آخر تحديث :الجمعة - 26 أبريل 2024 - 09:18 ص

كتابات واقلام


من هنا مر اللواء محمد مفتاح عبدالرب

الخميس - 31 مايو 2018 - الساعة 11:41 م

عبدالمجيد الصلاحي
بقلم: عبدالمجيد الصلاحي - ارشيف الكاتب


قليلون هم من تشعر بفراغهم حين يغادرونك - ولو بشكل مؤقت - وتتوق شوقاً الى معانقتهم ومقابلتهم مره ومرات نظراً لما يتمتعون به من سجايا طيبه اساسها التواضع والصدق والوفاء ونُبل الأخلاق ، وتشعر مدى حميمتهم وودهم رغم كثرة مشاغلهم وارتباطاتهم العملية ومسئولباتهم الجسيمة والتزاماتهم الوطنية. فالحديث عن الصديق العزيز محمد مفتاح عبدالرب ، ذلك الانسان الكثير الذي عرفته عن قرب وجمعتنا معه لقاءات عده كانت ابين والجنوب حاضرة بقوة في كل نقاشاتنا - لاسيما بعدما آلت أمورها الى الأسوأ بفعل أيادي العبث والتخريب الذي طالها -، كيف لا وهو احد ابنائها البارزين الذي كان مثار فخر ليس لابين والجنوب وحدهما بل لكل من صادقه وزامله في سفر النضال التحرري والبناء الوطني الشاق بأنحائاته وانكساراته واعوجاج خط سيره ووصولاً الى نهاية الخط الماراثوني ، بعد رحلة إنهاك مضنية .اخذت الكثير من الجهد والصحة وبكلفه مرتفعه لازلنا مستمرين في دفعها ( منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ) كان محمد مفتاح احد أضلاع مثلث إبداعي - بل قاعدته الأساسيه -الى جانب ضلعيه الاخرين هما شقيقيه احمد مفتاح وصالح مفتاح ، ثلاثه نجوم تلألأت في سماء ابين في السياسة والقيادة العسكرية والرياضة والصحافة والأدب ، لاكثر من اربعه عقود من الزمن، هذا التنوع الخصب والثري هو ماميز الاخوان مفتاح عن سائراقرانهم ومجايليهم ، فكل واحد منهم ابدع وأثرى في مجاله وذاع صيته ، ليبلغ الافاق ، ففقيدنا اللواء محمد مفتاح ذلك النحيل الأسمر الذي استهوته الرياضة - وكرة القدم تحديدا - كان من نجوم فريق الأهلي المعروفين الذي تأسس في زنجبار عام 1963 وكان من نجومه الرئيس الشهيد سالم ربيع علي وصالح عِوَض نصيب والأستاذ نصيب وصلاح قيوسه وعبدالله الفضلي والحريق واحمد صالح وناصر اليافعي وال القعر وجوبان وغيرهم كثيرون لايتسع المجال لذكرهم واستعراض أسمائهم وصال وجال مع الفريق في ملاعب كرة القدم ، قبل انشغاله بالعمل الوطني وتحديداً في القطاع الفدائي والتحاقه بركب خلايا الجبهة القومية وانخراطه بالسلك العسكري أواخر الستينيات من القرن الماضي والأستاذ المرحوم احمد مفتاح علم من إعلام الصحافة وفرسان الكلمة الميامين الذين لا تخطأهم عين ، كان كاتب ساخر وصاحب قلم لاذع وكانت صحيفة ١٤ أكتوبر هي المنبر الذي صدحً منها قلمه وعلى يديه تمرس الكثيرين من فرسان الكلمة اليوم في بلاط صاحبة الجلاله ، اما الراحل الجميل الاستاذ صالح مفتاح فقد اختار الأدب والنقد فكان شاعراً وناقداً ادبياً متميزا واستاذاً جامعياً تخرجت على إيديه مئات الكفأات ممن يحملون اعلى الشهادات العلميه ويتبؤون مناصب قيادية شتى . استفاد الفقيد محمد مفتاح من النهضة التنموية والتعليمية التي شهدتها ابين او ماكان يُعرف بالسلطنة الفضلية التي عرفت التعليم النظامي عام 1944 على يد رائد التعليم في ابين المرحوم عبدالله احمد الفضلي ، وتال قسطاً وافراً من التعليم الابتدائي والمتوسط ، مما مكنه من الالتحاق بالمعهد الفني بالمعلا ومعهد تدريب المعلمين لاحقاً ، ومن ثم امتهانه لمهنة التدريس قبل دخوله المجال العسكري أواخر الستينيات مِن القرن الماضي، حين تم التحاقه في القوات المسلحة وابنعاثة للدراسة الأكاديمية في أوديسا بالاتحاد السوفيتي ( سابقاً ) . بالطبع سيتحدث الكثير من رفاق