آخر تحديث :الجمعة - 26 أبريل 2024 - 03:55 م

كتابات واقلام


-- وعملت إيه فينا السنين

الخميس - 12 ديسمبر 2019 - الساعة 04:56 م

سعاد خذابخش
بقلم: سعاد خذابخش - ارشيف الكاتب


شارعنا يتحول بعد العصر إلى ساحة للعشاق يتجمع الشباب في ركنه أمام عمارتها مركزين أنظارهم على نافذة غرفتها منهم من يأتي بسيارته وآخر بدراجته النارية وكثير وأنا منهم نمر أمام عمارتها مشياُ على الأقدام كل هذا من أجل أن نخطف نظرة لوجهها الجميل ونفوز بضحكة أو إيماءة منها إنها فتحية جميلة الجميلات في شارعنا..

أتعبتني فتحية حمامتي البيضاء المتمردة..
هي في الأحلام معي لاتفارقنا وأعيش معها في حب وسعادة وهناء وفي الواقع ألهث خلفها من مكان إلى آخر ..

أنا طماع فقد كان يكفي أن أعيش معها في الأحلام سعيداً مرتاحاً إلا أنني رغبت أن تتحقق أحلامي واعيش معها تحت سقف واحد وهذا هو المستحيل بعينه..

حاولت مرة ان أدافع عنها بزجر شابين تحرشا بها ونحن عائدان من الكلية وتعرضت للضرب منهما تركتني فتحية وواصلت سيرها وأنا لملمت نفسي ودفاتري وكتبي وعدت إلى داري حزين ..
كنت في قمة القهر والحزن بسبب موقفها وعدم إهتمامها بما عملته لأجلها..

إكتفت بإبتسامة جميلة في وجهي عندما صادفتها صباح اليوم التالي عند ذهابنا للكلية..
كانت إبتسامتها بلسم فنسيت وجعي وقهري وزادني شغفاً وحباً لفتحية حمامتي البيضاء التي أعشقها..

أعرف ويعرف غيري أن فتحية لم تنشغل أو تتعلق بأي شاب بل كانت توزع الضحكات والإيماءات علينا جميعاً ونحن كنا مرتاحين سعداء بهذا العطاء منها وكل واحد يعيش معها في أحلامه أجمل لحظات عمره وفي الواقع يجد نفسه وحيداً دون وليف ..

فجأة أختفت فتحية ولم نعد نراها قالوا سافرت تدرس وقالوا تزوجت ورحلت إلى خارج البلاد

مرت سنين أختفى فيها نسري الجائع بعدما طارت حمامتي البيضاء الجميلة وأختفت هناك وراء السحب حتى أحلامي توقفت ..

ماكان يخطر على بالي مطلقا أنني سأرى حمامتي مرة أخرى أبداً..أبداً ..

لكنها حضرت إلى عشها القديم سيدة كبيرة في السن برفقة حفيدها الذي كان يقود سيارتها..
هي أخبرتني بذلك بعد أن رأتني أمام منزلنا وأتت إلى جانبي وسلمت وسألت وأنا رديت السلام وسألت وكان حديثا ذو شجون أستعدنا فيه ذكريات مر عليها أكثر من خمسين سنة ضحكت فتحية حين قلت لها : كنتِ حمامتي البيضاء الجميلة والآن التقيك وقد أصبحت دجاجة سمينة بيضاء وأنا ديك أصلع مبلول..

ضحكنا على أيامنا وعلى أفعالنا وعلى شبابنا كما لم نضحك من قبل ..

ودعت فتحية وودعتني وركبت سيارتها وأغنية وردة تصدح من مسجل السيارة..

وعملت إيه فينا السنين؟؟
عملت إيه ..؟؟


سعاد خذابخش خان