آخر تحديث :الجمعة - 26 أبريل 2024 - 02:27 ص

كتابات واقلام


معاليه يتمنى أن يكون حال عدن مثل مأرب

الأماني الوطنية لا تصبح حقيقة إلا إذا كان ورائها جهد عظيم و رجال شرفاء يحبون وطنهم بحق , ولكن أن تبقى الأماني شعار للتسلق والمصالح فهذه ارتزاق وكارثة وضحك مكشوف و رخيص على عقول البسطاء .

لقد كان تصريح معالي وزير النقل صالح الجبواني في مؤتمر صحفي صادم للكثير من الجنوبيين من حيث المعنى والمغزى , إذ قال الوزير الجبواني بأنه يتمنى أن يكون حال عدن مثل مأرب , وكأن مأرب أضحت لاس فيجاس الجنوب والشمال , وبهذا المديح يسوق الوزير الجبواني لنجاح الأخوان في إدارة مأرب ويتمنى بشكل مبطن لو يحكم حزب الإصلاح عدن , ونسى معالي الوزير أن الكثير منا ومنذ استقلال الجنوب عن بريطانيا كنا نتمنى أن تصبح عدن مثل لندن , ولكن ابتلينا في الجنوب بأكثرية من النخب السياسية من المناطقيين والفاسدين , الذين بفضلهم أصبح الجنوب حبيس الأماني وعدن اليوم نسخة طبق الأصل من قندهار الأفغانية , وأتعجب لماذا لم يسأل الوزير نفسه , لماذا مأرب أفضل حال من عدن؟ مع أن الجواب بسيط ولا يحتاج إلى علوم الذرة وهو يعلم والكل كذلك , أن مأرب هي دولة داخل دولة اليمن وهي دولة الأخوان الذين شاركوا عفاش في حرب ودمار عدن في 1994 , ومأرب تسيطر على إيراداتها كاملة ولها فقط , وحتى إيرادات منفذ الوديعة ال 50% المنهوبة من حضرموت ,التي تحدث عنها معالي الوزير بخوف شديد ولم يتجرأ حتى عن ذكر اسم احد الناهبين أو الجهات التي يتبعونها رغم معرفته المسبقة , بأنهم من عساكر وضباط آل الأحمر ويتبعون جماعة الأخوان وأن الذي ينهبوه من هناك أيضا يحول إلى مأرب ويستثمر هناك , ولكن للأسف الوزير الجبواني أسد شرس على عدن وأبنائها وأرنب خارجها , وهو كذلك يدرك أن مأرب لا تخضع للشرعية و وزرائها من على شاكلته ممن يستبدلون الكادر النزيه باللصوص , كما أن مأرب يديرها كادر محلي ينصر بعضه بعض في الظاهر والباطن , كادر لا يرعى مع الراعي ويأكل مع الذئب , والمحافظة مركز شفط وغسيل للمال المنهوب من المحافظات الجنوبية ومركز للتأمر عليها حتى يومنا هذا .



وللتذكير وباختصار لمعاليك لماذا أصبح وضع عدن الحالي بهذا الشكل المزري , دعنا نبدأ من أحداث 13 يناير 1986 الدامية والمدمرة فهي لم تكن في مأرب بل عدن كانت هي الساحة الرئيسية لصراع بين أطراف غالبيتها كانت تتمنى السلطة لدرجة الحرب ولم تتمنى لغة الحوار وقبول الأخر والتطور والتنمية , هذه الحرب أحرقت وقتلت ودمرت كل شيء جميل في هذه المدينة الرائعة , ثم جاءت وحدة 22 مايو 1990 وجاءت معها حروب عفاش على الجنوب وكانت عدن أولى الضحايا لحرب 1994 ,حيث تحالف أخوان مأرب الحالي مع عفاش واجتاحوا حينها الجنوب بجحافل قبلية متخلفة رأت في عدن بعد أن دمروها مجرد خردة فيد قابله للبيع فقط , ثم لحقهم تحالف حرب بربري جديد في 2015 بين عفاش والحوثي والحرب الجديدة لم تختلف عن حرب 1994 من حيث الدمار والكراهية والحقد والقتل و تحملت عدن كالعادة تبعات هذه الحرب المستوردة والمجهزة مسبقاً من خارجها , وهؤلاء المجرمون الجدد القادمون من الكهوف قصفوا عدن وبشكل جنوني وعشوائي بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة , قصفوا كل شيء المنازل والمستشفيات والمصافي والموانئ والمطار والمؤسسات الحكومية وحتى المقابر لم تسلم من قذائفهم العشوائية افرغوا حقدهم وأسلحتهم فوق المدينة وسكانها .

عدن منذ الاستقلال عام 1967 يا معالي الوزير لم تقم لها قيامة وحجم التأمر عليها مستمر واليوم في عدن هناك مناطق في قلب المدينة يحذر الأمن من المرور فيها ليلا وكأننا في مدينة " سان بيدرو سولا " ,لأنها أصبحت خطرة جداً وتحدث فيها جرائم مرعبة , عدن اليوم يا معالي الوزير مليئة بالسلاح وفيها الاختطاف والاغتصاب والبلطجة والاغتيالات والمخدرات وكل أسبوع تكتشف النقاط الأمنية في مداخل عدن سيارات محملة بالأسلحة والمخدرات يحاول المهربون إدخالها إلى المدينة لماذا ولصالح من لا احد يعرف , وهناك بعض الأسئلة المحيرة مثل : لماذا مدينة عدن مليئة بالقتلة والمخدرات والسلاح رغم كثرة الأجهزة الأمنية ومنتسبيها ؟ لماذا لا يكشف الأمن في عدن عن هوية اغلب القتلة والمهربين والمخربين المقبوض عليهم ؟ لماذا تزايدت ظاهرة البناء العشوائي دون رقيب أو حسيب ؟ لماذا في عدن تنهب الأراضي و يغير العامل الديموغرافي لصالح أطراف من خارجها عيني عينك ؟ لماذا يحرم أبناء مدينة عدن من الوظائف الحكومية لصالح جيوش من المتخلفين من خارجها من عبدة المال و السلاح والحروب وحملة الشهادات المزورة ؟.

واضح من أمنية معاليك, بأنك لا تعرف الفرق بين عدن الحديثة والقديمة وبين تاريخ الفساد والنزاهة و الوطنية والعمالة فيها , ولا تعرف أن من يسكن في عدن تسكن المدينة قلبه و روحه وينبهر من تاريخها القديم الكبير والجميل والنظيف , وكيف كانت هذه المدينة متقدمة في مجالات عدة على مستوى الإقليم و العالم , وكم من شخصية عربية وأجنبية زارتها إلا و تمنت أن يكون حال عواصمها ومدنها مثل عدن , ولذا أتمنى من معاليك أن ترجع لتاريخ عدن و تقرءاه من جديد لتعرف كيف كان حال عدن و من أوصل هذه المدينة إلى هذا المستوى من الحضيض والتخلف والدمار .