلات الامني وفورة النشاط العشوائي ونهب الأراضي والفراغات؛ للذهاب بما تبقى منها. وفي الوقت الذي كنا نتوقع استعادة الأمور إلى نصابها في عدن تحديدا من خلال استعادة كل الفراغات وملاعب الأطفال والحدائق بحسب المخططات في وزارة الإسكان والأراضي.. ازداد الطين بلة من خلال مواصلة مصادرة هذه الملاعب والحدائق التي أدرجت ضمن الإهمال وعدم الاهتمام وجعلها عرضة للاقتحام والسطو، حتى صار عدد المتبقي والصالح منها لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة. لتصبح إدارة الأراضي والإسكان في قوام المتعاونين المباشرين في إفساد ماتبقى من حلم الأطفال في الحصول على أقل القليل من حقهم في العيش والنمو، ليكون على أطفالنا اليوم أن يواجهوا آلام الفقر والحرمان، مضاف إليه الاستلاب الممنهج لحقوقهم ومطالبهم التي تتوافق مع أحلامهم البسيطة التي انحصرت في أن يكون العيد مجرد اجازة يستطيعون فيها أن يلعبوا ويمرحوا في أماكن آمنة ومناسبة وبأقل التكاليف غير المرهقة. بدلا من أن يفقدوا فرحة العيد وفرحة الاجازة معا. .