السلاح عن المزايا الرياديه للواء محمد مفتاح منذو ابتعاثه للدراسه الأكاديمية في المجال العسكري الى الاتحاد السوفيتي وحتى تخرجه وعودته ووضعه اللبنات الاولى لتأسيس سلاح الدروع بعد عودته من رحلة التأهيل العسكري مطلع السبعينيات ،وانتقاله للعمل في الدائرة السياسية بوزارة الدفاع ثم التحاقه بأكاديمية فرونزا العسكريه وتخرجه منها الى سجن الفتح عقب حركة 26 يونيو الانقلابية التي استهدفت الرئيس الشهيد سالم ربيع علي ورفاقه الأبطال من جيل الرواد وعدد كبيراً من الكوادر العسكرية والمدنية كان مفتاح واحد منهم لكن ربما يغفلو عن استعراض الجوانب الانسانية والاجتماعية لهذا القائد النبيل الذي يعرف الكثيرين من مجايليه في ابين انه كان نصيراً للفقراء والمحتاجين قريباً مِن معاناتهم وان كل هذه المناصب التي تولاها لم تبعده ولو أمتار عنهم ، بل ظل وفياً لكل اصدقائه وزملائه مشاركاً لهم في أفراحهم واحزانهم ، وظلت هذه سجيته الى ان فاضت روحه الى بارئها في الفاتح من أيار الماضي. جمع اللواء محمد مفتاح بين حنكة القائد العسكري وحصافة المثقف السياسي ، وَقّاد بأقتدار عملية تجذير الوعي السياسي لدى افراد القوات المسلحة من خلال عمله في الدائرة السياسية او من خلال تواجده في اللجنة التنظيمية العلياء للقوات المساحة وهي اعلى هيئة حزبية في هذه المؤسسة الوطنية التي تم بتائها على أساس الولاء الوطني قبل ان يتم تجيير ذلك لصالح دكتاتورية المنظومة السياسية التي حكمت البلاد وزجها في صراعات حزبية اخذت طابع المناطقية في احيان كثيره ذات مساء سألني اللواء محمد مفتاح وكان ذلك قبل حوالي عامين ، حين زرته في مسكّنه بالشيخ عثمان ونحن نتحدث بحسره عن مآلات الأوضاع في غدن والجنوب وقال لي ألم يكن بالإمكان اخي عبدالمجيد ان نتجنب كل تلك الصراعات ودورات العنف التي جلبت لنا الويلات والمصائب ودمرتنا ووأدت كل احلامنا وتطلعاتنا وخسرنا فيها خيرة قادتنا وكوادرنا ، بالطبع كان السؤال عميقاً فلم اتسرع بالاجابة ، لان الامر يحتاج الى غوص في عمق المشكلاتً التي تسببت في كل ذلك الخراب والدمار ، بل تهربت من الاجابهً من خلال الاستعانه بما كتبه الكاتب الأردني شاكر الجوهري في كتابه الصراع في عدن ، قبل ان يباغتنا الفقيد الكبير اللواء احمدسيف محسن الذي جاء لزيارة مفتاح ومؤاساته برحيل الفقيدة منى نجلة الفقيد التي أُغتيلت غدراً في قاهرة المعز ، وتحولت الأمسية الى مناقشة احداث الساعه ومجربات الأمور في جبهات القتال المستعره حينها. حقيقة ظل سؤال الفقيد حاضراً في ذاكرتي ونقلته الى بعض القيادات ومنهم بعض قيادات الصف الاول وللاسف لم اجد الإجابة الشافيه والمقنعة لكل مادار في هذه الرقعة الجغرافية ودفع ثمنها جميعاً صغاراً وكبارا خاتمهً كان الفقيد اللواء محمد مفتاح من اجمل واهم أصدقائي وكنت اسعد كثيراً بحصافته ورزانته وبعض قفشاته وانصت بأهتمام لاحاديثه الشيقه ، وكان بالنسبة لي بمثابة المثل الأعلى في التعاطي الإنساني والوطني مع مجمل القضايا وكان الى جانب الراحل الكبير سعادة السفير عبدالله عبوده همام الذي عُرف بهدؤ طباعه وحنكته الدبلوماسية هما الصديقان الذي كنت أودّ دائماً ان لا أغادر مجلسيهماً العامرين . سيظل الراحل الكبير محمد مفتاح عبدالرب رمزاً وطنياً سجل بأحرف من نور تاريخاً مشرقاً مع رفاق دربهً من كوكبة القادة السياسينً والعسكرين الذين مرو من سكة القيم والاخلاق الثورية النبيلة ونكران الذات وإيثار حب الوطن عن ما دونه من المصالح. رحم الله فقيدنا الكبير واسكنه فسيح جناته وانه لفراغه لمحزونون. عبدالمجيد صالح الصلاحي